صدى الكلمات..الطيبة والنوايا

  • 1/26/2023
  • 21:23
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

خذ بالأسباب كأنها كل شيء…. وتوكل على الله گأن الأسباب، لا شيء.. محمد راتب النابلسي.. حقاً..من القصص التي تستحق القراءة بهدوء.. تقول مديرة مدرسة استوقفتني معلمة الصف الأول وأنا أتجول في المدرسة، وقد بدا على ملامحها الضيق والغضب والحيرة..!! تقول المعلمة : بحدة تحاول إخفاءها عندي تلميذ تصرفاته غير طبيعية، ومستفز، وتعبت معه.. تقول المديرة : ما هي مشكلته..؟؟ المعلمة : دائماً يمسك بوجوه الطلاب عندما يحكي معهم، وحين يحكي معي يقترب من وجهي كثيراً ،أخبرته أن يترك مسافة بينه وبين أي أحد يتعامل معه ولكن من دون فائدة.. تقول المديرة : وبعد نقاش وتفاصيل كثيرة.. استدعيت الطالب، وتحدثت معه لأكثر من عشر دقائق؛ لم يعرني اهتمامه في البداية، ولكن بعد أن عرضت عليه الحلوى اقترب على استحياء، ووضع يده على وجهي وابتسم، ثم غادر.. شعرت أنه لا بد من استدعاء والديه، فطريقته في التواصل مع من هم في عمره وحتى مع معلمته مزعجة وغير اعتيادية.. في اليوم التالي،كنت متأهبة لاستقبال والديه لا بد أن الطفل يتعرض للعنف أو ما شابه حتى لو أنكروا لن أصدقهم بسهولة، من هذه الأفكار والاستنتاجات إلخ إلخ.. وصل والد الطفل، وبدا على ملامحه القلق من استدعائه، ووالدته تمسك بيد زوجها بهدوء وثبات إلى غرفة الاستقبال، وفي نفس اللحظة في ممر الإدارة دخل الطفل مسرعاً إلى حضن أبيه وأخذ يتحسس وجهه وشعره وبضحكة بريئة (بنفس طريقة الطفل مع زملائه ومعلمته}.. قال له الأب :لماذا طلبتني المديرة ماذا فعلت..؟؟ رد عليه ببراءة : لا أعرف يا أبي..!!؟؟ { وخبّأ وجهه بين يدي والده لعله يشعر بالأمان ﴾ هنا ولحظات فقط اكتملت لدي الصورة الحقيقية وأدركت كم من الحقائق المهمة لا نراها.. دخل الوالدان وأنا ألملم أفكاري المشتتة.. فبادرني بالتحية والسؤال : ما هي المشكلة..؟؟ صحيح أنا ضرير لكنني أراه لإبني بقلبي وعقلي كل دقيقة ، وأتابع كل حركاته وتصرفاته.. أدركت حينها أن الطفل يتعلم التواصل مع من حوله من والده الضرير، وأدركت أنه قد تعلم الحب العميق، من يدي والده ومن ملمس وجهه.. حينها بقلب أثقله الدمع، ولسان تلعثم قبل أن ينطق بكلمة، أجبته : إبنك شاطر ومميز ونريد التعرف عليكم لأنكم جزء من تميزه.. بكل نفس يجب أن تتردد هذه الكلمات : كم نحن جهلة حين نحكم على ظاهر ما نراه، ثم تنكشف الحقيقة فنُصدَم من جهلنا وتسرُّعَنا في الحكم.. هذه الحياة لم تأتِ على مزاج أحد، سنعيشها بحلوها ومرها فلا تؤلموا أحداً، فكل القلوب مليئة بما يكفيها ، وإياكم وكسر الخواطر.. فإنها ليست عظاماً تُجبَر بل أرواحٌ تُقهر.. علموا أولادكم على الطيبة في البصيرة والبصر. للتواصل مع الكاتب KhaledBaraket@gmail.com

مشاركة :