أيام في القاهرة قضيناها بين الكتاب وعُشاقه، وفي ربوع القاهرة المزدانة بالوجوه الطيبة، والكلمة الحلوة، والصباحات الدافئة، رغم برودة الطقس إلى الحد الذي يشل الأوصال، بخاصة عند الفجر حين يصدح الأذان في قاهرة المُعز، تشعر بأن الله تعالى يحيط هذا البلد العزيز على قلوبنا برعايته وحفظه، ودوماً نسأل الله تعالى لمصرَ السلم والأمان والاطمئنان، مصر التي في خواطرنا جميعاً مهد حضارة، وكوطن أصالة وتاريخ تليد. في القاهرة، حيث شاركتُ يوم الاثنين الفائت في ندوة مهمة، نظمها المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، وضمن أنشطة «صالون الشارقة الثقافي»، حول «الإبداع الأدبي بصياغة المرأة العربية» -واقع وتجارب- وذلك بمشاركة محمد عطية عضو اتحاد كتّاب مصر، حيث تحدثتُ عن «تجربة المرأة الإماراتية في صياغة المشهد الأدبي الإماراتي»، وشهدت جانباً من الندوة معالي مريم الكعبي سفيرة دولة الإمارات في القاهرة، وجمعٌ من المثقفين والمهتمين بالشأن الأدبي، وتكتسب الندوة أهميتها من أنها أول ندوة ينتقل بها «صالون الشارقة الثقافي» من الإطار المحلي إلى الإطار العربي، وضمن أحد أهم وأكبر معارض الكتب، وهو معرض القاهرة للكتاب في دورته الـ 54. كان معرض الكتاب تظاهرة ثقافية حقيقية، ولأول مرة أذهب إلى معرض كتاب ولا أقتني منه حتى ورقة بيضاء، حيث شدة الزحام لا تترك لك الفرصة للتحرك، أو التنقل بين دور النشر بحرية وسلاسة لانتقاء ما ترغب في اقتنائه من مؤلفات جديدة أو قديمة، كل ذاك الزخم والعدد الهائل من البشر من مدخل المعرض وحتى أروقته الضيقة والواسعة عائقاً من دون الوصول للمبتغى، مما يؤكد قيمة الكلمة، ويعزز من مكانة الكتاب كأهم الأوعية الثقافية التي لا غنى عنها لعشاق القراءة والاطلاع والمعرفة. أُقيم المعرض في منطقة التجمع الخامس، هذه المنطقة الجديدة في التطوير والإنشاءات والبناء، وأنت تعبر عبر شوارعها لا تصدق بأنك في القاهرة التي اشتهرت بازدحام وتزاحم الناس في شوارعها، منطقة متكاملة تم إنشاؤها في محور التجمع الخامس، حيث الفنادق الجديدة الراقية، والمجمعات التجارية التي يُسعد المرء أن يجول فيها من دون إزعاج، أو قطع طريق كما كان يحدث قبل سنوات خلت، إن القاهرة تتنفس من جديد هواء نقياً يدعونا إلى أن نعيش أجواءه في فرح واطمئنان. أما ليالي القاهرة، فهي كما تعودناها عامرة بالسعادة والتفاؤل، ومشرقة بالقلوب المصرية الشقيقة الطيبة، من يمر بالقاهرة وبأحيائها ومدنها وحاراتها سيشعر دون شك بذاك الشعور الدافئ الذي يذكرك بمقولة أثيرة على قلوبها «من يشرب من نيلها لابد يحن ليها ويعود».
مشاركة :