هل تحجب أزمة الدينار أجور الموظفين والمتقاعدين في العراق؟

  • 2/6/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - تسود مخاوف في العراق من عجز الحكومة الاتحادية عن دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والوفاء بالتزاماتها الأخرى المتعلقة بالمنافع الاجتماعية بسبب نقص في السيولة النقدية، لكن مصادر حكومية نفت صحة ذلك وقالت إن لدى المركزي العراقي ما يكفي لدفع الرواتب لأشهر.  وتثقل القيود التي فرضها البنك الفيدرالي الأميركي على مصارف عراقية لكبح تدفق الأموال لوكلاء إيران، على المالية العامة للدولة وتضع حكومة محمد شياع السوداني في مواجهة تحدّ آخر وسط احتقان اجتماعي ناجم عن انهيار قيمة الدولار. ويستعد وفد عراقي برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين لزيارة واشنطن لبحث عدة ملفات يتقدمها ملف القيود الأميركية على المصارف العراقية والتي تسببت في حالة من الاضطراب المالي ونقصا في السيولة. ويعقد السوداني اجتماعا مع قادة قوى سياسية بينها قادة في الإطار التنسيقي الذي يشكل غطاء سياسيا لرئيس مجلس الوزراء وبات أكثر نفوذا في توجيه سياسة الحكومة النقدية مع تمسكه بوجود مؤامرة أميركية تستهدف تقويض الاقتصاد العراقي والهيمنة عليه. ويعتمد العراق على اقتصاد ريعي قائم في نحو 95 بالمئة منه على إيرادات النفط بالعملة الصعبة والتي تحول إلى خزينة الدولة عبر وزارة المالية التي تحول المبالغ المتأتية من صادرات النفط إلى البنك المركزي للحصول على الدينار العراقي لدفع الرواتب والنفقات الأخرى. ويعتقد محللون أن الحديث عن عجز الحكومة عن دفع الرواتب والوفاء بتعهداتها المالية محليا، أمر مبالغ فيه وأن الأمر يتعلق بمسألة سيادية ومن غير الممكن أن تظهر الدولة بمظهر العاجز عن تنفيذ التزاماتها تجاه مواطنيها. وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي فرض البنك الفيدرالي عقوبات على 15 مصرفا عراقيا كما أدرجها على القائمة السوداء لعمليات غسيل الأموال وتهريب الدولار، ما اضطر المركزي العراقي إلى إيقاف نفاذها إلى بيع العملات الأجنبية وتسبب ذلك في انخفاض مبيعات المركزي عبر المزاد للمصارف وشركات التحويل. ونتيجة لذلك أصبح الحصول على الدينار العراقي أمرا صعبا. ونقلت وكالة 'شفق نيوز' العراقية الكردية عن محللين قولهم إن هناك مخاوف جدية تتعلق بشكوك حول قدرة حكومة السوداني على دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين خلال الفترة المقبلة. وبحسب المصدر ذاته قال الخبير الاقتصادي أستاذ علم الاقتصاد بالجامعة العراقية عبدالرحمن المشهداني "الحكومة تبيع النفط بالدولار والبنك المركزي يقوم ببيع الدولار عبر النافذة ويعطي الدينار للحكومة والأخيرة تقوم بتوزيع الدينار كرواتب". وأضاف "منذ أكثر من 3 أشهر انخفضت مبيعات البنك في النافذة إلى مستويات أقل من 100 مليون دولار يوميا وحتى وصلت في بعض الأحيان لأقل من 50 مليون دولار يوميا، وشهريا تصل إلى ما يقارب ملياري دولار في حين تحتاج الحكومة إلى 5.5 مليار دولار لتوزيع النفقات التشغيلية من رواتب وأمور أخرى". ووفق تصريحات الخبير الاقتصادي للوكالة الكردية العراقية فإن "الحكومة والبنك المركزي ليس لديهما مصادر أخرى تمكنهما من تعويض الدينار العراقي لأن الدينار في جيب المواطن العراقي وجميع وسائل البنك من إصدار سندات غير فاعلة، كما أن النظام الضريبي والرسوم الجمركية فاشلة وحتى الحكومة هي غير قادرة على جباية أجور استهلاك الكهرباء". واعتبر كذلك أن "البنك المركزي لم يستطيع أن يخلق ثقافة مصرفية على مدار الـ50 إلى 60 سنة التي مضت، فهناك تخوف وهناك روتين إداري قاتل عند فتح الحساب وعند إيداع المبالغ وسحبها وحتى الفائدة التي يضعها المصرف هي غير مجزية وبالتالي المواطن يفضل وضع المبالغ في البيت بدلا من إيداعها لدى المصارف". لكن الخبير الاقتصادي محمد الحسني قال في تصريح للوكالة العراقية الكردية إن "ما تحدث به البعض لمعالجة ارتفاع أسعار الدولار وتلافي فشل الحكومة في دفع رواتب الموظفين من خلال دفع الرواتب بالدولار هو أمر غير صحيح لأن ذلك يتعلق بالسيادة الوطنية وما يتبعه من مشاكل اقتصادية كبيرة ومن شأن ذلك انخفاض قيمة الدينار أكثر مما هو عليه حاليا". ورأى ان حكومة السوداني لا تبدو عاجزة تماما عن تسديد الرواتب وأن لديها سيولة نقدية تمكنها من المناورة بها لعدة أشهر، موضحا أن لديها القدرة على الاقتراض وبيع سندات كما كانت تفعل في السابق خلال الأزمة المالية في العام 2019. كما نفى مصدر حكومي صحة ما يتم تداوله حول عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، معتبرا ذلك مجرد إشاعات واستنتاجات ضيقة تؤذي الموطن. وبحسب المصدر ذاته قال مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي إن "الدولة لا تنتظر وهي ليست ساكنة من دون إيجاد حلول لجميع المشاكل التي تواجهها"، موضحا أن "لدى الدولة أدواتها العديدة القادرة على إيجاد الحلول سواء الاقتراض أو تشجيع الادخار من خلال رفع الفائدة أو أدوات الدين التي تصدرها الحكومة". وقال إن "هناك عاملان وهما ارتفاع قيمة الدينار وارتفاع سعر الفائدة من شأنهما أن يأتيان بالسيولة النقدية".

مشاركة :