تغيير جذري في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

  • 1/31/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

من الصعب أن لا تتعرض للتشويش في الشرق الأوسط بفعل الحروب في ليبيا وسوريا والعراق واليمن. فقد أجبر عشرات الملايين من السكان على مغادرة منازلهم. وذكريات الغاز المسيل للدموع في عدد من الدول العربية لاتزال حية. وتصدر القادة الشبان من غير ذوي الخبرة المشهد، وظل القادة الكبار والقدامى مترددين بشأن تركه، على الرغم من تناقص القدرات. ووسط كل هذا من السهل أن تغيب الحقيقة القائلة إن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يخضع لتغيير جذري. ومنذ وقت ليس ببعيد، بدا اتجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني واضحاً، والسؤال الوحيد كان في الخط الزمني. جميعنا يعلم كيف ستبدو عليه الاتفاقية النهائية، هذا ما قاله الملتزمون بعملية السلام حتى لو لم يعلموا كيف يوجدون الحركة السياسية للوصول إليها. أبعاد أوسلو ولكن الآن، مرت سنوات عدة منذ أن كانت عملية أوسلو تمثل السلام. وحتى بالنسبة إلى المشككين في أوسلو، فإن البيئة الجديدة ليست حافلة بأخبار جيدة. الكثير من الاسرائيليين الذين شككوا في أوسلو ينظرون إلى العملية على أنها فرصة للعودة إلى وضع أفضل. اتفاقية كامب ديفيد حيدت أقوى عدو لإسرائيل. وعلى الأرض أنشأت السلطات الإسرائيلية علاقات تكميلية مع قادة المجتمع المحلي، أحياناً مع الوجهاء المعروفين محلياً، وأحياناً مع القبائل في القرى الفلسطينية. وعملت إسرائيل مع القوميين أيضاً (وكانوا كلهم تقريباً من الرجال) الذين أرادوا بناء مجتمع حديث. التنافسية بين هذه المجموعات أتت على العديد من المصادر الداخلية، ودور إسرائيل باعتبارها صانعة للقيادات وفر لها أدوات كي تساعد على تحالف القادة المحليين مع الإسرائيليين. وفي الوقت ذاته، ساعد التنافس بين المجموعات على منع نشوء جبهة مشتركة. وانخرط كل من الإسرائيليين والفلسطينيين في إدارة الصراع، وليس في صياغة اتفاقية سلام. وكان هناك عدد قليل من الجداول الزمنية. وبمعنى آخر استمرت الاتفاقات حتى أوجدت اتفاقية للسلام. وبمعنى أضيق أصبح الصراع ممارسة بيروقراطية متكررة وليس حربا متدنية المستوى. وظلت الاستراتيجية فاعلة حتى توقفت. فنشوب الانتفاضة الأولى في ديسمبر عام 1987 كان ثورة عفوية نتجت عن الإحباط. وبدءا من رد الفعل الشعبي على حادث سيارة في غزة، حيث نزل الشباب إلى الشوارع. وفوجئت القيادة الفلسطينية، وعقب أسابيع من الفوضى استخدمت السلطة الفلسطينية كل قواها المحلية للتأثير على الانتفاضة وتوجيهها نحو عملية السلام، بداية في مدريد عام 1991 ومن ثم في أوسلو عام 1993. ومن المغري رؤية أن التنامي الحاد في الهجمات الفلسطينية مشابهاً للثورة الفلسطينية التي يمكن للقيادة السياسية الفلسطينية أن تحتويها. وهذا سبب للتشاؤم. التأثير على الانتفاضة أولاً، قيادة ياسر عرفات الرمزية للفلسطينيين بدت واضحة عام 1987، حتى برغم تعرضها لتحديات كبيرة. وللرئيس الفلسطيني محمود عباس مصداقية أقل وكذلك المحيطين به. وهؤلاء نالوا كل الانتقاد المرتبط بالفساد الذي جاء عقب عرفات، والقليل من الاحترام للتضحية والتفاني. ثانياً، تعرضت القيادة الفلسطينية المحلية للتآكل، لا سيما في الضفة الغربية. القيادات السبعينية ومن هم في الثمانينيات من العمر لم يدربوا الجيل الصاعد من القادة، وأصبحت المؤسسات الفلسطينية أضعف خلال العقديين الماضيين، وليست أقوى. ثالثاً، الانقسام بين الضفة الغربية وغزة أعمق من انقسام عام 1987، ولذلك فإن من الأصعب تخيل كيف يمكن لاتفاقية من ناحية أن تقود إلى أي شيء قد يضع حداً للصراع. وتظل المنظمة فاعلة في الضفة الغربية، وقد تبرهن على قوتها، على الرغم من أن السلطة الفلسطينية بدأت تفقد قبضتها. وبالنسبة إلى كثير من الإسرائيليين فإن اتفاقية أوسلو لم تأت بأي شيء ما عدا البؤس، والعودة إلى إدارة الصراعات مع عدم انتظار أي قرار يبدو عمليا، على الأقل حتى الآن. وبالنسبة إلى كثيرين في القيادة الفلسطينية، فإن الفشل في التوجه نحو تسوية سياسية يجعلهم مجرد وكلاء لأجهزة الأمن الإسرائيلية، ويترك الأمر للإسرائيليين وحدهم كي يحلوا المسألة. وهذه ليست مشكلة فلسطينية فحسب، فإسرائيل لديها مصالح رئيسية في قيادة فلسطينية قوية أيضا، وليس في قيادة ضعيفة ومطيعة. وتحتاج إسرائيل إلى قيادة فلسطينية يمكنها أن تحوز على الثقة، من خلال تقديمها بعض التنازلات الجادة لصالح الفلسطينيين مما يعزز هذه القيادة. شريك تعزيز السلطة الفلسطينية لم يسفر عن ايجاد شريك مفاوض بحسب زعم الإسرائيليين، وادعى بعضهم بأن مرد ذلك هو عدم تخلي الفلسطينيين ابدا عن طموحهم في تدمير إسرائيل. وقالوا إن إسرائيل أقدمت على خطوات عملية أثارت الشك، إلا أنها لم تجعل عملية السلام الحقيقية أقرب. وقد تسمع بعض الإسرائيليين يقولون إن الوقت الذهبي للعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية كان في سبعينيات القرن العشرين وأوائل ثمانينيات القرن ذاته، أي قبل مدة طويلة من عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأراضي الفلسطينية.

مشاركة :