أسيل جندي-القدس المحتلة بادرت وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغيف لاقتراح قانون أطلقت عليه اسم الولاء بالثقافة، والذي سيشترط على المؤسسات الثقافية والمسارح التي تتلقى التمويل من وزارة الثقافة الولاء لقوانين دولة إسرائيل. ويوسع مشروع القانون صلاحيات وزير المالية بسحب التمويل الحكومي من المؤسسات، كما يمنح صلاحيات مشابهة لوزيرة الثقافة فيما يتعلق بتمويل المؤسسات الفنية والثقافية. ويرى حقوقيون أن القانون المقترح يشكل ضربة لكل المؤسسات الثقافيّة في إسرائيل، لكنه يُعدّ استهدافا خطيرا للمؤسسات الثقافية والفنية للمجتمع العربي خاصة، ويسعى لأسرلتها وحرمانها من هويتها الثقافية الفلسطينية. وفي رسالة بعثتها المحامية سوسن زهر من مركز عدالة لحقوق الإنسان لرئيس لجنة المعارف في الكنيست تطالبه فيها بالعمل الفوري لوقف اقتراح القانون، أكدت فيها أن مشروع القانون يمس بشكل جارف بحرية الإبداع والإنتاج الفني، والتي تشكل جزءا لا يتجزأ من الحق الدستوري بالتعبير عن الرأي، وأضافت أن طلب إعلان الولاء لإسرائيل هو اعتبار سياسي يُمنع إقحامه بحرية الإبداع في المضامين الفنية. تداعيات المقترح وفي حديثها للجزيرة نت أشارت زهر إلى أنه في حال تمرير مشروع القانون سيغلق العديد من المؤسسات الثقافية العربية، أو قد يؤثر على ميزانيتها بشكل كبير، وأضافت أنه حسب القانون الإسرائيلي والدولي هناك محاولة للمس بحرية التعبير عن الرأي وما تتضمنه من حقوق، كما يمس حرية التعبير عن الرأي السياسي، بما أن الشرط الوحيد الذي يُمكّن المؤسسة من الحصول على ميزانيات من الدولة هو تقديم الولاء لها، بالإضافة للمس بالحق في المساواة وتوزيع الميزانيات بشكل عنصري. وأشارت زهر إلى أن اقتراح القانون يتناقض بشكل جذري مع تعليمات المستشار القضائي للحكومة الصادرة في أغسطس/آب الماضي، والتي تمنع بشكل قطعي الوزيرة أو أي هيئة سياسية أخرى من التدخل بالمضامين الفنية والثقافية للمؤسسات التي تتلقى دعما ماليا حكوميا. وعن توقعاتها بمصير اقتراح القانون قالت زهر نستطيع أن نلمس مدى التصميم والإلحاح الموجود لدى الوزيرة ريغيف لتمرير هذا القانون، لكن ما زالت هناك إجراءات ومراحل القراءات الثلاث، ولا نستبعد أن يُمرر وفي حال تم ذلك سنتوجه في مركز عدالة للمحكمة العليا لنساند في خطواتنا القانونية الحراك الشعبي الذي بدأ يظهر لمواجهة هذا المشروع. ولاء مزيف من جانبه قال الأديب والمسرحي سلمان ناطور إن المحاولات الإسرائيلية لطمس الثقافة الفلسطينية لم تبدأ من عهد الوزيرة ميري ريغيف بل منذ الاحتلال في عام النكبة 1948، حيث تمت تصفية كل المظاهر الحضارية للشعب الفلسطيني بدءا بالطراز المعماري وهدم القرى واستهداف الشجر، بالإضافة للترويج لثقافة سلطوية تتبناها السلطة الإسرائيلية عبر صحف ومجلات، في محاولة لإنشاء تيار ثقافي أدبي عربي يتماشى مع السياسة الإسرائيلية. وحول القانون المقترح، أكد ناطور أنه بناء على المعايير التي وضعت فيه فلن يتمكن أي مثقف أو مبدع أن ينتج ما يعبر عن ذاته كفلسطيني، لأن كل ما يتعلق بالثقافة في الداخل الفلسطيني هو تعبير عن دواخل الشخص باعتباره ابن هذه الأرض، والمقاوم الذي يحلم بحياة كريمة ويدافع عن حقه بها، وفي حال فرض القانون لاحقا فإن هذه المعايير ستختفي وسيكون الولاء للدولة والشخصية النقيضة للإنسان الفلسطيني، هذا ولاء مزيف ويحد من قدرة المثقف على الإبداع. وتوقع ناطور أن تكون هناك ردود فعل قوية في حال إقدام وزارة الثقافة الإسرائيلية على تجفيف الميزانيات المقدمة للمؤسسات الثقافية العربية، والتي تصل إلى 20 مليون شيكل (5 ملايين دولار)، مؤكدا على ضرورة الرد على هذه السياسات بالسعي لتمويل المؤسسات بشكل ذاتي وعدم الاعتماد في ذلك على الحكومة الإسرائيلية.
مشاركة :