تعليق ((شينخوا)): المنافسة لا ينبغي أن تكون العنصر المهيمن في العلاقات الصينية الأمريكية

  • 2/18/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أورد الرئيس الأمريكي جو بايدن اسم "الصين" خمس مرات في ثاني خطاب له عن حالة الاتحاد مساء يوم الثلاثاء، وهو أكثر من ذكره لأي دول أخرى أو مناطق خارج الولايات المتحدة. وقد سلط ذلك بالفعل بعض الضوء على مقدار الثقل الذي تمنحه واشنطن لعلاقاتها مع بكين. غير أن الطريقة التي حاول بها الزعيم الأمريكي تحديد العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب التعامل الميلودرامي الأخير للإدارة الأمريكية مع حادث منطاد الأرصاد الجوية الصيني، زادت من مخاوف العالم بشأن وجود علاقات ثنائية مضطربة لا تؤثر بشكل كبير على كلا البلدين فحسب، بل على العالم الأكبر أيضا. "نحن نسعى للمنافسة"، "للتنافس مع الصين"، "الفوز في المنافسة" -- في ظل سرد عنيف كهذا، يبدو أن الصين توضع في لعبة محصلتها صفر حيث يجب للولايات المتحدة أن تخرج وسوف تخرج منها بصفتها المنتصر الوحيد. في السنوات الأخيرة، تتصاعد في واشنطن المخاوف بشأن وجود صين أقوى من ذي قبل-- ويرون أن النمو المطرد للصين صار لا يُحتمل على نحو متزايد، كما يهدد تفوقهم العالمي. على الرغم من أن الإدارة الأمريكية الحالية تعهدت مرارا بأن الولايات المتحدة تحترم النظام في الصين، ولا تسعى إلى حرب باردة جديدة، ولا تسعى إلى تنشيط تحالفات ضد الصين، وأنه ليس لديها نية لخوض صراع مع الصين أو احتواء الصين، إن ما فعلته يشير إلى الاتجاه المعاكس. الرئيس الأمريكي جو بايدن يلقي خطاب حالة الاتحاد أمام الكونغرس في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، 7 فبراير 2023. (شينخوا) فمن أجل احتواء الصين، استخدمت واشنطن كل عنصر تقريبا في صندوق أدواتها، سواء كانت حملات التشويه أو العقوبات أو سياسات التكتل. فقد روجت لأكاذيب حول سجلات الصين في مجال حقوق الإنسان، ومكافحة الجائحة، والتنمية المشروعة، وأساءت إلى سياساتها الداخلية والخارجية، لتأجيج نيران العداء تجاه بكين؛ وفرضت حظرا غير مبرر على شركات التكنولوجيا والأفراد الصينيين، للحفاظ على هيمنتها السيبرانية والاقتصادية؛ وتحاول ربط بلدان أخرى بعربتها التي تهاجم الصين، وبناء ما يسمى بتطويق المحيطين الهندي والهادئ حول الصين. واسترشادا بنسختها الخاصة من مبدأ "أمريكا أولا"، وقعت إدارة بايدن على قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم في أغسطس الماضي. ويهدف القانون إلى "خفض التكاليف، وخلق فرص عمل، وتقوية سلاسل التوريد، ومواجهة الصين"، وفقا لما جاء في صحيفة وقائع نُشرت على الموقع الرسمى للبيت الأبيض على الإنترنت. وبعد ستة أشهر تقريبا، تحركت الإدارة إلى حد أبعد لوقف الصادرات الأمريكية إلى شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي، متجاهلة المخاطر التي سيحدثها القرار على سلاسل الصناعة والتوريد العالمية. وفي محاولة للضغط على أفريقيا لمواجهة ما يسمى بـ"نفوذ الصين"، روج مسؤولون أمريكيون كبار مجددا لمؤامرة "فخ الديون" خلال جولتهم في أفريقيا، دون الاكتراث برفاه القارة. في عام 1972، أصدرت الصين والولايات المتحدة بيان شانغهاي، معترفتين بوجود استعداد توافقي رئيسي لدى الجانبين إلى السعى لإيجاد أرضية مشتركة مع تنحية خلافاتهما جانبا ووضع أساس سياسي لتنمية العلاقات الثنائية. وعلى مدى سنوات، أكدت أسماء كبيرة من الجانبين مجددا دعواتهم إلى تعاون ثنائي أكبر وأفضل. وعلى مدى عقود من الزمان، عاد التعاون في مختلف القطاعات بفوائد عظيمة على كل من الشعبين الصيني والأمريكي. وعلى الرغم من التوترات الثنائية ولهجة فك الارتباط، سجلت تجارة السلع بين البلدين رقما قياسيا بلغ 690.6 مليار دولار أمريكي في عام 2022، وفقا للبيانات الرسمية الأمريكية الصادرة حديثا. هذه الصورة الملتقطة في 3 فبراير 2023 تُظهر البيت الأبيض في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة. (شينخوا) ولكن من المؤسف أن واشنطن تنجرف بعيدا عن الإجماع المعترف به على نطاق واسع بشأن التعاون. لقد أفسدت حلاوة المنافسة الصحية، وأصبحت كلمة "منافسة" مرادفا للمواجهة. وكما نقلت مجلة ((الإيكونوميست)) عن المسؤول التجاري الأمريكي السابق وليام راينش قوله في مقال رأي لها نشرته في منتصف يناير، فإن واشنطن انتقلت من سياسة "الركض بشكل أسرع" إلى سياسة "الركض بشكل أسرع ومحاصرة الآخر"، وهو أمر لا يمكن لأي دولة كبرى مسؤولة أن تفعله. من المتوقع أن تستفيد الصين والولايات المتحدة من التعاون وأن تخسرا من المواجهة. وإن نجاح كل منهما يشكل فرصا وليس تحديات لكل منهما الآخر والعالم كبير بما يكفى لتنمية الدولتين وازدهارهما معا. ومن أجل مصلحة الجميع، على واشنطن الاعتراف بهذه الحقيقة حول أهم علاقات ثنائية في العالم، والتخلي عن منطق لعبة محصلتها صفر، ونبذ سياستها العدائية تجاه الصين، سواء بحجة "المنافسة" أو غيرها. إن الأمر يتطلب حكمة سياسية وفكرا سليما لرؤية الصورة الأكبر للعلاقات الصينية الأمريكية التي يمثل فيها التعاون العنصر المهيمن.

مشاركة :