سؤال القارىء ورأي المبدع في 'مأدبة السرد'

  • 2/18/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

حظينا في الأیام القلیلة الماضیة مع قسوة البرد وتكشير الشتاء لأنيابه بعطلة مفاجئة في ظل أجواء شتوية أحبذها علی الرغم من ‌أنها إقترنت بتساقط الثلوج وما رافقها من تدنّ لدرجات الحرارة الأمر الذي أدّی بالكثير منّا الی بقاء إجباري في المنزل. غیر أنّ المكوث في البیت تحول إلی فرصة سانحة للاستمتاع بقراءة کتاب "مأدبة السرد"  للكاتب والناقد والأديب والصحفي كە یلان محمد الذي صدر من دار قناديل العراقية في عام 2022، فبدا الکتاب کمتنفس الشتاء لي لكونه کتابا رائعا من حيث محتواه الغني بالمعلومات مما یجعله جدیرا بتخصیص الوقت لقراءته. ولمن لم یقرأه بعد، فإنّ الكتاب عبارة عن مجموعة حوارات مع نخبة من المثقفين والأدباء تضمنت کل من أنعام كجه جي وسنان أنطوان وسعد محمد رحيم ومها حسن ولينا هويان الحسن ورشا عدلي وكاتيا الطويل. وكمال الرياحي وشكري المبخوت، أم زين بن الشيخة المسكيني وهيلان الشيخ.. ويحسب لهؤلاء المشاركين في المأدبة إضافاتهم النوعية للحراك الروائي وبأن لهم مساهمة فاعلة في الأخذ بفن الرواية نحو مثابات جديدة كما  يشهد لهم بمساع حثيثة للتنفس إبداعياً خارج الصياغات والأنساق المستهلكة لذلك فمن الطبيعي أن تكتسبَ نتاجاتهم ثقة القراء على المستوى. وفق كه يلان محمد في فتح قوس الحوار على نطاق أوسع بحيث يغطي آراء المبدعين في معظم البلدان العربية بدءاً من العراق مروراً بسوريا وفلسطين ومصر وصولاً إلى مصر والمغرب والجزائر وهذا ما يزيدُ الكتاب قيمةً وأهميةً. لقد تمكن محمد من خلال أسئلة تتعلق بصنعة الرواية وحيثيات الكتابة، من إظهار الخصوصية الإبداعية لدى المشاركين في الحوار وتحدید رٶاهم وأفکارهم الإبداعیة وهو ما امتاز به الکتاب وبات من التقییمات البارزة التي أوردتها المواقع الالکترونیة في تعریفها للکتاب بغیة تشجیع القراء المحتملین للإنضمام الی کل من سبقهم بالإستمتاع من تلك المأدبة الکتابیة. وبالنسبة لي فإن الطریقة المتبعة في إعداد الکتاب وهي المقابلة الصحفية تؤكدُ من جديد بأنَّ المقابلة هي واحدة من أهم الأدوات، إن لم تكن الأهم، المستخدمة في الوصول الی المعلومات والإسهاب في معلومة حصلنا عليها من قراءة النصوص وتوضيح الحقائق ورؤية الأشياء من أكثر من منظور ومشاركة القارئ مع الأديب. وفي هذا السیاق یعتقد د. عبدالستار جواد في كتابه "فن كتابة الاخبار" بأن جودة المعلومة التي نحصل عليها من المقابلة الصحفية تعتمد بشكل كبير علی مقدار الإستعداد لهذه المقابلة. فمن المهم معرفة خلفية الموضوع الذي تتم تغطيته وهي تماما ما قام صاحبنا بتحقیقها إذ نجد أنفسنا بأننا امام المحاور النموذجي الذي یتصف بثقافة واطلاع ودراية تامة بتقنيات الرواية واسرار فن كتابة هذا النوع من النثر الادبي، فضلا عن شعور المرء بأنه لابد وأن قرأ کافة الروايات التي دار بشأنها بندول الحوار. ويبلغ عدد المجتمعين على هذه المأدبة 25 روائيا وروائية وكل مشارك يدلي بدلوه حول أجندته في حديث يمتدُ إلى فتح درج النتاجات الأخری كالدراسات  في مجالات النقد والفلسفة والتصوف، وهذا دليل على ادراك کە يلان محمد وثقافته الواسعة بالأسئلة، كما یناشدنا د. عبد الله الغذامي لکي نتحلی بتلك المهارة الأدبیة في "ثقافة الأسئلة - مقالات في النقد والنظرية، الثقافة التلفزيونية - سقوط النخبة وبروز الشعبوي". خاتمة القول، یمکن أن ننظر إلی مأدبة السرد کمدخل رئيسي واساسي لمن يهتم بزمن الرواية كما يقول د. جابر عصفور واسرار وتقنيات حديثة ومستقبل هذا الفن ونصائح وارشادات للراغبین بسبر أغوار هذا العالم المليء بالأسرار.  وأرجو التوفیق و النجاح الدائم للزميل والصديق كە يلان محمد الذي هو أحد خريجي قسم اللغة العربية بجامعة السلیمانية وهو إضافة إلى الحوارات الأدبية يواصل استجواب المفكرين والكتاب العرب المؤثرين في المشهد الثقافي بمغامراتهم وفتوحاتهم المعرفية.

مشاركة :