في حضرة الدم ! | أمل زاهد

  • 2/2/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كما قال محمود درويش ذات قصيدة ؛ في حضرة الدم يخجل الحبر ويتراجع .. أجد قلمي اليوم خجلاً متعثراً ، فماذا يستطيع أن يقول في حضرة الدم ، وأمام قامات شهداء الوطن والمصابين من المواطنين ورجال الأمن ؟! ماذا يستطيع أن يقول أمام هيبة الدم وقداسته حتى لو امتلك كل ما في اللغة من بلاغة ؟! أين هي الكلمات .. وأخشى ما أخشاه أن يبلد التكرار إحساسنا ، وأن يقتل تعوُّد المشهد مشاعر الألم والغضب داخلنا ، وأن نطبّع - دون وعي منا- مع حدوثه، كما حدث في أوطان أخرى ليست عنا جغرافيا ببعيدة ! وهل يستطيع القلم أن يقول جديداً دون أن يقع في فخ التكرار، وماحدث يوم الجمعة الماضي سادس جريمة إرهابية آثمة تقع في مكان مقدس ، وزمن مقدس على أرض الوطن، منذ جريمة الدالوة بالأحساء ؟! فكرت- حقيقة- أن أضع فقرات من مقالاتي التي كتبتها بعد تفجيرات القديح والعنود ومسجد الطوارىء بعسير وسيهات ونجران، فماذا أستطيع أن أقول اليوم عن جريمة مسجد ( الرضا ) بالأحساء أكثر مما قلته من قبل ؟! فرغم الجهود الأمنية الجبارة المبذولة ، لازلنا نراوح مكاننا في قضية محاربة الفكر التكفيري المفرخ للإرهاب ، والنبتة الداعشية «الخفية» التي تظهر حيناً في لحن القول «التبريري» الذي يتنصل من المسؤولية ويبرىء الذات -بالمطلق- متلحفاً بالمؤامرة ، وحيناً آخر في الخطابات الفضفاضة التي تظهر الشجب والاستنكار إبان الحدث وتبطن التعاطف والمؤازرة ، أو التحريض «المبطن» بتكفيرها للمختلف مذهبياً أو تخوينه ، حتى لو لم تذكر فعل القتل أو التفجير صراحة ! فأصل الشر كما كتبت هنا من قبل تفخيخ العقول ، وأس البلاء هو أن نترك في بيتنا الداخلي ثغرات مكشوفة ، يتسلل منها من يعبئ أبناءنا ضدنا، ويحرضهم لينهشوا لحومنا ! ثم نضرب يداً بيد متحسرين على الابن الذي خُطف ، ثم لا يجد الأب المكلوم المصدوم وسيلة - كما حدث في الجريمة الأخيرة- إلا التوسل بسبب غيبي يفسر له سرقة الإرهاب الداعشي لابنه ، ويا أيها السحر المظلوم كم من جريمة تنسب إليك وتختفي وراءك ؟! هل أستطيع أن آتي بجديد ؟! والمشهد يعيد استنساخ نفسه كما حدث أول مرة ، وتكاد تتكرر أحداثه -بمافيها ردود الفعل -، والتي تتسم بالتعاطف الشديد والتكاتف وقت الحدث، لتذوي وتخبو بعد فترة وجيزة ، كنتيجة طبيعية بعد أن يهدأ الحدث . ثم لا يلبث المحرِّضون العودة لشحن الأجواء وتعبئتها من جديد، مستغلين المناخات السياسية المحتدمة ، وقابلية إخضاع كل حدث للتسييس في وقتنا الحالي ، غير مكترثين بسلم الوطن ووحدة صفه ، وأهمية تقوية جبهتنا الداخلية وتماسكها لقتل الفتن في مهدها ، وإخراس كل صوت حاقد ! نعم لابد للقلم أن يخجل في حضرة الدم ، ولا بد أن يتلعثم لأنه يعيد تكرار نفسه ، فالكراهية لا زالت حرة طليقة دون قانون تجريم ونظام وحدة وطنية ، يلجم المحرضين ويأخذ على أيديهم ! amal_zahid@hotmail.com

مشاركة :