لا شك أننا جميعًا نتمنى أن تضع الحرب أوزارها سريعًا؛ فاستقرار اليمن السياسي وسلامُه مطلبُنا الأبرز. وما أن تنتهي الحرب حتى يبرز التحدي الأكبر وهو تثبيت دعائم الاستقرار في اليمن مدعومًا بدولة القانون والمؤسسات. كتب أحد الأكاديميين ورقة ضافية بعنوان (اليمن من الاحتضار إلى الحياة) في ٢٠٠٩ مشخّصًا فيها الحالة اليمنية التي يتمظهر فيها ضعف الدولة العربية في أسوأ حالاته؛ ويرجع أسباب تردي الأوضاع في اليمن إلى أزمة بنيوية في العلاقة بين السلطة والمجتمع. فالسلطة القائمة على الإقصاء والتهميش والمركزية، وانتفاء العدالة في توزيع الثروات؛ وعدم إشراك المجتمع كلية أو بعض قواه في المسؤوليات وصناعة القرار بالتوازي مع تفشي الفقر والبطالة والتخلف؛ يشكل بيئة خصبة لتنامي وفعالية قوى العنف فيه. وهو بذلك لا يشكل خطرًا على نفسه فقط؛ ولكن عدم الاستقرار وفشل الدولة واحتضارها لابد أن ينعكس على دول الجوار أيضًا. في الحقيقة تستحق ورقة الكاتب التأمل والدراسة المعمقة؛ كونها لا تشخص فقط الداء، وتستقرئ واقع اليمن حينها -والذي تنامى بالطبع بعد ذلك حتى انفجرت الأوضاع ووصلت لمآلاتها الأخيرة- ولكنها تطرح كثيرًا من الأسئلة وتضع خارطة طريق لحلول تخرج باليمن من الاحتضار إلى الحياة. من الممكن طرح ما جاء في الورقة للنقاش والبناء على ما جاء فيها؛ للخروج باليمن من ظلمة الاقتتال والتشرذم واستقواء جماعة الحوثيين بإيران إلى شمس الاستقرار السياسي والرخاء. ولا شك أن يمنًا سعيدًا ينعم بالسلام والعدالة والازدهار الاقتصادي سينعكس على وطننا الحبيب ودول الخليج، ودولتنا بثقلها السياسي في المنطقة قادرة على التأسيس لهذا الاستقرار. يقترح الكاتب قيام دولة اتحاد فيدرالية في اليمن خاصة بين شماله وجنوبه، بحيث تقوم مؤسسات اتحادية (سلطة تشريعية، وتنفيذية، وقضائية) بدستور اتحادي على مستوى اليمن كله. وفي الورقة تفصيلات لرؤيته عن كيفية قيام هذا الاتحاد. يأتي الاقتراح الثاني بقبول اليمن عضوًا كامل العضوية في مجلس التعاون الخليجي، وتحويل مسمّى الأخير إلى: مجلس التعاون لدول الجزيرة العربية. فيما يتجلّى اقتراحه الثالث بالمساهمة في تكوين بيئة اقتصادية حيوية ومستقرة في اليمن؛ وذلك بضخ الأموال والاستثمارات الخليجية سواء من القطاع العام أو الخاص؛ والدفع بمشروعات استثمارية منسقة مشتركة أو فردية لاستغلال القوة البشرية الشرائية والاستفادة من طاقاتها الكبيرة. طرح أيضًا الدكتور شفيق الغبرا من خلال برنامج (في العمق) رؤيته لآفاق الحلول السياسية في اليمن؛ وهي رؤية عميقة تستحق التوقف عندها. وأكد على أهمية عدم التهميش والاقصاء لكافة الفعاليات؛ واحتواء المطالب الشبابية التي انبثقت من انتفاضة ٢٠١١؛ فعجلة أحلام الشباب الذين ناضلوا لا يجب أن تعود للوراء. amal_zahid@hotmail.com
مشاركة :