مرتفعات اليمن تفوح برائحة القهوة من جديد

  • 2/26/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

صنعاء ـ بحماس واضح يخصص المزارعون في مرتفعات حراز قرب العاصمة اليمنية صنعاء مزيدا من الأراضي لزراعة البن للمساعدة في المحافظة عليه كمنتج تصدير له قيمة مادية مرتفعة. ويقتلع المزارعون في حراز أشجار القات، وهي مادة مخدرة معتدلة يتم استهلاكها محليا على نطاق واسع بهدف تحقيق الاسترخاء، لزراعة البن مكانها. وتقع حراز على بعد نحو 90 كيلومترا جنوب غربي صنعاء مع قرى جبلية محصنة تتشبث بقمم صخرية لا يمكن الوصول إليها تقريبا على ارتفاع ثلاثة آلاف متر فوق مستوى سطح البحر. ويقول المزارع أصيل الوهاب من منطقة وادي مسار بيت القانص "‏نقتلع شجرة القات ونغرس البن، لأن تجارة البن أصبحت أحسن وأفضل ونمت في هذه السنوات القليلة الماضية". وأضاف "رجعنا إلى الأصل، أصل أجدادنا الأولين، نقتلع شجرة القات التي تضيع الوقت وتضيع المال، فهذه المنطقة من أحسن مناطق البن". ولفت فهد الشهاري أحد منتجي القهوة اليمنية "دائما نبحث عن أعلى تقييمات وأفضل أنواع البن، فهذه المنطقة في غربي حراز مسار (وادي) تعتبر من أفضل المناطق التي ننتج منها القهوة ودائما تعطينا تقييمات عالية وكانت أكثر العينات الفائزة في 2022 في المزاد الوطني من هذه المنطقة". لكن يعاني هذا المنتج اليوم الكثير من المشكلات على الرغم من حدوث تطور نسبي في زراعته في السنوات الماضية، إلا أن ذلك لم يغير كثيرا من واقع معاناته مقابل اكتساح زراعة نبات القات لكثير من المساحات في مناطق الزراعة الجبلية، فتراجع البن اليمني حتى بات شبه غائب عن سوق البن العالمية، نتيجة لانحسار زراعته. ويُزرع البن في اليمن في مناطق المرتفعات الوسطى والغربية والجنوبية الواقعة على ارتفاع يتراوح بين 700 إلى 2400 متر فوق سطح البحر، حيث المناخ الدافئ والرطب، وكذلك في مناطق يتراوح منسوب مياه الأمطار فيها ما بين 40 سنتيمترا إلى متر، وفقا لبيانات رسمية. ورغم معاناتهم من نقص الماء يُقبل المزارعون على العودة لزراعة أشجار البن، ومن هؤلاء محمد الخولاني مزارع بُن في مسار بيت القانص الذي قال "‏نحن الآن في منطقة مسار بيت القانص ‏في رأس الوادي، حيث نعاني من قلة الماء للبن، وهو ما يسبب‏ تأخير البن إلى هذا الوقت، مقارنة بأسفل الوادي الذين أنهوا قبل شهرين، في حين نحن نكافح بسبب نقص الماء، ومع قدوم البرد الآن سيتلف أكثر البن". وأدت الحرب المستعرة في البلد منذ ثمانية أعوام إلى تدهور مستوى الإنتاج المحلي. ويدمر الصراع الدامي في اليمن البنية التحتية لشبكة المياه ليعاني الملايين دون مياه صالحة للشرب أو لزراعة المحاصيل. ويعاني اليمن من نضوب واسع للآبار الارتوازية وشح المياه ومع ذلك طغت زراعة القات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه على معظم المحاصيل المهمة التي من الممكن أن تعود على خزينة الدولة بالعملة الصعبة في وقت تشهد فيه البلاد أزمات اقتصادية وإنسانية قد تدفعها إلى حافة المجاعة، بحسب الأمم المتحدة. وزادت زراعة القات خلال السنوات القليلة الماضية ويقدر أنها تستهلك ثلث موارد المياه الجوفية ومعظم الأراضي الصالحة للزراعة في اليمن. ومع أن العديد من المزارعين يقتلعون أشجار القات العطشى ويستبدلونها بالبن، فإن القات والبن يتزاحمان في المدرجات المحيطة بالقرى الجبلية العالية في حراز. وتاريخيا، كان البن واحدا من أكثر السلع ذات القيمة النقدية المرتفعة في اليمن، لكن مع سنوات الحرب والحصار تراجعت تجارة البن وتصديره في أنحاء البلاد. وبحسب تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة العام الماضي، فإن اليمن ينتج حاليا كمية قليلة نسبيا من البن تُقدر بنحو 20 ألف طن سنويا مقارنة مع إنتاج إثيوبيا الذي يبلغ 400 ألف طن. وأوضح التقرير أنه على الرغم من زيادة عائدات تصدير البن اليمني من 8.5 مليون دولار في 2016 إلى 17 مليون دولار في 2019 فإنها لا تزال منخفضة. وينتج اليمن العديد من أنواع البن مثل الإسماعيلي والحرازي والحيمي والخولاني والعديني وهي من بين أكثر من 40 نوعا من البن المنتج في البلاد. ويقول أمين العزب الباحث في مجال الموارد الوراثية للبن بالمركز الوطني للأبحاث الزراعية "‏في الحقيقة اليمن يمتلك أكثر تنوع وراثي للبن موجود في العالم. نحن في اليمن، أستطيع أن أقول لك (…) نحن الآن نسجل 44 تركيبا وراثيا أو سلالة أو صنفا، 44 الآن نحن نسجلها، لكن هل هي كل ما في اليمن؟ لا. اليمن غني جدا، ما زالت هناك مناطق كثيرة جدا لم نصل إليها".

مشاركة :