تونس - أكد أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية) نورالدين الطبوبي اليوم الثلاثاء عزم المنظمة على المضيّ في مبادرة الحوار الوطني وأن مواقفها واضحة لإخراج البلاد من المناخات المتوترة، مضيفا أن الاتحاد ليس في صف أي طرف سياسي في رد على محاولات استقطابه من طرف المعارضة. ويأتي تصريح الطبوبي بعد أن سلكت المواجهة بينه وبين قيس سعيد منعرجا خطيرا، إثر التصعيد الذي أبداه الاتحاد بهدف دفع السلطة إلى الاعتراف به شريكا سياسيا لرسم خارطة الطريق للمرحلة المقبلة وهو ما يرفضه الرئيس التونسي ويرى فيه مساسا بشرعية مسار 25 يوليو/تموز. وقال الطبوبي خلال افتتاح اجتماع المكتب التنفيذي الموسّع لاتحاد الشغل بمدينة الحمامات جنوب العاصمة تونس إن المنظمة تدعو إلى حوار شفاف ومسؤول يفضي إلى نتائج، مشيرا إلى أن الاتحاد قدم 8 مطالب لرئاسة الحكومة بهدف عقد جلسات بخصوص اتفاقات تم توقيعها سابقا وتهم 27 قطاعا دون تلقي رد. وشدد على أنّ "مبادئ الاتحاد في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة واضحة ولا نحيد عنها"، مضيفا "مهام الاتحاد واضحة ووطنية لا يثنينا عنها التشويه ولا التهجم ولا الافتراء"، قائلا إن "الاتحاد جبل شامخ لا تهزه أي رياح عاتية على مدار التّاريخ". ولفت إلى أنّ "التّاريخ سيسجل لكل إنسان مواقفه الثابتة والتاريخية في هذه الفترة التي تمر بها تونس وأنّ الاتحاد بفكره التقدمي قادر على أن يساهم مع كل قوى الخير في إخراج البلاد من أزمتها". وفيما يتعلق بحملة الاعتقالات الأخيرة قال أمين عام اتحاد الشغل "نحن مع المحاسبة العادلة ضمن قضاء مستقل لا يأخذ تعليمات من أحد ونريد دولة قانون ومؤسسات بأتم معنى الكلمة"، موضحا أن المنظمة العمالية ترفض المحاكمات الشعبية وتحترم قرينة البراءة. وتابع "نحن لسنا في صف أي أحد لدينا رؤيتنا وكل مواقفنا نابعة من مؤسسات الاتحاد ولا أحد يزايد علينا في نبذنا للعنف ورفضنا للإرهاب"، مستغربا الهجمة الموجهة على الاتحاد إثر توجيهه "تحية لكل المعتقلين السياسيين" خلال الكلمة التي ألقاها أثناء تجمع 4 مارس/آذار، قائلا إن الكلمة أخذت أكثر من حجمها وتغافلت الأطراف التي تستغلها عن أنها تهدف إلى التضامن مع من يتقاطع مع الاتحاد في مواقفه لا في من يدعم أو يتورط في قضايا إرهابية. وقال إن "كل الحكومات السابقة حاولت تقليم أظافر الاتحاد وحتى المعارضة هذه المرة تتوعد المنظمة العمالية بسبب اختلاف في المواقف"، موضحا "نقول لهؤلاء سلطة ومعارضة حذار لا أحد يقلم أظافر الاتحاد". وذكّر بأن المبادرة التي أطلقها الاتحاد فرضتها الأوضاع السائدة وتداعيات المناكفات السياسية، قائلا إن السلطة اعتبرتها جريمة وأغلقت الباب أمام الحوار، مشيرا إلى أن المنظمة العمالية تحركت من أجل إنقاذ البلاد ولا تنافس على السلطة بل هي قوة خيرة. وتابع أن "المسيرة متواصله أحب من أحب وكره من كره"، لافتا إلى أن الاتحاد سيسهم مع كل القوى الحية في إخراج البلاد من أزماتها. وكان الرئيس قيس سعيد قد جدد خلال لقائه الاثنين وزير الداخلية توفيق شرف الدين تمسكه بضرورة تفكيك كل شبكات الفساد وفرض احترام القانون، في وقت يواجه فيه ضغوطا على أكثر من واجهة منذ إعلانه عن قراره بفتح ملف المحاسبة وانطلاق حملة الإيقافات التي شملت العديد من الشخصيات في قضايا مختلفة تتراوح بين الفساد والتآمر على أمن الدولة. ويبدي سعيّد خلال لقاءاته الأخيرة بمسؤولي الدولة تمسكا بتطبيق القانون ووضع حد لحالة الإفلات من العقاب التي تفشت خلال العشرية الماضية، محملا الموقوفين مسؤولية الإضرار بمصالح الدولة وتأجيج الأوضاع عبر افتعال الأزمات. وأكد "أن الذين كانوا يدّعون الاضطهاد ويتبادلون الشتائم والتهم صاروا اليوم حلفاء"، مشيرا إلى أنهم "كانوا منذ البداية حلفاء ويتظاهرون أمام عدسات المصوّرين بأنهم أعداء"، مشددا على ضرورة محاسبة الذين أفسدوا وخالوا أنفسهم فوق كل مساءلة أو حساب. وكان الاتحاد قد أطلق في أواخر ديسمبر/كانون الأول مبادرة حوار وطني مع عدد من مكونات المجتمع المدني للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد بمشاركة مع كل من الهيئة الوطنية للمحامين ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، لكن الرئيس سعيد قابلها بتجاهل تام ما أدى إلى تأجيج التوتر بين الطرفين. وتشهد تونس أزمة سياسية منذ بدأ الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021 شملت حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وفيما تعتبر قوى تونسية تلك الإجراءات تكريسا لحكم فردي مطلق، فإن أنصار المسار الحالي يرونها تصحيحا لمسار ثورة 2011. تونس - يصعد الاتحاد العام التونسي للشغل (اكبر منظمة عمالية) من تحركاته في مواجهة سياسات الرئيس قيس سعيد من خلال تنظيم مظاهرة السبت مستعرضا قوته بعد إجراءات صارمة اتخذتها السلطات بحق المعارضين في الآونة الأخيرة فيما يشدد سعيد على رفض مشاركة أجانب في تحركات المنظمة العمالية. وامتلأ شارع الحبيب بورقيبة بعدة آلاف من المحتجين الذين رفعوا لافتات كُتب عليها "لا للحكم الفردي" ورددوا هتاف "حريات حريات دولة البوليس وفات (انتهت)" في إشارة على ما يبدو إلى حجم الخلافات بين المنظمة العمالية والرئيس وسياسة لي الأذرع التي يمارسها الاتحاد. ونُظمت المسيرة بعد أسابيع من اعتقالات استهدفت معارضين بارزين لسعيد في أول إجراءات صارمة كبيرة وذلك بعد اتهام عدد منهم بالفساد او التآمر على امن الدولة وتأتي بعد يومين من تنظيم إضراب القطارات. وقال نورالدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل أمام الحشود "سنواصل الدفاع عن الحريات وكل الحقوق ومهما كلفنا ذلك.. لا نخشى السجون والاعتقالات". وأضاف "أحيي الحقوقيين والسياسيين في سجن المرناقية" في إشارة للموقوفين في الآونة الأخيرة وذلك في خطاب يشير إلى وقوف قيادة الاتحاد مع شخصيات معارضة اتهمت بالتآمر. وحذّر الرئيس التونسي الجمعة "الاتحاد العام التونسي للشغل" من مغبة التسامح مع مشاركة أجانب في تظاهرة ينظمها السبت. يأتي هذا التحذير غداة إعلان الاتحاد أن ماركو بيريز مولينا، القيادي النقابي الإسباني، مُنِع من دخول تونس للمشاركة في هذه التظاهرة. وشدد سعيّد خلال مقابلة مع وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي حسب فيديو نشره موقع الرئاسة على أن "الاتحاد العام التونسي للشغل حرّ في تنظيم تظاهرات لكنه ليس حرّا في دعوة أجانب للمشاركة" فيها. وأضاف "البعض يريد دعوة أجانب للمشاركة في تظاهرات في تونس وهذا أمر غير مقبول"، مؤكّدا أن بلاده "ليست أرضا بلا سيّد". وفي 18 شباط/فبراير أمر سعيّد بطرد الأمينة العامة للكونفدرالية الأوروبية للنقابات إيستر لينش بسبب تصريحات وصفتها تونس بأنها "تدخل فاضح" خلال مشاركتها في تظاهرة للاتحاد في محافظة صفاقس (وسط شرق). ويقول سعيد إن تصرفاته قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من الفوضى ولا تعد انقلابا. إجراءات صارمة واتسمت انتقادات الاتحاد العام التونسي للشغل لخطوات سعيد بالبطء في بادئ الأمر بينما وصفتها الأحزاب السياسية بالانقلاب لكن الاتحاد ذا النفوذ بدأ في معارضة الرئيس بوضوح مع تجاهل الرئيس للاتحاد ولاعبين آخرين. واعتُقل مسؤول كبير في الاتحاد الشهر الماضي لأنه نظم إضراب في محطات تحصيل الرسوم على الطرق السريعة مما دفع صحيفة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى القول إن سعيد أعلن الحرب على الاتحاد وأعضائه البالغ عددهم مليون عضو. ويشير حجم المسيرة اليوم السبت إلى أن اتحاد الشغل ما زال يمثل خصما قويا لكن سعيد المدعوم شعبيا تعهد بمكافحة الفساد دون استثناء أي طرف في اشارة الى الاتحاد. وقد تتصاعد احتمالات الغضب الشعبي في ظل الأزمة التي يعاني منها اقتصاد تونس واقتراب مالية الدولة من شفا الإفلاس ونقص السلع الأساسية. وألقت الشرطة القبض على أكثر من عشرة شخصيات بارزة من المعارضة على مدى الأسابيع القليلة الماضية ومعظمهم على صلة بائتلاف أحزاب ومحتجين يخطط للخروج في مسيرة غدا الأحد ووجهت إليهم اتهاما بالتآمر ضد أمن الدولة. ومن بين المعتقلين في الأسابيع القليلة الماضية سياسيون من حزب النهضة الإسلامي الذي كان أكبر حزب في البرلمان المنحل وزعماء جماعة احتجاج ومدير إذاعة موزاييك إف.إم أهم وسيلة إعلام مستقلة في البلاد ورجل أعمال بارز.
مشاركة :