أمريكا والفجوة الإنتاجية متزايدة الاتساع «1من 2»

  • 3/10/2023
  • 23:12
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعاني الولايات المتحدة مشكلة تتعلق بالإنتاجية، وإن كان مستحيلا إدراك هذا أبدا بمجرد النظر إلى الصناعات التي تنتج السلع والخدمات المتداولة على المستوى الدولي. ولأن هذه السلع والخدمات لا تشكل سوى ثلث الناتج المحلي الإجمالي وتمثل ما يزيد قليلا على 20 في المائة من تشغيل العمالة، كما هي الحال عادة في الاقتصادات المتقدمة، فمن المهم أيضا أن نضع في الحسبان القطاع غير القابل للتداول الذي يؤلف الثلثين المتبقيين من الاقتصاد. يشمل القطاع القابل للتداول في الاقتصاد الزراعة، وزراعة الغابات، وصيد الأسماك، والتصنيع -إنتاج السلع، إما كمنتجات نهائية أو وسيطة- الذي شكل في 2021 ثلث القيمة المضافة القابلة للتداول. يضم القطاع القابل للتداول أيضا الخدمات مثل مشاريع البحث والتطوير، والاستشارات، والمعلومات، وقسما كبيرا من التمويل. في مجموعها، تمثل الخدمات نحو ثلثي القيمة المضافة القابلة للتداول، وهي الحصة التي تزايدت خلال العقدين الأخيرين. تحسب القيمة المضافة لأي شركة أو صناعة عن طريق طرح المدخلات المشتراة مثل الطاقة والمنتجات الوسيطة مع استثناء العمل ورأس المال، من إجمالي المبيعات بالدولار. ومن الممكن فهمها على أنها القيمة الناشئة عن الجمع بين العمل ورأس المال. ثم تسجل هذه القيمة كدخل للعمالة "لتشكل الحد الأعلى لمتوسط تعويض الموظفين في القطاع" وعوائد لأصحاب رأس المال. وعلى هذا فإن القيمة المضافة عن كل موظف تشكل مقياسا لإنتاجية العمل. وفي القطاع القابل للتداول في أمريكا، ارتفعت بشكل مطرد على مدار العقدين الأخيرين في كل من التصنيع والخدمات، لتصل في 2021 إلى ما يقرب من 185 ألف دولار "بقيمة الدولار في 2012". خلال الفترة ذاتها بلغ نمو الإنتاجية في هذا القطاع ما يقرب من 3 في المائة في المتوسط. لو صح ذلك في الجزء غير القابل للتداول من الاقتصاد بما في ذلك قطاعات العمالة الضخمة مثل الحكومة، والرعاية الصحية، وتجارة التجزئة التقليدية، ومرافق الراحة والترفيه والإقامة، وخدمات الطعام، والتعليم، والبناء، فلن يجد أحد سببا للقلق بشأن الإنتاجية. لا توجد طريقة مناسبة لقياس إنتاجية الحكومة، لأن الأسواق لا تحدد سعر القيمة المتولدة عن الخدمات التي لا تباع في عموم الأمر. ولأغراض المحاسبة، تقاس القيمة المضافة للحكومة بتكاليف العمل ورأس المال، على افتراض أن آليات الاختيار الجماعي الديمقراطية ستزيل الخدمات التي تتجاوز تكلفتها الفوائد المتصورة. لكن هذا النهج لا يقدم لنا رؤية واضحة للإنتاجية: فحقيقة أن القيمة المضافة عن كل موظف حكومي تنامت ببطء شديد بنحو 0.25 في المائة في المتوسط على مدار عقدين من الزمن، تعني أن تكاليف العمل ورأس المال نمت في المتوسط بوتيرة نمو تشغيل العمالة ذاتها تقريبا. لكن في بقية أجزاء الاقتصاد غير القابل للتداول، يمكننا قياس نمو الإنتاجية، وستكون النتائج استنادا إلى البيانات الخاصة بكل صناعة من مكتب التحليل الاقتصادي لتشغيل العمالة والقيمة المضافة الحقيقية "بمليارات الدولارات المقيدة بقيمتها في 2012"، مختلفة تمام الاختلاف عن الصورة القابلة للتداول وبعيدة كل البعد عن كونها وردية: 0.57 في المائة فقط سنويا على مدار الـ20 عاما الأخيرة. ويدل هذا على مستويات إنتاجية أقل من المتوسط، وفي أغلب الحالات نمو إنتاجية منخفض إلى متوسط في قطاعات تشغيل العمالة الضخمة. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.

مشاركة :