خلال 2021 وظف قطاع الضيافة الأمريكي 12 مليون شخص، فكانت القيمة المضافة لكل موظف في هذا القطاع 41355 دولارا -أقل من ثلث المتوسط الوطني البالغ 130 ألفا- وكان نمو الإنتاجية 0.26 في المائة. ويوظف قطاع الرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية 20 مليون شخص، بقيمة مضافة لكل موظف تبلغ 73624 دولارا ومعدل نمو إنتاجية يبلغ 0.71 في المائة. وفي قطاع البناء، كانت الأرقام 7.6 مليون موظف، بقيمة مضافة 87425 دولارا، وكان معدل نمو الإنتاجية 1.21 في المائة بالسالب. لم تكن الفجوة بين القطاعات القابلة للتداول وغير القابلة كبيرة دائما، بل على العكس من ذلك. وفقا للإحصائيات البيانية، كانت إنتاجية العمل نحو 100 ألف دولار عبر قطاعات الاقتصاد جميعا في 1998، لكن بحلول 2021، بعد أكثر من عقدين من الزمن من التباعد المطرد، كانت القيمة المضافة لكل موظف في القطاع القابل للتداول ضعف المستوى في القطاع غير القابل للتداول تقريبا. بحكم التعريف، لا يوجد عرض أو طلب خارجي في القطاعات غير القابلة للتداول، وبالتالي لا توجد منافسة خارجية أو تخصيص. ولهذا يجب أن يتم إمداد هذه القطاعات من قبل كيانات داخلية أو حتى محلية. الأمر ببساطة أن جانبي العرض والطلب يجب أن يتطابقا. مع ذلك، تعاني أجزاء عديدة غير قابلة للتداول من الاقتصاد -بما في ذلك كل الأجزاء ذات العمالة الضخمة- نقصا في العمالة. يرجع هذا جزئيا إلى عوامل مثل الإجهاد، وقضايا تتعلق بالسلامة، والتعويضات المنخفضة، والافتقار إلى المرونة، التي تدفع العمال بعيدا عن هذه الوظائف. لكن فجوات المهارة تلعب أيضا دورا في هذا الصدد. وعلى هذا، فإن إزالة الحواجز التي تحول دون اكتساب المهارات عالية المستوى والدخول المرتفعة تشكل عنصرا حاسما في أي أجندة للتحول البنيوي. لن ينخفض الطلب على خدمات الرعاية الصحية، والضيافة، والبناء. لذلك، قد تؤدي القيود المفروضة على المعروض من العمالة إلى ارتفاع الأجور والأسعار، وزيادة الدخول وإنتاجية العمل القابلة للقياس إلى حد ما. لكن يجب بذل مزيد من الجهد لتعزيز نمو الإنتاجية في القطاعات منخفضة الإنتاجية، وبالتالي تخفيف قيود العرض، التي من المنتظر أن تؤدي الشيخوخة السكانية إلى تفاقمها. كانت التكنولوجيات الرقمية من المحركات المهمة لنمو الإنتاجية في صناعات سريعة التوسع. ونظرا إلى الاختراقات الحديثة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي، تتوافر كل الأسباب التي تحملنا على الاعتقاد بأن هذه الحال ستستمر. لكن التقدم في قطاعات الخدمات والتصنيع رفيع المستوى وحده لن يكون كافيا. بل يجب تطبيق هذه التكنولوجيات القوية أيضا في أقسام الاقتصاد ذات القيمة المضافة المنخفضة، والأجور المنخفضة، ونمو الإنتاجية المنخفض. نظرا إلى القيود المفروضة على المعروض من العمالة والصدمات الاقتصادية -المرتبطة على سبيل المثال بتغير المناخ والبيئة الطبيعية والعوامل الجيوسياسية- فإن الحجة لمصلحة التدخلات المعززة للإنتاجية واضحة. ما لم يستخدم صناع السياسات خليطا من الاستثمار والحوافز لعكس اتجاهات الإنتاجية السلبية، فستحقق الولايات المتحدة نموا متواضعا في أفضل تقدير. والأسوأ من هذا أن النمو الذي ستتمكن من تحقيقه سيكون شديد التفاوت، وسيستبعد كثيرون من الحصول على فوائده. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.
مشاركة :