أمريكا اللاتينية .. الفقر والمرض «1من 2»

  • 10/11/2022
  • 23:43
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يتمتع أهل أمريكا اللاتينية بمواهب عديدة. إحدى هذه المواهب قدرتنا غير العادية على تضليل أنفسنا، كما أوضحت الجائحة. الواقع أن ست دول من 20 سجلت أعلى معدل وفيات بمرض فيروس كورونا 2019 كوفيد - 19، قياسا على نصيب الفرد في العالم، تقع في أمريكا اللاتينية. تتصدر بيرو القائمة وتحتل البرازيل المرتبة الثامنة. أجل، ساعد الفقر، ونقص الأسرة في المستشفيات، والمساكن المكتظة، على انتشار الفيروس، لكن هذه العوامل وحدها من غير الممكن أن تفسر لماذا كان أداء المنطقة سيئا إلى هذا الحد. تعاني دول عديدة في آسيا وإفريقيا المشكلات ذاتها، لكن معدل الوفيات لديها قياسا على نصيب الفرد أقل. حتى الدول التي حصنت الناس في وقت مبكر، مثل شيلي ـ أو التي عدت قصة نجاح عندما ضربها الفيروس في البداية، مثل أوروجواي ـ انتهى بها الحال إلى أداء متواضع. مرة أخرى، تستعد أمريكا اللاتينية لقيادة العالم ـ هذه المرة، في الفشل الاقتصادي بعد الجائحة. نعمت المنطقة ببضعة أرباع من التعافي القوي، بدعم من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، لكن محرك النمو بدأ يتعثر بالفعل في عديد من الدول. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تكون أمريكا اللاتينية أبطأ مناطق العالم نموا في 2022. ما يزيد الطين بلة أن الخسائر تبدو دائمة، حيث خلص تقرير صادر للتو عن صندوق النقد الدولي عن المنطقة، إلى أنها في الأرجح لن تعود أبدا إلى مسار نصيب الفرد في الدخل الذي كان متصورا قبل الجائحة. على النقيض من هذا، يتوقع الصندوق أن تقترب الاقتصادات المتقدمة سريعا من العودة إلى مسارات ما قبل فيروس كورونا. تؤكد نظرية النمو الاقتصادي النمطية أن الدول الفقيرة ينبغي لها أن تلحق بالدول الثرية تدريجيا. الواقع أن أمريكا اللاتينية تـعـد الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، إذ إنها ستزداد تأخرا في المستقبل المنظور. في الماضي، كان اقتصاد المنطقة يعاني كلما انخفضت أسعار السلع الأساسية. هذه المرة، سيعاني خلال ما يبدو أنه طفرة صغيرة في السلع الأساسية. يرجع جزء من السبب إلى أن تباطؤ نمو الإنتاجية والدخل من المشكلات القديمة التي طال أمدها. فمنذ السبعينيات إلى التسعينيات من القرن الـ20، فوتت أمريكا اللاتينية سفينة التصنيع الموجه للتصدير الذي جعل دول منطقة شرق آسيا غنية. وفي القرن الـ21، أهدرت أمريكا اللاتينية فرصة طفرة الازدهار في سلاسل الإمداد التي استفادت منها دول من بلغاريا إلى فيتنام. ترتبط المكسيك بشدة بسلاسل التوريد في أمريكا الشمالية، لكن هذا لا ينطبق على اقتصادات أمريكا الجنوبية الكبرى مثل الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا. تهدد الندوب الاقتصادية التي أحدثتها الجائحة بإضعاف النمو الاقتصادي الطويل الأجل بدرجة أكبر. بفضل السلوك الأناني إلى حد مذهل من جانب نقابات المعلمين، التي رفضت إعادة فتح المدارس بعد فترة طويلة من عودة العمال في قطاعات أخرى إلى وظائفهم، أبـعـد تلاميذ أمريكا اللاتينية عن الفصول الدراسية لمدة 48 أسبوعا في المتوسط أثناء الجائحة. في اقتصادات ناشئة ونامية أخرى، كان الرقم 30 أسبوعا فقط. استمر الأطفال المنتمون إلى أسر موسرة والقادرون على الوصول إلى التعلم عن طريق اتصالات النطاق العريض في التعلم من منازلهم، أما أطفال الأسر الفقيرة فلم يتمكنوا من الاستمرار. وسيدوم التأثير المتخلف عن ذلك على الإنتاجية في أمريكا اللاتينية لعقود من الزمن ـ ويجعل فجوة التفاوت في الدخل أشد سوءا. يتسبب انهيار الاستثمار أيضا في دفع النمو إلى الانخفاض. كشفت دراسة اقتصادية حديثة في تشيلي أن 70 في المائة من الشركات علقت خططها للتوسع. ليس من الصعب فهم الأسباب. ففي الأسبوع ذاته الذي أجريت فيه الدراسة، جرى تخريب وسط مدينة سانتياجو، بينما عـلـم أهل شيلي أن مرشحا من اليمين المتطرف انضم إلى أحد اليساريين المتطرفين على رأس استطلاعات الرأي قبيل الانتخابات الرئاسية في الـ21 من تشرين الثاني (نوفمبر).. يتبع. خاص بـ"الاقتصادية" بروجيكت سنديكيت،

مشاركة :