بوصلة الاهتمامات الأمريكية تغيرت

  • 12/23/2013
  • 00:00
  • 72
  • 0
  • 0
news-picture

الإعلام الأوروبي والأمريكي بدأ حملة ضد المملكة، وقائمة الاتهامات طويلة أهمها وأقربها، قبول محكمة أمريكية لعريضة استئناف قدمتها مجموعة من عوائل ضحايا 11 سبتمبر 2001، وتناولت اتهامات بالتمويل المالي لتنظيم القاعدة، وبالتالي فالدولة مطالبة بتعويضهم على هذا الأساس، رغم أن قضية الدعم السعودي استبعدت تماما منذ زمن لأنها غيـــر موجودة، وربما استغلت بعض الأعمال الخيرية في توجيه الأموال لجماعات الإسلام السياسي في السابق، وهو احتمال تنبهت له الحكومة السعودية وحاصرته بالكامل وفرص حدوثه حاليا ضيقة جدا ما لم تكن معدومة، ثم إن مجرد تحريك موضوع أصبح في حكم المنتهي يطرح استفهامات كثيرة، ولا يمكن أن تكون السياسية وحساباتها خارج دائرة المسؤولية. بجانب أن محطة «برس تي في» والصحافة الممولة من إيران سوقت لفيلم متحامل ضد التاريخ السعودي والدعوة السلفية، عرض في لندن وبيروت ودمشق، ومخرجه المحسوب على النظام السوري، دخل أخيرا في حملة دعائية هدفها في المقام الأول لفت الأنظار إلى الفيلم، واستثماره في خدمة الراهن السياسي داخل سوريا وفي محيطها، واختارت الصحافة الألمانية مهاجمة المملكة من قناة ناقلها الوطني، وأشارت إلى إلغاء ناد رياضي من أندية الدرجة الثانية في ألمانيا، لعقد رعاية مع الخطوط السعودية بعد رفضها إصدار تذاكر لمسافرين يحملون الجنسية الإسرائيلية، واتهمها رئيس النادي بالتمييز العنصري، وقد فاته أن اليهود من مختلف الجنسيات ليسوا محلا لأي منع، وأن الأعراف الدولية تكفل رفض استقبال الرحلات أو الركاب لكل الدول إذا كانت من دولة لا ترتبط معها بعلاقات ديبلوماسية، والأمر سيادي ولا يقبل النقاش أو الأحكام الجاهزة والمجانية. قبل ما ذكر وبعد اعتذار المملكة عن مقعدها في مجلس الأمن، ولأسباب من بينها الفيتو والمواقف الباردة أمام الأزمات العربية، قامت قيامة الإعلام الغربي، وتكلم عن حقوق الإنسان وقيادة المرأة السعودية للسيارة، وكأن الحقوق تقبل التجزئة أو تختلف بحسب الموقع الجغرافي، وطبقا لقربها وبعدها من مصالح إسرائيل، وقد نشر الدبلوماسيون السعوديون ورجال السياسة العرب، وجهات نظر لا تعجب واشنطن ومن سار في خطها، وبعض الشخصيات السعودية وصفت مداولات مجلس الأمن بجلسات الفضفضة وأنها لا تقدم أو تؤخر، وأكدت أن المملكة ترحب بمساندة الدول المؤثرة ولكنها ستعمل على حفظ استقرار المنطقة ولن تنتظرها طويلا. ينقص المملكة وبقية الدول العربية جماعات ضغط ومؤسسات بحثية تمثلها في المجتمعات الغربية، ومخاطبة الغربيين بلغاتهم وفي صحافتهم مفيد ويوصل رسائل مهمة، إلا أنه يحتاج لذراع داعمة تعيد الإرسال بأساليب وصيغ مختلفة، ومن منابر لها وزنها ويؤخذ بها في صناعة القرارات الغربية، ولعل الهجوم المتكرر ليس شرا مطلقا بقدر ما فيه إشارة إلى فشل غربي مستمر في خلق واقع جديد يناسب طموحاته وتطلعاته، ما يعني أن المملكة نجحت نسيبا في إدارة الدفة لمصلحتها، واستفادت من الأخطاء الأمريكية والأوربية ومخرجات الربيع العربي ولم تخسر مثلما يتصور خصومها. المراقبون يعتقدون أن سياسة أمريكا وحلفائها تمر بمرحلة تحول كبيرة في الأولويات، وأن بوصلة الاهتمامات الأمريكية ستتجه في المستقبل إلى جنوب شرق آسيا أو الشرق الأقصى بدل الشرق الأوسط، وأن الأخير لا يقبل إلا استثناء واحدا ووحيدا يدور حول أمن إسرائيل، والتركيز على ملف إيران النووي، واعتباره محور ارتكاز لمحادثات جنيف المقبلة يعزز هذا الافتراض، وبالتالي فالإنسان العربي لا يحضر ولا تكون له قيمة في ذهنية السياسي الغربي إلا عندما يتعلق حضوره بمكاسب مباشرة، وفي رأيي، من المناسب عربيا التفكير في مخارج طوارئ تنسجم وهذه المعطيات..

مشاركة :