كانت القرية التراثية في مدينة الذيد مساء أمس الأول على موعد مع تجلي القصيدة التي أثارت نشوة الجمهور الكبير الذي أتى من كل أنحاء الذيد لمتابعة أماسي مهرجان الشارقة للشعر الشعبي في دورته الثانية عشرة، وذلك بحضور عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام ومدير مركز الشارقة للشعر الشعبي راشد شرار، أدار الأمسية الشاعر علي العبدان، وشارك فيها الشعراء ظاهر الكتبي من الإمارات، وناصر الغيلاني من عمان، وحبيبة زقاط من الجزائر، والطيب الهمامي من تونس. المسافة باتجاه (الذيد) التي استقبلت الشعراء بكرم معهود واحتفاء عالٍ، ومشاركة فاعلة، لم تذهب هدراً، إذ رد الشعراء جميل الترحاب والعطاء الأخلاقي غير المعهود، بأجود أشعارهم، فقد انطلق ظاهر الكتبي يبوح بمشاعره التي لا يحدها حد، وهو يقول: تختلف الأفكار في بحر المشاعر والفكر حاير م بين أرضه وجوّه والقصيد لمسمع الجمهور ساحر يوم قيفانه تسامت من سموّه كن فيني من رواة الشعر كادر كل واحد من علوّ إلى علوّه كل منهم في بحور الشعر شاطر ساريٍ مع فكرته خطوة بخطوة مثلها مثل النبات بعود ضامر كل ما اسقيته يزيد العود قوّة شاعرٍ نظمه بذكر الرب زاخر يطلب الله رحمته، هديه وعفوه. كما أبدع ناصر الغيلاني صاحب قصيدة (المنابر) مفتخراً بالإمارات والشارقة، لينوّع في قصائد وجدانية، يقول: أقول جرحي طاب واثره بعدني شافوه في صفحة زماني واكابر ثارت أكابر كانوا الأمس لا شي واليوم طاحت فوق روس الأكابر قصّوا عن حبال العطش مدّة الري وضلوعهم سجّان يبني عنابر فيها الحسد قاضي على الشمس والفي عزيزها مجبور والذل جابر ما راح يخذلني طموحي وانا حي لو تخذل اجساد العباد المقابر ما جيت عابر في طريقٍ ما هو لي أنا لجل نفسي اخترعت المعابر قضيت عشر سنين وزيادة شوي والحيّة الرقطا مثل منت خابر يا مثابر وصاحبك ما راعه الكي من عقب سمّ انيابها يا مثابر هذا أنا قدّامك ولي أثر حي ما بين ردهات القلم والمحابر ذوق النصيحة يا مثابر كما هي خلاصةٍ أرمي بها كل سابر. الجولة التي تبعتها جولات، قرأ فيها الشاعر الطيب الهماني مقطوعات حملت أشواقه واحترافه في قول الشعر، فقد مدح الشارقة معترفاً باستحقاقها للمدح: رد جميل يا فارس الخيل يا سلطان يا فصيح اللسان ليقرأ من الغزل: صوتك موسيقى وألحان وخطواتك للشعر قوافي وقدّك من وحي السبحان وروحك فيه السر الخافي تخيلتك زهرة ياسمين وعصفور الجنّة بحذاه لقيتك أجمل من الآخرين أحلى مالزهرة وشذاها تسحر في الدنيا ملايين بحس رهيف وقلبك صافي تصورتك نجمة قطبية وانت النجمة ما تضاهيك ضويت ليالي شتوية بعدين ما ضوت ليالي قمرة جميلة متعليّة بليل ربيع وجوّك دافي مهما رسموك الرسامة حتى الريشىة تحس بغيرة انت جميلة سمحة تتسامى أسمى من سحر التصويرة. الشاعرة حبيبة زقاط قرأت: حبيبي حبك ساكن المكنون لكان من غيرك شغلي بالي كل شيء يا عزيزي يهون إنت نغمتي وأشعاري وموالي في هواك فكري غايس مسجون مكان غيرك في عيوني غالي يا قمر لي ضوء سما هالكون إذا غبت تظلام الدروب قبالي أنا بيك ديما خاطري مشطون أنا بيك نفخر عالبنات تعالي كم سألوني عليك: ويش تكون؟ نقولهم ملاك الله رسله هالي. الشاعرة زقاط أبدعت، حيث لا ينفع غير صوت الأنثى الذي لم يعد خفيضاً أو محبوساً، وهي تستمد حواراً غاية من الحزن كان مع والدتها ذات مكاشفة واستذكار: حكت لي أمي كيف عدّو أيام صعاب تحكيلي ودموعها غطّت الخدود قالتلي يا بنتي ذقنا العذاب وعفسنا عالجمر والكتاب موعود لكن قدرة ربنا الواحد وهاب عطانا عزيمة وصبر فاتت كلّ حدود. الشاعر راشد شرار ألقى قصائد تصويرية مملوءة بالإحساس والمشهديات، ليشارك الشاعر من (الذيد) سعيد سيف الطنيجي بأشعار تغنت بالإمارات وحملت كلّ هذا الحب للضيوف والمبدعين، كما حملت أشجان الشاعر التي استثارتها الأغاني المنطلقة من حناجر صافية وحركات منتظمة لمبدعين عرّفوا الضيوف العرب بفنون الإمارات العريقة الضاربة في الجذور في مجال الغناء والشعر.
مشاركة :