أصدرت الحكومة البريطانية يوم الاثنين (تحديث المراجعة المتكاملة لعام 2023: مواجهة عالم أكثر تنافسا وتقلبا). ومع وصفه الصين بأنها "تحد محدِد للعصر" بالنسبة للنظام الدولي، أخذ هذا التقرير يروج مرة أخرى لرواية "التهديد الصيني"، ويتدخل في الشؤون الداخلية للصين، ويشوه سمعة الصين بشأن القضايا المتعلقة ببحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان. إن الأسباب وراء استمرار بريطانيا في تصعيد العداء تجاه الصين متعددة، وأبرزها محاولاتها لتحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن عجزها عن حل مشكلاتها الداخلية. فقد ضرب الصراع الروسي الأوكراني أوروبا بشدة وتحملت بريطانيا العبء الأكبر في هذا الصدد، حيث تواجه وضعا أشد قسوة من الدول الأوروبية الأخرى. وباعتبارها واحدة من أسوأ الاقتصادات أداء بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في العام الماضي والبلد الوحيد في مجموعة السبع الذي فشل في العودة إلى مستويات ما قبل الجائحة، فإن بريطانيا معرضة بشكل كبير لخطر الانزلاق في جولة أخرى من الركود الاقتصادي هذا العام، مع تسجيلها لتضخم لافت للنظر تتجاوز معدلاته 10 في المائة حتى الآن. وقد أدى تعثر الاقتصاد إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية. وأصبحت الاحتجاجات والإضرابات شائعة الحدوث في بريطانيا اليوم. وتمزق المجتمع المفكك بالفعل. كما تبتلع بريطانيا، التي تعاني من صراع سياسي مستمر وانقطاع التواصل بين النخبة والبريطانيين العاديين، الثمرة المريرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وأدى التغيير السريع لرؤساء الوزراء الجدد في حكومة المحافظين إلى تقويض مصداقيتها وخفض معدل دعمها إلى أقل من 30 في المائة. وفي ظل هذه الظروف، من الصعب للغاية أن تعترف حكومة المحافظين بخطأ النظام السياسي، ولا يمكنها أن تعترف بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان خطأ، ناهيك عن الاعتراف علنا بعدم كفاءتها. ومن ثم، فإن بريطانيا تجد أنه من الأسهل بكثير أن تنسب فشلها إلى عوامل خارجية، متبعة في ذلك خطى حليفتها الولايات المتحدة، من خلال نسب كل شيء إلى ما يسمى بـ"التهديد الصيني". والسبب الثاني هو أن تعهد الحكومة البريطانية بتحقيق "بريطانيا عالمية" ثبت تدريجيا أنه وهم. وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو أكبر سوق موحدة، واضطراب علاقاتها مع كل من روسيا والصين، يبدو أن بريطانيا، التي لا تتمتع بمصداقية تذكر في البلدان النامية، ليس لديها خيار آخر سوى الاعتماد على دعم الولايات المتحدة. ولكن في نظر واشنطن، تراجعت قيمة بريطانيا بشكل كبير في أعقاب بريكست. ولم تول الولايات المتحدة حتى الآن سوى القليل من الاهتمام لاتفاقية التجارة الحرة الثنائية التي تنتظرها بريطانيا بشدة. حتى أن بريطانيا، في محاولة لكسب رضى واشنطن، اضطرت إلى القيام ببعض "الأعمال القذرة" لصالح الولايات المتحدة. وهذا هو السبب الذي يجعل بريطانيا تقفز أعلى من غيرها في القضايا المتعلقة بالصين. لقد ولت الأيام الخوالي للإمبراطورية البريطانية. إذ ذكر جنرال أمريكي بارز أن الجيش البريطاني لم يعد يُنظر إليه على أنه قوة قتالية رفيعة المستوى، بينما اعترف وزير الدفاع البريطاني بن والاس بأن الجيش البريطاني "مجوف ويعاني من نقص التمويل". ولدى إشارته إلى أن "القوات المسلحة البريطانية مشلولة بسبب أوجه القصور والانكماش"، قال ماكس هاستينغز، الصحفي والمؤرخ العسكري البريطاني، إنه إذا لم تعمل الحكومة البريطانية على جعل الخدمة العسكرية تحظى بجاذبية وتقدير أكبر، فإن الوحدات القتالية للجيش ستظل "مجوفة". كل هذا يشير إلى أن القوة الخشنة لبريطانيا أقل بكثير مما تدعي. علاوة على ذلك، فإن عددا كبيرا من سلوكيات بريطانيا لا ترقى بأي حال من الأحوال إلى المرتبة الأخلاقية العالية التي وضعت نفسها فيها. فلا تنسوا كم عدد الصراعات الجيوسياسية التي زرع البريطانيون بذورها ذات يوم في جميع أنحاء العالم. ولقد دفعنا هذا إلى طرح السؤال التالي: هل تهتم بريطانيا حقا بأوكرانيا أو شعبها حين تتبع خطى واشنطن في حث العالم على اتخاذ إجراءات صارمة ضد روسيا. وبالمثل، فإن تدخل بريطانيا في مسألة تايوان لا يشكل بأي حال من الأحوال اهتماما حقيقيا من جانبها بالسلام والاستقرار الإقليميين. وهذه، على أية حال، قصص التنويم المغناطيسي الذاتي. وكلما انهمكت بريطانيا في اتباع الطريق الخاطئ، زاد انحرافها. ملاحظة المحرر: وانغ شوه، أستاذ بكلية العلاقات الدولية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين. الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وكالة أنباء ((شينخوا)).■
مشاركة :