من بول تيلور بروكسل (رويترز) - عندما توجت إيران والولايات المتحدة تطبيق الاتفاق الذي قلص برنامج طهران النووي بتبادل سجناء في الشهر الماضي كان سياماك نامازي بين المحتجزين الذين توقع البعض أن تطلق السلطات الإيرانية سراحهم. فقد ورد اسم نامازي رجل الأعمال الذي يحمل الجنسيتين الامريكية والإيرانية ضمن قائمة من أربعة سجناء ينتظر الإفراج عنهم نشرتها وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية وموقع تابناك الإخباري في 16 يناير كانون الثاني يوم تنفيذ الصفقة. لكن جرى سحب اسمه مع اعتذار دون تقديم أي تفسير لذلك. وقال جون كيري وزير الخارجية الأمريكي للصحفيين في اليوم التالي إنه تلقى تعهدات من إيران بحل قضية نامازي. غير أن نامازي الذي يعمل في دبي ويبلغ من العمر 44 عاما وكرمه المنتدى الاقتصادي العالمي باعتباره من القيادات العالمية الشابة مازال يقبع في سجن إيفين بطهران الذي يقول نزلاء سياسيون سابقون إن التعذيب شائع فيه خلال عمليات الاستجواب. ويقول أصدقاء مقربون له إن حالته تدهورت. وفي الوقت الذي تعلن فيه إيران عن صفقات بمليارات الدولارات مع شركات أوروبية كبرى ترسل قضية نامازي رسالة تثير الرعدة في أبدان مواطنيها المغتربين في الخارج الذين يأملون أن يكون لهم دور في الانفتاح الاقتصادي في أعقاب رفع العقوبات. فبدلا من الترحيب بعودتهم لما اكتسبوه من مهارات وما حققوه من صلات دولية ربما ينتهي بهم الحال خلف القضبان أو ربما أسوأ من ذلك. ولم توجه اتهامات إلى نامازي بارتكاب أي مخالفات وقد امتنعت السلطات القضائية الإيرانية ردا على استفسارات من رويترز عن تقديم أي تفسير رسمي لاستمرار احتجازه. وسئلت وزارة الخارجية الأمريكية عما تبذله من جهود لضمان إطلاق سراحه فامتنعت عن التعليق على قضيته بالتحديد استنادا إلى مخاوف تتعلق بخصوصياتها. وقال سام وربرج المسؤول الصحفي بمكتب الشؤون الإيرانية الحكومة الأمريكية تبذل كل ما في وسعها وستواصل بذل كل ما في وسعها لصالح مواطنيها المحتجزين في مختلف أنحاء العالم الذين يطلبون المساعدة. ويقول أصدقاء نامازي إنه ربما أصبح ورقة في صراعات فئوية بين المتشددين وأصحاب المذهب البراجماتي والإصلاحيين ولكل فئة منهم مصالحها الاقتصادية والسياسية. ويخشى البعض أنه ربما يجري إعداده للظهور في اعتراف تلفزيوني وهو أمر شائع في النظام القضائي الإيراني. وكان محافظون مقربون من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي قد حذروا من أن الأمريكيين من أصل إيراني ربما يستغلون المشروعات التجارية للتسلل إلى إيران وجلب تحولات في النظام يسعى الصقور في الولايات المتحدة لتحقيقها في طهران منذ فترة طويلة. وقال بيجان خاجه بور مستشار الأعمال الذي يعمل في فيينا وهو صهر نامازي هم يصفون حاملي الجنسيتين مثل سياماك من النشطين في الأعمال وفي المجتمع بأنهم ‘عملاء للتسلل‘ وهو اعتقاد خاطيء تماما. ويقول بعض الخبراء السياسيين الإيرانيين الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم لحساسية القضية إن نامازي ربما اعتقل لأنه يعتبر مرتبطا بدوائر الأعمال القريبة من الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني. ويؤيد رفسنجاني والرئيس الحالي حسن روحاني المرشحين العمليين والإصلاحيين في محاولة لانتزاع السيطرة على البرلمان من المحافظين في الانتخابات التي تجري في 26 نوفمبر تشرين الثاني. وقد منع رجال الدين المتشددون في مجلس صيانة الدستور الموالي لخامنئي مئات المرشحين من خوض الانتخابات مشككين في ولائهم لنظام الحكم في الجمهورية الإسلامية. * المنسي وكتبت خمس جماعات إيرانية أمريكية إلى كيري الأسبوع الماضي لحثه على العمل على إطلاق سراح نامازي الذي قالت هذه الجماعات إنه أصبح منسيا. ووصفته الجماعات بأنه أمريكي عمل دون كلل في بناء الجسور بين الثقافات والبلدان والأديان. وقالت أمريكية أخرى كرمها المنتدى الاقتصادي العالمي كواحدة من القيادات العالمية الشابة وطلبت عدم نشر اسمها إنها انبهرت بشغف نامازي بفتح بلاده على العالم. وقالت هذا يبعث برسالة مخيفة لغيره من القيادات العالمية الشابة. فالناس تخشى التواصل اقتصاديا مع ايران عندما يزج بشخص ينادي بالاستثمار في السجن. وقبل الانتقال إلى دبي عمل نامازي حتى عام 2007 لحساب مجموعة عطية بهار وهي شركة لاستشارات الأعمال مقرها طهران أسسها خاجه بور وساعدت المستثمرين الأجانب على شق طريقهم وسط اللوائح الكثيرة وجوانب الغموض في الاقتصاد الإيراني بالإضافة إلى تقديم الخبرات لمؤسسات التعليم التجاري الإيرانية. ومن عملاء هذه الشركة شركات نفط غربية كبرى مثل بي.بي وشل وشتات أويل وشركات صناعة ضخمة مثل سيمنس وتويوتا. وفي التسعينات وبعد انتخاب الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي وضع نامازي وصديقة أمريكية من أصل إيراني اسمها تريتا بارسي وترأس الآن المجلس الوطني الإيراني الأمريكي المؤيد للحوار تقريرا عن كيفية مساهمة الحاصلين على الجنسيتين في التغلب على الارتياب القائم منذ عشرات السنين بين واشنطن وطهران. وفي عام 2009 ألقت مخابرات الحرس الثوري القبض على خاجه بور لدى عودته إلى ايران من أوروبا وسط احتجاجات على ما تردد عن تزوير الانتخابات التي أعيد فيها انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد. ورغم أن خاجه بور لم يشارك في تلك الاحتجاجات فقد ظل محتجزا لأكثر من ثلاثة أشهر في سجن ايفين بتهمة التجسس قبل أن يطلق سراحه بكفالة ويغادر البلاد في نهاية الأمر. وباع نامازي أسهمه في شركة عطية بهار عام 2007 ولم يتضح ما إذا كان القبض عليه مرتبطا بقضية خاجه بور. وقال أقارب لنامازي إن السلطات أوقفته في مطار طهران في 18 يوليو تموز بعد أيام من توقيع الاتفاق النووي أثناء محاولته السفر عائدا إلى دبي بعد زيارة والديه. وأخذ أفراد من الحرس الثوري جواز سفره وأظهروا أمرا باستدعائه للتحقيق معه. وتم استجوابه عدة مرات فيما بين يوليو تموز و14 أكتوبر تشرين الأول ونقل بعدها إلى سجن ايفين. وعند اعتقاله كان نامازي يعمل لشركة نفط الهلال في دبي لكنه قال لأصدقائه إن الاستجواب تركز على اتصالاته بمؤسسات أمريكية وبغيره من القيادات العالمية الشابة. وكانت المفاوضات السرية الخاصة بتبادل السجناء بمن فيهم صحفي الواشنطن بوست جيسون رضائيان وغيره قد وصلت إلى مرحلة متقدمة عندما اعتقل نامازي. وليس نامازي هو الوحيد الذي يحمل جنسيتين ومحتجز فيما يتصل بالصراعات على السلطة في ايران. ويقول موقع كلمة دوت كوم المعارض إن بهمان داروشافعي الصحفي السابق بالخدمة الفارسية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) اعتقل في طهران الاسبوع الماضي. وعلمت أسرته يوم السبت أنه محتجز في سجن ايفين أيضا. وأشار نشطاء معارضون إلى أن القبض على داروشافعي عشية أول زيارة يقوم بها وزير خارجية إيراني إلى بريطانيا منذ 12 عاما ربما كانت من تدبير متشددين لإحباط أي تحسن في العلاقات بين البلدين. ولا يزال مواطن بريطاني آخر من أصل إيراني هو كمال فروغي محتجزا منذ القبض عليه عام 2011 أثناء عمله كمستشار أعمال في طهران. (إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)
مشاركة :