ستـفضي هذه التركيبة التي تتألف من أسعار الفائدة الأعلى وأعباء الديون السيادية الثقيلة إلى تفاقم الضغوط المالية. ورغم أن انخفاض التضخم قد يخفف من هذه الضغوط، فمن المرجح أن تظل أسعار الفائدة مرتفعة لبعض الوقت، خاصة إذا تسببت الاتجاهات الاقتصادية العالمية غير المثالية والقوى المزمنة الممتدة الأثر، مثل الشيخوخة السكانية، في تدهور ظروف جانب العرض. ومن غير المرجح أن ينقلب الاتجاه المنحدر في نمو الإنتاجية ـ الذي أصبح واضحا بشكل خاص في العقد الأخير ـ في ظل اقتصاد عالمي مفتت حيث ترتفع الحواجز التي تمنع تطوير التكنولوجيا ونشرها. هذه الحواجز من شأنها أن تعرض للخطر أيضا التقدم الذي جرى إحرازه في أجندة الاستدامة، التي تتطلب تدفقات حرة وخالية من الاحتكاكات من التكنولوجيات القائمة والناشئة. على نحو مماثل، سيتطلب التحول الأخضر تدفق رأس المال إلى حيث يخلف أكبر الأثر، بما في ذلك إلى الدول الأدنى دخلا. ولن يتسنى حشد الاستثمار الرأسمالي المتنامي اللازم للتحول العالمي في مجال الطاقة ـ الذي يقدر بنحو 3 إلى 3.5 تريليون دولار ـ في غياب التنسيق الدولي. لحشد الاستثمار الخاص، تحتاج المؤسسات المالية الدولية إلى قدر متزايد من التمويل الرأسمالي والدعم من جانب المساهمين الرئيسين كافة، وهو أمر بعيد الاحتمال في البيئة الحالية. يعرف كثيرون على جانبي ما يمكن أن يسمى "معادلة انعدام الثقة المتبادلة" أن الانفصال مسار غير مثالي وخطير بوضوح. لكن في كل من الولايات المتحدة والصين يكون مصير الأصوات المعارضة إما التجاهل وإما الخنق، سواء من خلال الضغوط السياسية أو القمع الصريح. يدرك عديد من الاقتصادات الناشئة والنامية أن اقتصادا عالميا مفتتا ـ فضلا عن اقتصاد حيث تضطر إلى الاختيار بين كتلتين متنافستين ـ لن يصب في مصلحتها. لكنها تفتقر حاليا إلى القوة اللازمة لتغيير حافز كبار اللاعبين. ربما تكون الهند قادرة على الاضطلاع بمثل هذا الدور ذات يوم، لكن ليس بعد. ورغم أن أوروبا كبيرة بالقدر الكافي لتتمكن من مقاومة ضغوط الانفصال، فإنها ليست متكاملة تماما، كما يعرقلها اعتمادها على الغير في مجال الطاقة. أما المؤسسات متعددة الأطراف، فإنها مدينة لكبار المساهمين في العالم المتقدم بالقدر الذي يجعلها غير قادرة على الدفاع بقوة عن التعاون والانفتاح ونظام قادر على التكيف يقوم على القواعد ويعزز الكفاءة والنمو والشمولية. هذا لا يترك أي طرق فرعية واضحة بعيدا عن المسار الحالي. والمستقبل يحمل لنا الانفصال الجزئي والتفتت. خاص بـ«الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.
مشاركة :