الألعاب الشعبية.. ترفيه وتعلّم وابتكار

  • 4/7/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

خولة علي (دبي) الألعاب الشعبية جزء من تراث الشعوب ومرآة تعكس القضايا والأحداث كافة، فعند الرغبة في الاطلاع على ثقافة وتراث وحضارة مجتمع ما، يمكن العودة إلى تاريخ الألعاب الشعبية التي تجلب المرح والتسلية، والتي تم ابتكارها من مواد ومكونات البيئة المحلية، لتوفر جانباً مهماً من عملية التواصل الاجتماعي بين الأطفال في ساحات الفرجان والأحياء القديمة. وتكشف عن عمق الترابط والتفاعل فيما بينهم، ومدى التزامهم وانضباطهم بتطبيق قوانين كل لعبة، ما يعكس القيم والتقاليد المتوارثة والأخلاق السائدة في المجتمع. مع ظهور الألعاب الحديثة والإلكترونية، سحب البساط من الألعاب الشعبية إلى حد كبير، إلا أنها ظلت حاضرة في المهرجانات التراثية لتوقظ ذكريات الحنين في وجدان كل من مارسها واستمتع بها مع رفاقه من أبناء الفريج. من هنا يهتم الباحث سيف الدهماني المهتم بإحياء الألعاب الشعبية وتعريف الأجيال بأهميتها قديماً والدور الذي لعبته في تطوير مهارة الأطفال الجسدية والذهنية، إلى جانب غرس بعض القيم والمبادئ فيهم. أخبار ذات صلة محمد بن راشد: القادم في 2023 أجمل وأكبر وأعظم حاكما الشارقة وعجمان يتقبلان التهاني بشهر رمضان الاتحاد الرمضاني تابع التغطية كاملة ألعاب الصبية يقول الدهماني إن الألعاب الشعبية تُصنع من مواد ومكونات بسيطة من البيئة المحلية، وقد ساهمت في تطوير مهارة الصغار لابتكار ألعاب من لا شيء، وفي حقبة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي تم استخدام مكونات النخيل المتوافرة بكثرة في البيئة المحلية، في تشكيل ألعاب للأولاد، وكانت مستوحاة من وسائل النقل قديماً كالجمال والخيول، حيث توضع على الكرب دمية، وتُربط مقدمته بحبل يجره الطفل وهو يلهو ويركض في فناء المنزل أو «البراحة» في الفريج. ومع ظهور السيارات في الستينيات، أعيد تدوير العلب المتوافرة آنذاك، ومنها علب زيت السيارات والأغذية وسواها، وصُنعت لعبة على شكل سيارة تُربط بحبل وتُجر أسوة بلعبة الكرب. كما استخدمت أيضاً العجلات أو «رنج» الدراجة الهوائية، بإدخال قضيب حديدي طويل في ثقب العجلة، ثم يقوم الطفل بدفعها وهو يجري بها مستمتعاً، إضافة إلى لعبة «النط» باستخدام الخيش أو«اليواني» الخاص بحفظ الحبوب وسواها. أما لعبة «القواطي»، فهي عبارة عن علبتين يتم ربطهما بحبل من خلال ثقب، وكل طفل يمسك بعلبة من جهة، ويمر صوت المتحدث من خلال الحبل إلى الجهة الأخرى، وكأن الطفلين يتحدثان عبر الهاتف. ألعاب البنات بالطبع تختلف ألعاب الصبية التي تميزت بالحركة والركض والنشاط البدني والتحدي، عن ألعاب البنات الأكثر هدوءاً، وهي تمارس في العادة داخل البيت. وقد تنوعت هذه الألعاب، ومنها «المريحانة» أي الأرجوحة المتعارف عليها عند كثير من الشعوب، وهي عبارة عن حبل مشدود، يُصنع من ليف النخيل، بين شجرتين. وبالرغم من كون هذه اللعبة مشتركة بين الأولاد والبنات، إلا أنها أكثر انتشاراً بين البنات، اللاتي يرددن بعض الأهازيج وهن يتمرجحن عليها بكل بهجة واستمتاع. ومن هذه الأهازيج: أمي أمي يا مايه، راعي البحر ما باه، أبا وليد عمي، ابخنيره وارداه. ومن الألعاب التي تخص البنات أيضاً لعبة «الصقلة»، وهي عبارة عن مجموعة من الحصوات الصغيرة، حيث يتطلب ممارسة هذه اللعبة وجود حفرة صغيرة توضع داخلها الحجارة الصغيرة، وهذه اللعبة تطور مهارة التركيز والسرعة والدقة في اللعب، إضافة إلى ألعاب أخرى تنمي لدى الفتيات مهارات حرفية كحياكة الدمى، ما يؤكد أن الألعاب الشعبية تشجع على التعاون، وتعميق روح الفريق الواحد، وتقوي التركيز، وتحفز على الابتكار. تحدٍّ ومرح يرى الباحث سيف الدهماني، أنه بالرغم من الظروف القاسية التي عاشها الأبناء قديماً، وعدم توافر وسائل للتسلية والترفيه، إلا أنهم لم يستسلموا، بل سعوا إلى الابتكار والبحث عن وسائل وأدوات يمكن أن تجلب لهم المرح، وتحفزهم على التحدي باستخدام أدوات تتوافر في البيئة المحلية، والعمل على إعادة تدويرها واستغلالها بشكل أمثل، ولا يمكن تصور فرحة الطفل بما أنتجه وصنعه بيديه، وهذا الأمر قلما نجده مع تعاقب الأجيال في عصر التطور والراحة وانتشار الألعاب الحديثة بأنواعها.

مشاركة :