«تواترت الرؤى التي وصلتني أن الليلة هي ليلة القدر، ولذلك أوصي الجميع باغتنام هذه الليلة العظيمة».مثل هذا الطرح لا يكاد يغيب كل رمضان، وفي العشر الأواخر من رمضان يظهر أصحابه ويتكاثرون، ولا مشكلة مع الرؤى، فمن بداية تواجد البشرية وهي ترى وتعبر الرؤى، وجاءت في القرآن وسنة المصطفى «صلى الله عليه وآله وسلم»، والواقع يشهد لها، ولكن المشكلة من رأى؟ وماذا رأى؟ ومن الذي عبّر ونقل؟!فهناك طلاب شهرة يبحثون عن المتابعين ويريدون أن يشتهروا بأي شيء حتى ولو بالكذب، وهناك كسالى يريدون تحويل عبادتهم لربهم إلى وجبات سريعة يختصرونها في أقل وقت وبأيسر الطرق ثم ينصرفون باقي الأيام لنقيض ما قدموه!وهناك حلقة وصل بين هؤلاء وأولئك، مخلصون في الطريق الخطأ ينشرون ويروّجون كل ما يصل لجوالاتهم أو يجدونه في مواقع التواصل الاجتماعي، بحثاً عن الأجر والثواب، أو تورعاً عن كتم ما يظنونه علماً يجب ألا يُكتم خصوصاً عندما يسمع أحدهم أو يقرأ «لا أحلل أي شخص تتوقف عنده هذه الرسالة فيحرم إخوانه من الفضل العظيم!»، مع أن خوفه الأكبر كان الواجب أن يكون من نشر هذه الرسالة والترويج للكذب والتعالم!مثل هؤلاء يساهمون -علموا أم لم يعلموا- في الترويج لمن لا يستحق، وصرف الآخرين عن اغتنام ليالي العشر، فمن ركّز على ليلة تواترت الرؤى المزعومة بكونها ليلة القدر فلن يعطي باقي الليالي حقها، وإن جاءها لن يأتيها بنفس دافعية من أتاها وهو يعتقد أن كل ليلة يقومها هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ومن قامها غُفر له ما تقدم من ذنبه، فلا يُضيع ليلة من ليالي العشر بما لا يليق.ومثل هؤلاء من ينشغل بالعلامات ويكون دوره فقط تصوير الشمس كل صباح؛ ليثبت أن الليلة الماضية كانت ليلة القدر، مع أن الأذكياء ذهبوا بالفضل وتركوا له التأكيد.بالمختصر المفيد.. لسنا أعلم من نبي الهدى «صلى الله عليه وآله وسلم» الذي قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان)، ولم يحدد ليلة بعينها رغم أنه كان قادرًا على ذلك!ومن قام العشر الأواخر من رمضان وهي ليالٍ قليلة العدد عظيمة القدر، سيقوم ليلة القدر بحول الله ويزيد، اللهم وفقنا، وأعنّا على ذِكرك وشكرك وحسن عبادتك.@shlash2020