قصة حبهما مثل قصص الأفلام والروايات، فقد عاشا قصة حب من أروع حكايات الغرام، مشاعر بدأت منذ الطفولة فهما جاران في عمارة واحدة لا يفصل بينهما إلا بضعة سلالم لم تعق ارتباطهما بعضهما ببعض خاصة مع وجود قرابة بين والدتيهما. ظل حسن وعلا يلعبان ويقضيان أوقاتهما معاً حتى إن الجميع تنبأ بزواجهما منذ طفولتهما وجميع الجيران ربطوا وجود حسن بوجود علا فلو مرض حسن توقع الجميع مرض علا. جاء سن دخولهما المدرسة الابتدائية فكانا معاً في فصل واحد مستواهما الدراسي متقارب، وإن كانت علا تتميز ببعض الأفكار المتزنة. ظلت الزمالة بينهما حتى انتهاء المرحلة الابتدائية ووصولهما إلى المرحلة الإعدادية، حيث بدأ الارتباط الطفولي الفطري يتحول إلى مشاعر متبادلة بينهما، وظلت الحال كما هي عليه بل ازدادت المشاعر بينهما وازداد الانسجام بينهما في مرحلة الثانوية وبعواطف الشباب الجياشة ازداد القرب بينهما يوماً بعد يوم واشتعل لهيب الحب حتى إنهما اتفقا على دخول كلية واحدة، وبالفعل رغم أن مجموع درجات علا كان أعلى ويؤهلها دخول كلية أفضل لكنها فضلت دخول كلية التجارة مع حسن وكانت قصة حبهما محور حديث كل الطلاب، فهو الزميل والصديق الوحيد لها وبنيا أحلامهما سوياً وخطّطا لمستقبلهما معاً وتخرج حسن وعلا في الجامعة بتقدير جيد جداً، وحصل حسن على عمل في أحد البنوك بينما عملت علا في إحدى الشركات وتقدم حسن للزواج من علا فلم يواجه أية عقبات من أسرتيهما، فقد كان الجميع متفهمين لقصة حبهما، وكل الأمور كانت محسومة بينهما ولم يتدخل أي أحد من أسرتيهما في تفاصيل الزواج وتم الزواج في عش جميل اختارا كل قطعة فيه بعناية فائقة مهما كبرت أو صغرت، لذلك كانت موضع حسد الجميع وأقيم للعريسين حفل زفاف أسطوري في أحد الفنادق الكبرى حضره جميع الأقارب والأصدقاء وبدآ حياتهما متفائلين بالحياة الجديدة المقبلة وكل منهما سعيد بالآخر، ومر شهر العسل عليهما كثوانٍ مليئة بالحب شعرت خلاله علا بأنها حققت السعادة التي كانت تنشدها وأن حبه يملأ عليها الدنيا، ومرت السنوات والحب يزاد بينهما والطاعة هي سمة تعاملها مع زوجها رغم القيود والتعليمات الكثيرة التي فرضها عليها فقد كانت تحترمه قدر ما تحبه وتراه رجلاً متفرداً في عواطفه ورقة مشاعره وتقديره للأنثى التي تشاركه حياته وتتقبل قيوده وتعليماته على الرحب والسعة بينما كان يشعر أنها المرأة الوحيدة في العالم التي تخاطب عقله وتتربع على عرش قلبه فهي الحبيبة منذ الطفولة لذلك لم يكن يتوقف عن الغزل في جمالها بمناسبة وغير مناسبة وكلمات العشق والغرام الجميلة لا تنقطع عن لسانه وظلت نيران حبهما متأججة لا تنطفئ وكل منهما على الجانب الآخر يسعى جاهداً لتحقيق ذاته ويرتقي في عمله، وبالفعل حقق كل منهما نجاحاً باهراً في مجال عمله وسارت بهما الحياة هادئة خاصة بعد أن رزقهما الله بطفلين جميلين تميزا بالذكاء والتفوق في الدراسة لا يقل عن نجاح والديهما. بعد عشرة استمرت 15 سنة أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، واشتعل الحريق بينهما حتى وصل بهما الأمر إلى محكمة الأسرة. كان حسن قد ترقى وحصل على منصب مهم في البنك الذي يعمل فيه، وتم تعيين دفعة جديدة في البنك وتم تكليف حسن بتدريبها وكانت من ضمن الموظفين الجدد فتاة جميلة تدعى هناء لم يستطع رفع نظره عنها ومقاومة جمالها وحيويتها وفي الوقت نفسه أعجبت هناء برئيسها حسن فهو صاحب شخصية قوية صارمة ورقيقة حنون في الوقت نفسه، كما أنه ذو خلق ويتمتع بوسامة تخفي عمره الحقيقي الذي قارب الأربعين في ذلك الوقت علاوة على أنه ميسور الحال، وحاولت أن توصل له هذا الإحساس وانبهر حسن بسحرها وشبابها وأعجب بها وبجاذبيتها ولم يقدر على مقاومتها رغم حبه لزوجته، وشعر بأن قلبه ينبض وغير قادر على التخلي عنها، وعندما استفسر عنها ووجد أن ظروفها مناسبة له عرض عليها الزواج فلم ترفض رغم ظروفه الأسرية واعتبرته صفقة رابحة كما أن عمها وخالها وجدا فيه زوجاً مناسباً فقد كانت هناء يتيمة الأب وتم الزواج بشرط واحد وهو السرية حرصاً على ألا يفقد زوجته الأولى وأم أبنائه ووافقت هناءعلى هذا الشرط من دون أية مناقشة أو تردد لكن العلاقة بينحسن وعلا علاقة غير عادية بين زوجين فمنذ اليوم الأول شعرت علا بالتغير الذي طرأ على زوجها، وأن هناك شيئاً خفياً لا تعرفه ودخل الشك إلى قلبها وصممت على أن تعرف السبب، وبدأت تبحث عن دليل ليؤكد شكوكها وشعر حسن بشكوك علا وخاف من وصولها إلى الحقيقة وما يتبعها من طلبها الطلاق فأسرع بتطليق هناء لكن علا علمت بما حدث بطرقها الخاصة، وكادت أن تفقد عقلها من هول ما عرفته وشعرت بخيبة الأمل في شريك العمر، وكانت صدمة كبيرة لم تقدر على تحملها فهي لم تقصر في حقه يوماً فهل يكون هذا جزاء طاعتها له، ولم تصدق أن زوجها يمكن أن يتزوج عليها رغم قصة الحب الطويلة بينهما وأنها عاشت معه في أكذوبة. صممت علا على ترك المنزل وحملت حقائبها واصطحبت معها طفليها وتوجهت إلى منزل أسرتها وتركت شقة الزوجية التي انتقت كل جزء فيها، وقررت ألا تعود إليه مرة ثانية، وطلبت منه الطلاق بشكل ودي وأبدت استعدادها لأن تتنازل له عن كل شيء إلا أنه رفض أملاً في تسامحها وأبدى استعداده في المقابل لعمل أي شيء لإرضائها وتقديم كل الضمانات حتى يضمن عودة ثقتها فيه من جديد وأخذ يعتذر لها نادماً على ما ارتكبه من جرم في حقها، لكن لم تفلح توسلاته في رجوعها عن طلبها، كما باءت جميع المحاولات التي بذلها الأهل والأصدقاء للصلح بينهما بالفشل الذريع، بل كانت في كل مرة تكون أكثر تصميماً على الطلاق فقد كانت علا قد أخذت قرارها وصممت عليه واعتبرت أن ما حدث يمثل جرحاً غائراً في علاقتهما لا يوجد شيء يداويه وأنه تخطى كل الخطوط الحمراء وقطع كل الروابط بينهما فلا يوجد سبب منطقي واحد لما ارتكبه في حقها. أصر حسن على رفض الطلاق وعندما يئست علا أقامت دعوى تطليق أمام محكمة الأسرة ووقف محامي الزوج أمام المحكمة يؤكد أن موكله يحب زوجته بجنون ولا يستطيع الاستغناء عنها لحظة واحدة وما فعله بالزواج من أخرى كان مجرد نزوة تخلص من آثارها بتطليق الزوجة الثانية قبل أن تعلم الأولى بما حدث وقبل أن ترفع الدعوى، وبالتالي لا يكون ثمة ضرر قد وقع عليها منذ رفع الدعوى. قررت المحكمة تطليق الزوجة للضرر وإلزام الزوج بإعطاء زوجته جميع مستحقاتها الشرعية، وقالت في حيثيات حكمها إن تحقق الضرر لا يرفعه كف الزوج عن إنزاله بالزوجة أوإزالته عنها مادام تحقق وقوعه بالفعل، وهو ما يغلق الباب أمام تحايل الأزواج، ومن ثم فإن حق الزوجة في التطليق بسبب زواج زوجها من أخرى سواء أقام الزوج بطلاق الأخرى قبل قيام الزوجة الأولى برفع الدعوى أو بعدها.
مشاركة :