الزيجات المتسرعة وراء انهيارات عش الزوجية

  • 8/19/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أصدرت وزارة العدل كتيبًا إحصائيًا أوضحت فيه أن إﺟﻣﺎﻟﻲ ﺻﻛوك اﻟطﻼق واﻟﺧﻠﻊ واﻟﻔﺳﺦ اﻟﻣﺛﺑﺗﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﺎﻛم اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ بلغت ﺧﻼل ﻋﺎم 1433هـ 34490 ﺻﻛًﺎ بمعدل 95 ﺻﻛًﺎ ﯾوﻣﯾًﺎ، منها 30030 ﺣﺎﻟﺔ طﻼق ﺑﻧﺳﺑﺔ 87%، و1135 ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻠﻊ ﺑﻧﺳﺑﺔ 3%، و3325 ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺳﺦ ﻧﻛﺎح ﺑﻧﺳﺑﺔ 10%، وقد سببت هذه الإحصائيات الكثير من الهواجس لدى المهتمين بالدراسات الاجتماعية -أكاديميين وأعضاء الجمعيات العاملة في المجال الاجتماعي- بحيث طالب أكاديميون ومختصون اجتماعيون ونفسيون بإلزام المقبلين على الزواج بدورات تأهيلية كشرط أساسي لإتمام الزواج، وإشراك مختصين نفسيين في لجان إصلاح ذات البين، لافتين إلى أن الطلاق أصبح هاجسًا مجتمعيًا يهدد بنية المجتمع بالتآكل بسبب تفكك الأسر التى يعصف بها أبغض الحلال، وقالوا: إن من بين أسباب الطلاق الزيجات المتسرعة وعدم التركيز في الاختيار، وعرض المشكلة بين الزوجين على من يضخمونها ولا يساهمون في الحل. تقول هناء عالي"مطلقة": بدأت حياتنا كأي زوجين في سعادة وهناء وسرعان ما تبدل الحال بعد عودة زوجي الى عمله فكان يكثر الاتصال ويتردد على المنزل في أوقات مختلفة ودائمًا ما يفتش هاتفي النقال حتى أدخل الشك في قلبي لدرجة أنه حرمني من زيارة بعض أقاربي وإخواني وقد حاولت أكثر من مرة اقناعه بتغيير أسلوبه معي ولكن دون جدوى حتى وصلت معه الى طريق مسدود وأضافت حتى اني شرحت الأمر لوالدته ومعها زادت معاناتي وانتهى بنا الأمر إلى الطلاق بعد عامين فقط من الزواج. اما سعيد صالح فقال: كنت أعمل في أحد القطاعات العسكرية وكانت طبيعة عملي تجبرنا على الانتقال من منطقة إلى أخرى وكان هذا الأمر يزعج زوجتي حتى استقر بنا المقام بإحدى المناطق النائية جنوب المملكة وكانت زوجتى تتذمر من وجودنا بها ودائمًا ما تخيرني بين ترك العمل أو الطلاق فاخترت أن اطلقها بناءً على رغبتها الملحة في الطلاق وحفاظًا على مستقبلي ومستقبل أبنائي. تضخيم الخلافات البسيطة من جهته قال الدكتور خالد الحازمي الأكاديمي والمشرف على مركز الاستشراف للدراسات والاستشارات الادارية والتربوية والتعليمية بالمدينة المنورة: إن الطلاق وسيلة لإيقاف التوتر النفسي والمعاناة التي قد يعيشها أحد الزوجين أو كلاهما نتيجة هذا الارتباط. وهذا يكون نادرًا في المجتمع الطبيعي. أما إذا أصبح ظاهرة ثم تحول إلى مشكلة اجتماعية فهذا يعني أن هناك أسبابًا تربوية واجتماعية يلزم تشخيصها ثم بيان الطرق والأساليب الصحيحة لبناء أسر تحفها السعادة ومن ثم الإنتاجية في حياة المجتمع لذا فإن أغلب أسباب الطلاق عدم الاختيار الجيد من كلا طرفي عقد الزواج والتركيز في اختيار أحد الشريكين على بعض المعايير الوقتية أو الثانوية. دون النظر للمعايير الحقيقية التي أرشد إليها منهج الإسلام وأيضًا عدم فهم واقع الحياة الزوجية وحقيقتها، فيتصورها الزوجان سعادة بلا خلاف وتحقيق مطالب بلا امتناع وتقصير ومن المشكلات التي يقع فيها الزوجان التصرفات غير الصحيحة في معالجة المشكلات الزوجية، وكعرضها على من لا فهم لهم في المعالجات الأسرية، أو نقل مشكلاتهم للأبوين وتضخيمها نتيجة التوتر والغضب. بما يجعل الوالدين يتصوران حياتهما غير قابلة للاستمرار. برنامج استشاري ملزم ويرى د. الحازمي أن العلاج الناجع لا يكون إلا بالتعليم من خلال برامج استشارية أثناء حدوث المشكلة، أو جلسات سابقة للزواج. وهذا أفضل بكثير وأنجح. ومن هنا أطرح هذا الاقتراح من خلال صحيفة المدينة. فطالما أن الفحص الطبي شرط للعقد، فليس استمرار العلاقة الزوجية بأقل من ذلك. بل إنها الهدف الأساسي من الزواج حتى لا يضيع مجتمعنا في خلافات الزواج والطلاق الذي حتمًا سينعكس على إنتاجية المجتمع واستقرار الأسرة. ولذلك اقترح أن يشترط على كلا الزوجين الحصول على برنامج استشاري من المراكز المعتمدة. لأن أسباب ودواعي تحقيق هذا الشرط باتت ملزمة لازمة لكثرة الطلاق في بلادنا وبلا شك فإن للقضاة دورًا كبيرًا جدًا وهم مجتهدون في ذلك فالقاضي له مكانته ولرؤيته تقديرها، ولذلك جميل جدًا لو تضطلع وزارة العدل ممثلة في محاكمها أن تخصص قضاة في كل محكمة للنظر فقط في أمور الخلافات الزوجية، ومحاولة معالجتها. لأن في هذا العمل ما يدعم بنية المجتمع، ويمنع عنه الكثير من المشكلات التي قد تنسحب لدور الأحداث والشؤون الاجتماعية والتعليم وربما حتى السجون لوجود تبعات الطلاق التي قد تؤثر على جميع منشآت ومؤسسات المجتمع بطريق مباشر أو غير مباشر مضيفًا إنه يجب تفعيل دور مراكز الأحياء بصورة صحيحة، بحيث تتولى أمرها عمادات خدمة المجتمع في الجامعات السعودية، ويتم دعمها ماليًا وبالكوادر المتخصصة حتى نحفظ بنية مجتمعنا من التمزق والانحلال والتفكك. زيجات متسرعة فيما عزا الدكتور أحمد الزيلعي عضو مجلس الشورى ظاهرة انتشار الطلاق إلى التسرع في الزواج دون دراسة ودون حسابات لما بعد الزواج، فتجد بعض الشباب بمجرد أن يُعَيّن على وظيفة مهما كان راتبها متدنيًا فإنه يستدين فوق طاقته ويتزوج، ويفتح بيتًا، ويحِّمل نفسه مسؤوليات زوجة تريد ما يردنه نظيراتها من"الكسوة" والكماليات الأخرى فتبدأ الخصومات والمنازعات والقذف بالبُخْل والتقتير، فيقع أبغض الحلال الذي يكون في الغالب طلاق مخالعة، وهذا يشكل عبئًا على الزوجة وأهلها، لأنه يُطالبون بأكثر مما دُفع لهم، فيقبلون بذلك على مضض حتى ينقذوا ابنتهم مماهي فيه من التعاسة ودعا الدكتور الزيلعي الآباء والأمهات ألا يأخذهم الحماس نحو دفع أبنائهم إلى الزواج المبكر دون الاستعداد له، وللمسؤوليات المترتبة عليه فيما بعد كما أرى ألا يقدم أي شاب على الزواج إلا بعد دراسة أحواله، ووضعه بعد الزواج، وهل هو كفء لإعالة زوجة حتى ولو كان ذلك في الحدود الدنيا من تحقيق السعادة له ولها مضيفًا إن المغالاة في الصداق والحفلات الباذخة والاشتراطات الشكلية المصاحبة للزواج التي تؤدي إلى الاستدانة، ومن ثم العجز عن القيام بأبسط حقوق الزوجة بعد الزواج، وأخذها إلى عش الزوجية. واشترط الدكتور الزيلعي بالنسبة للزواجات الجماعية التي تمِّولها الجمعيات الخيرية أو بعض الموسرين وما يصاحبها من البَهْرَجة والإعلام والتصوير الجماعي أن تدرس حالة كل متزوج على حدة، ومدى قدرته على إعالة زوجته بعد الزواج كونها مسؤولية مجتمعية. أسباب خفية للطلاق وقال الدكتور محمد شاوس استشاري الطـب النـفســي والإدمان ونائب رئيس الجمعية السعودية للطب النفسي إن السيطرة على الانفعالات وضبطها وتربيتها ضرورة ومطلب للحياة السوية والصحة النفسية. فالانفعالات عندما تكون في حالاتها الطبيعية المتزنة تدفع الإنسان إلى العمل ومواصلته، وتعطي السلوك قوة وزخمًا. ويعتبر الانفعال من أهم الدوافع الشعورية التي تساعد على تحديد وتوجيه السلوك الذي يسهم في استمرارية الإنسان في الحياة لذا فالزواج الناجح لا يحتاج بالضرورة الى رجل رائع أو إلى امرأة رائعة. بل يحتاج فقط الى رجل وامرأة يلتزمون ويعملون لإيجاد حياة رائعة وقال شاوش يعتبر الطلاق احد اهم مصادر الضغوط في حياة الانسان ومن اكثرها اجهادًا ويمكن ان يؤثر الطلاق حتى في اكثر الشخصيات استقرارًا وفي القرارات المتخذة كما انه احد الاسباب الموصلة للاكتئاب وقال شاوش من النادر أن تجد في الدراسات العربية التركيز على الجوانب النفسية كسبب للطلاق مضيفا ان الاكتئاب احد اسباب الطلاق الخفية فالاكتئاب الذي يؤثر على شريك واحد له تأثير على الشريك الآخر، والعلاقة والعائلة كلها في نهاية المطاف. وطالب الدكتور محمد شاوش المحاكم ولجان اصلاح ذات البين الى ادراج دراسة الجوانب النفسية والاستفادة من المتخصصين النفسيين في التعاطي مع المشكلات الزوجية وقضايا الانفصال والطلاق وتبعاتها النفسية والاجتماعية على الازواج وأبنائهم باعتبار أن أغلب اللجان الحالية تركز جهودها في الضغط على المرأة بالتنازل عن بعض حقوقها كونها الحلقة الاضغف في القضية. من جهته قال الشيخ خميس عبدالهادي عضو لجنة اصلاح ذات البين ونائب رئيس جمعية تيسير الزواج بمنطقة الباحة: إن أساليب الصلح ورأب الصدع بين الزوجين تتفاوت سواء كانت من لجنة الاصلاح او النفسيين والاولى اننا نجتهد جميعًا في حل هذه الظاهرة بدلًا من ان يلوم بعضنا الآخر ولله الحمد أن أغلب القضايا الزوجية التي تصل للجنة تحل بحكم معرفتنا للمجتمع وثقافته مشيرًا إلى أن الصلح يكون برضا الطرفين دون الضغط على أحدهما وخاصة المرأة وعلى العكس نحن نحاول أن نضغط على الزوج كونه قائد الأسرة ومن بيده عقدة النكاح لافتًا إلى أن نصح الزوجة وتوجيهها لا يعد ضغطًا عليها مشيرًا إلى أن بعض قضايا الزواج ترسل من المحافظة عن طريق المحاكم كما أن بعض القضاة يقومون باستشارة الزوجين في تحويل القضية الى لجنة الاصلاح فضلا عن بعض القضايا التي تصلنا بحكم تواصلنا مع المجتمع. وأشار الشيخ خميس إلى أن الدورات ما قبل الزواج مفيدة جدا وتأتي أكلها حيث تم دراسة حالة 1000 زوج وزوجة ممن حصلوا على الدورة ما قبل الزواج ولم نرصد أي حالة طلاق بينهم بينما تم رصد 40% حالة طلاق وخلع وعنف من 1000 من الذين لم يلتحقوا بالدورة لذا اطالب بإلزام الزوجين الحصول على هذه الدورات كشرط اساسي لكتابة العقد أسوة بفحص ما قبل الزواج. 3 سنوات لتراخيص قيادة الاسرة أكد مصدر مسؤول بوزارة الشؤون الاجتماعية لـ «المدينة» أن قرار مجلس الوزراء حدد مهلة 3 سنوات ليتم بعدها دراسة إلزام المقبلين على الزواج على الالتحاق بالدورات التدريبية للحصول على شهادة «قيادة أسرة»، مشيرًا إلى أن الغرض من تلك الدورات ليس التعجيز أو المشقة على المقبلين ولكنها إحدى الوسائل الوقائية والتوعوية التي تسعى إليها الوزارة في بناء أسرة متماسكة مبنية على أسس معرفية وعلمية تنهض بالأسرة، وبعد هذه السنوات الثلاث سينظر في موضوع الإلزام من عدمه من قبل الجهات المختصة. وأوضح أن إدارته ممثلة بوكالة الوزارة للتنمية الاجتماعية بدأت خطوات علمية وعملية نحوتفعيل القرار السامي الكريم الساعي لتأهيل شامل للشباب والفتيات المقبلين على الزواج في الجوانب الشرعية والصحية والنفسية والاجتماعية، بالتنسيق والتعاون مع جميع الجمعيات الخاصة بالزواج والتنمية الأسرية بالمملكة، ولجان التنمية الاجتماعية الأهلية، وأصحاب الخبرة من أكاديميين سعوديين في الجامعات للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال.

مشاركة :