عمون - بعد شهر رمضان وصف بـ"الاستثنائي" لارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل كبير مست دخل المواطن، يعود مسلسل ارتفاع الأسعار بحلقات جديدة تتمثل بمعاناة مواطنين من غلاء أسعار الألبسة والأحذية قبل أيام قليلة من عيد الفطر السعيد. الشكاوى لم تنحصر في فئة واحدة من الملابس ولا في مناطق واحدة أيضاً، فبين مناطق في البلقاء، ومناطق في إربد، وأخرى في العاصمة عمان، وعلى اختلاف نوعية الأسواق بين شعبية ومجمعات تجارية كبرى (مولات) توافقوا على ارتفاع أسعار الألبسة قبيل العيد. عمون حاورت أرباب أسر غير قادرين على إعطاء أبنائهم هذه الفرحة، فضيق الأحوال المعيشة لا يقف وحده حائلاً لشراء فرحة أبنائهم، ولكن ارتفاع أسعار الألبسة كذلك يمنعهم من اتخاذ هذا القرار. محمود وهو اسم مستعار لصاحب عمل خاص، قرر عدم الشراء لأبنائه حتى يتسنى له قضاء مشتريات العيد والتزاماته الأخرى، ذلك بعد أن تجول في السوق وتنبه للأسعار. يقول محمود لـ عمون إنّ الأسعار مرتفعة عن العام الماضي، بالرغم من أنها قريبة، ولا مقدرة له حتى يشتري ملابس لابنين اثنين بمبالغ لن تقل عن 60 ديناراً للواحد. أما عمر وهو مالك بقالة في عمان، فسيضطر للاستدانة حتى يشتري فرحة أبنائه، فكسوة أربعة أبناء ليست سهلة، لا سيما وأنّ الأسعار ارتفعت عن العام الماضي، وفق ما قال. وبحسب عمر لـ عمون، فإن الحديث عن ثبات الأسعار وانخفاضها ليس صحيحاً، ولا ينطبق على كل المحلات، فمنذ سنين ترتفع الأسعار قبيل كل عيد وتعود للانخفاض بعد انتهاء فترة الأعياد. ويرى أنّ هذه التكاليف قبل الحديث عن شراء ضيافة العيد من حلويات وقهوة ومستلزمات منزلية. مواطنون قالوا لـ عمون إنّ تكلفة ملابس العيد لطفل لا يتجاوز عمره الـ 10 سنوات قد تصل إلى خمسين دينارا، بالإضافة إلى ارتفاع ملابس الأطفال الرضع أيضاً. التجربة ذاتها، دعت شابة إلى استخدام مواقع الشراء الإلكترونية بتكاليف أقل وبميزة وصول السلع إلى المنزل بدون أن تضطر إلى التجوال في الأسواق المحلية ومعاينة البضاعة والأسعار في أكثر من محل ومنطقة. الشابة تقول إن كسوتها للصيف كاملا كلفتها 150 دينارا من خلال التسوق الالكتروني، فيما لا يكفي هذا المبلغ لشراء لبستين اثنتين في عمان. وحول أسباب ارتفاع الأسعار، يعزو الخبير الاقتصادي حسام عايش ذلك إلى ارتفاع الكلف الضريبية والتشغيلية على أصحاب المحلات والبائعين ما جعل ارتفاعها السنوي اعتيادياً. ويقول عايش لـ عمون إن الأسعار بالتأكيد تعتمد على العرض والطلب والعروض، وبما أنّ عيد الفطر يعتبر موعداً استراتيجياً لتعويض ما يوصف بالركود في الأيام العادية فالتجار يحاولون تعويض الخسائر التي يتحدثون عنها. وحول مسائل العروض يبين أنّ الثقة بدأت تضعف بين المواطن والبائع المعلن عن العروض، إذ بات يعلم المواطن المقبل على الشراء أنّ العروض وتنزيلات الأسعار ما هي إلاّ حالة من تثبيتها أو لجذب القدم والدخول إلى المحل، حيث أنّ الكثير من هذه العروض لا تناسب متطلبات الشراء واحتياجات المواطن فقد تكون البضائع قديمة أو غير مناسبة للاستخدام. وكلما زادت هذه التشوهات وارتفعت الأسعار بشكل غير مبرر كلما تحول الناس إلى الأسواق الرقمية والإلكترونية ذلك لاختلاف أسعارها وسلعها، وضعف الثقة بالأسواق المحلية من حيث الجودة والأسعار، وفق ما قال. وبحسب عايش فإنّ مسألة إعادة ثقة الشعب الأردني بالسوق المحلي يعتمد على علاقة تشاركية بين الحكومات والتجار وأصحاب العقارات، حيث من الضروري أن تثبت الحكومة جديتها في تخفيض الضرائب والرسوم وابتكار إعفاءات جمركية جديدة للبضائع حتى تنخفض الكلف على التجار، في حين أنّ على أصحاب العقارات تخفيض شيء من إيجاراتهم حتى يكونوا على ثقة بأن المستأجر سيدفع ما يترتب عليه وبدون ذلك فلن يدفع الإيجار لضعف السوق. وهذه المعادلة ستهيئ التجار لتخفيض أسعار السلع التي يعملون فيها لضمان إقبال المواطنين أكثر من ذلك وإعادة السيولة في أيام الركود. عضو مجلس إدارة غرفة تجارة عمان، أسعد قواسمي، يقول إن المواطن قد يلمس ارتفاعا في الأسعار لأنّ بضاعة العيد تختلف عن البضائع الموجودة في الأيام الأخرى من السنة من حيث الجودة والتصميم والأذواق بما يتواءم مع العيد وأجوائه. ويوضح القواسمي لـ عمون أنّ أسعار معظم لألبسة والأحذية ثابتة كأسعار العام الماضي، وبعض الأصناف انخفضت أسعارها لانخفاض القوة الشرائية للمواطنين. وبين أنّ سبب انخفاض الأسعار هو انخفاض القوة الشرائية للمواطن وعدم وجود سيولة لديه بالإضافة إلى منافسة أسواق إلكترونية عديدة تبيع بأسعار مخفضة ومشابهة لبضائع السوق وما يميزها هي وصولها إلى المواطن بدون أن يضطر ليذهب إليها. ويرى القواسمي أن شكاوى المواطنين من ارتفاع أسعار الألبسة بشكل كبير غير صحيحة ولا مبرر لها، ذلك لأنّ الأسعار لم تختلف كثيراً عن العام الماضي. وحول أبرز الأسعار يذكر القواسمي أنّ البنطال الولادي مثلاً يتراوح سعره بين 5 دنانير و10 دنانير، والبلوزة كذلك الأمر، والحذاء قد يبدأ من دينارين وينتهي بعشرة للأسعار العادية، أما العلامات التجارية فقد لا تتجاوز 20 ديناراً للقطعة الواحدة. ويشير القواسمي إلى أنّ المواطن ليس جاهلاً بالأسعار ولا يفاجأ بها إذ أنّ التواصل الاجتماعي سهل على المواطن معرفة أسعار البضائع والألبسة التي يرغب بشرائها قبل النزول من بيته، وباتت هذه المواقع بوابة للمحلات التجارية لعرض أسعار ما لديها من سلع عبر صفحات تسويقية.
مشاركة :