أجبر فايروس كورونا حكومات الدول العربية على تطبيق إجراءات مشددة تمنع الخروج من المنازل أيام عيد الفطر الثلاثة. وتقضي بالاستمرار في الحظر الصحي الشامل، مما سيحرم الأطفال لذة التمتع ببهجة العيد. ويسرق فرحتهم به، حيث لن يكون العيد هذا العام لمن لبس الجديد، وفق علماء الاجتماع. يستقبل العالم الإسلامي هذا العام عيد الفطر في ظل جائحة كورونا. وستكون العائلات مجبرة على ملازمة البيوت حيث لن تفتح المولات ولا الحدائق ولا المنتزهات أبوابها لتستقبل الأطفال الذين تزينوا بلباس العيد كما جرت العادة. وأكد علماء الاجتماع أن العيد لن يكون هذه السنة لمن لبس الجديد، بل ذهبوا لأبعد من ذلك وقالوا إن العيد لن يكون هذا العام لأحد. وأشار الدكتور أحمد فلاح أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة بأن فايروس كورونا تسبب هذا العام في سرقة بهجة رمضان وبهجة الاستعداد للعيد، موضحا أن العائلات الإماراتية تتميز بالتواصل والتزاور المستمر خلال شهر رمضان، وتحرص على التجمع ببيت كبير العائلة في ليالي رمضان وأيام العيد. وقال فلاح إن الأحفاد والأبناء يلتقون مع الآباء والأجداد في جلسات رمضانية عائلية، مشيرا إلى أن جلسات التهاني في العيد يسعد بها الأطفال خصوصا وقت توزيع العيدية. وأضاف، في الأيام الماضية، أجبرت العائلات على إقامة مجالس عائلية افتراضية عبر الإنترنت، وهي جلسات لا تشبع رغبة التواصل الاجتماعي، وفي أيام العيد ستلتزم الأسر بالبقاء في المنزل والاكتفاء بالتهاني الإلكترونية، وهو ما يسلب من العيد بهجته، ليمر كغيره من الأيام. وعبّر فلاح عن خشيته أن تستمر أزمة كورونا طويلا، مؤكدا أنها تشكل خطرا على العادات والتقاليد المجتمعية، إذ تفرض تباعدا جسديا، وبسبب هذا التباعد تختفي عادات وتقاليد مجتمعية، و”بمرور الوقت قد نرى جيلا لا يتمسك بهذه العادات لينساها كليا”. وأعلنت عديد الدول العربية حظر التجول الكامل أيام عيد الفطر خوفا من مزيد تفشي الوباء ومنها السعودية التي قررت حظر التجول الكامل خلال الفترة الممتدة من 24 حتى 28 مايو واستمرار منع الدخول والخروج من المناطق المعزولة. كما لن يسمح الأردن للفضاءات التجارية بالعمل، معلنا أن أول أيام العيد ستكون بمثابة حظر شامل أشبه بما يتم تطبيقه كل يوم جمعة. الأطفال هم الأكثر تأثراً بإلغاء عادات وتقاليد العيد، لأنهم لن يرتدوا ملابس جديدة، ولن يخرجوا من منازلهم للعب مع أقرانهم أما مصر، فقد أعلنت عن، مجموعة من الإجراءات الاحترازية التي سيتم تطبيقها في فترة إجازة عيد الفطر ومنها غلق كل المحلات التجارية والمولات والمطاعم والحدائق العامة والمتنزهات وإيقاف كافة وسائل النقل الجماعي لمدة 6 أيام، وذلك بهدف تقليل عدد الإصابات بفايروس كورونا. كما تتجه الجزائر نحو فرض حجر صحي تام في كامل البلاد بمناسبة عيد الفطر للتقليل من ارتفاع الإصابات. وقد فرضت هذه الأجواء على الآباء والأمهات المزيد من التوقي والحذر والاكتفاء بالبقاء في المنزل دون التزاور أو مرافقة الأطفال إلى الملاهي والفضاءات العمومية التي أغلقت بقرارات حكومية. وقالت نسرين أم لطفلين “سيحرم أطفالي هذه السنة من الذهاب إلى الملاهي والمنتزهات وحتى من ملاقاة أبناء الجيران واللعب معهم لساعات طويلة كما في الماضي”. وأضافت لـ”العرب”، سيحرمنا الفايروس من بهجة العيد كما سيسرق من أطفالنا الفرحة والتباهي بلباسهم الجديد، مؤكدة على وجوب التزام إجراءات التباعد الاجتماعي حتى يتم القضاء نهائيا على الوباء. بدورها أكدت الأربعينية لمياء الهذيلي أن ابنها سيحرم هذه السنة من “العيدية” التي تعود أن يحصل عليها من أعمامه وأخواله وخالاته، القاطنين بعيدا عنه، وذلك لأنهم لن يتزاوروا، تطبيقا لإجراءات الحجر الصحي الموجّه. وقالت الهذيلي لـ”العرب”، إن حيازة الأطفال للعيدية باليد تجسيد مادي للحب الذي يربط بين الجميع في أيام الفرح، وإن كانت بعض العيديات رمزية أو على شكل هدايا فإن بعضها يجعل جيوب الأطفال دافئة ومليئة أيضاً، ويشعرون بمعنى العيد ويظهر التكافل والتراحم على نحو أوسع، مستطردة أنهم لن يحصلوا عليها هذه السنة بسبب كورونا. ويؤكد علماء الاجتماع، أن الأطفال هم الأكثر تأثراً بإلغاء عادات وتقاليد العيد، لأنهم لن يرتدوا ملابس جديدة، ولن يخرجوا من منازلهم للعب مع أقرانهم، ولن يحصلوا على العيدية النقدية من أعمامهم وأخوالهم والأقرباء. كورونا يفقد العيد أجواء الفرح والبهجة كورونا يفقد العيد أجواء الفرح والبهجة وأشاروا إلى أن وجود الحوالات البنكية اليوم، وتطبيقات البنوك ومواقعها على الهواتف الذكية والحواسيب، قد يضمن استمرار العيديات لمن أراد أن يضمن رسم الابتسامة على وجوه الأطفال ومن اعتادوا أن يحصلوا على العيدية في الساعات الأولى من عيد الفطر المبارك، في حين قد يحصل عليها نقدا من هم داخل البيت الواحد. وقد اعتاد بعض الناس أن تكون عيدياتهم على أشكال هدايا مزينة وملوّنة للأطفال مع أكلات وحلويات وألعاب، وبسبب “كورونا” قد يصعب تقديمها شخصياً، لكن المتاجر الإلكترونية قد تساعد في إيصال أي طلب قبل العيد، ليفرح بها الأطفال في أول أيامه. ولإضفاء جو البهجة على أيام العيد زمن كورونا، اقترح علماء النفس قضاء هذه المناسبة في المنزل مع الأبناء وتزيين البيت ومد موائد الحلويات والأطعمة اللذيذة، وملء البيت بالهدايا التي يفرح بها الأبناء، واللعب معهم، والتسابق والتنافس بما يزيد من القرب منهم. وقال أحمد الأبيض المختص في علم النفس “إننا نحن من نصنع الفرح في عقولنا ونعيش معه ونحن الذين نبتكره”. وأضاف، يمكن خلق بهجة العيد عن طريق اللباس الجديد والزينة والألعاب، مشيرا إلى أن الأسرة بإمكانها خلق الأجواء التي يحبها الصغار. وأكد الأبيض على أن الفرصة متاحة للأطفال لاستعمال تكنولوجيا الاتصال بغاية التواصل مع أفراد العائلة الغائبين صوتا وصورة وهو ما من شأنه أن يخرجهم من عزلتهم. وأشار إلى أنه على الآباء أن يحافظوا على تقاليد العيد بأن يمكنوا صغارهم من “العيدية” التي تعتبر ذات دلالة ورمزية. وحتى الأقارب الذين لا يستطيعون تمكين الأطفال ممن اعتادوا على منحهم العيدية، بإمكانهم أن يكلفوا آباء الأطفال بذلك بدلا عنهم، ليشعر الأطفال أن أقاربهم لم ينسوهم هذا العام بسبب كورونا. ولفت الأبيض إلى أنّ هناك في الأحياء الشعبية ألعاب يمكن أن يتوجه إليها الصغار شرط أن يكونوا حاملين للكمامات من أجل الحفاظ على صحتهم.
مشاركة :