بعد 14 عاماً تقريباً على تحطّم طائرة إيرباص تابعة لإير فرانس أثناء رحلة بين ريو دي جانيرو وباريس في حادث قُتل فيه 228 شخصاً، برّأت محكمة فرنسية الإثنين الشركتين من تهمة القتل غير العمد. واعتبرت محكمة باريس الجنائية أنّه رغم ارتكاب "أخطاء" فإنّه "لم يتمّ إثبات" وجود "أيّ صلة سببية قطعيّة" بين الشركتين والحادث الذي وقع في 2009 وحصد أكبر عدد من الضحايا في تاريخ شركات الطيران الفرنسية. وقرابة الساعة الواحدة والنصف ظهراً (11,30 ت غ)، امتلأت قاعة المحكمة الكبيرة بأقارب ضحايا وفرق من الخطوط الجوية الفرنسية وإيرباص بالإضافة إلى الصحافيين. وعندما تم إعلان حكم البراءة، وقف بعض المدّعين مندهشين قبل أن يجلسوا مجدّداً بينما واصلت القاضية تلاوة نصّ القرار. من جهتها، قالت دانييل لامي التي ترأس جمعية لأهالي الضحايا "توقّعنا حكماً محايداً، لكن لم يحصل ذلك. نشعر بالاشمئزاز". وأضافت "كلّ ما تبقّى من 14 عاماً من الانتظار هو اليأس والذعر والغضب". بدوره، قال المحامي آلان ياكوبوفيتش الذين يمثّل أهالي ضحايا "قيل لنا: +مسؤولتان لكن غير مذنبتين+. كنّا ننتظر كلمة +مذنبتان+". في البرازيل أيضا جاء رد الفعل غاضبا. وقال رئيس جمعية الضحايا البرازيليين للحادثة نيلسون مارينيو في تصريح لصحيفة "أو غلوبو" إن "النظام القضائي الفرنسي ليس جديا وليس محايدا". وتابع مارينيو الذي قضى ابنه في الحادث "هذه المأساة دمّرت الكثير من العائلات"، مضيفا "لا يمكنني وصف ما أشعر به اليوم". أمّا الخطوط الجوية الفرنسية، فقالت في بيان "لن تنسى الشركة أبداً ذكرى ضحايا هذا الحادث المروّع وتعرب عن أعمق تعاطفها مع جميع أحبّائهم". واعتبرت إيرباص أنّ القرار "متّسق" مع قرار رفض رفع دعوى الذي أُعلن في ختام التحقيق عام 2019. كما "تعرب" الشركة المصنّعة للطائرة عن "تعاطفها" مع أقارب الضحايا و"تؤكّد التزامها التامّ (...) على صعيد سلامة الطيران". وتحطمت طائرة رحلة إير فرانس الرقم 447 بين ريو دي جانيرو في البرازيل وباريس ليل الأول من حزيران/يونيو 2009 في المحيط الأطلسي بعد ساعات قليلة على إقلاعها ما أدّى إلى مقتل 216 راكباً وأفراد الطاقم الاثني عشر. وكانت الطائرة، وهي من طراز إيرباص "إيه330"، تقلّ أشخاصا من 33 جنسية بينهم 72 فرنسياً و58 برازيليّاً. وكان قرار المحكمة منتظراً إثر محاكمة مطوّلة أبدى خلالها القضاة تقييمات متضاربة. وخلال الجلسات التي جرت في الفترة من 10 تشرين الأول/أكتوبر إلى 8 كانون الأول/ديسمبر، طلبت النيابة العامة عدم سماع الدعوى بحقّ الشركتين، معتبرة أن إثبات ذنبهما "مستحيل". وعُثر على أولى اجزاء الطائرة والجثث في الأيام التي تلت الحادث. لكن لم يحدّد مكان حطام الطائرة الرئيسي إلا بعد سنتين بعد عمليات بحث طويلة على عمق 3900 متر. وأكّد الصندوقان الأسودان نقطة انطلاق الحادث وهو تجلّد مسبارات السرعة من نوع بيتو، عندما كانت الطائرة على علوّ مرتفع في منطقة تشهد أحوالا جوية صعبة قرب الإكوادور. وذُعر أحد مساعدي الطيار بتداعيات هذا العطل فباشر مساراً تصاعدياً وفشل بعد ذلك الطيارون الثلاثة في السيطرة مجدّداً على الطائرة التي خرجت عن السيطرة وارتطمت بمياه المحيط بعد أربع دقائق و23 ثانية على ذلك. واعتبرت المحكمة أنّ شركة إيرباص ارتكبت "أربع مخالفات أو أوجه إهمال"، أبرزها عدم استبدال مسبارات السرعة لا سيّما بعد تزايد الحوادث المرتبطة بها خلال الأشهر السابقة للمأساة. أمّا الخطوط الجوية الفرنسية فارتكبت بحسب المحكمة "خطأين" يتعلّقان بأساليب توزيع مذكرة إعلام موجّهة إلى طيّاريها بشأن مشاكل في مسبارات السرعة. لكن على الصعيد الجنائي، رأت المحكمة أنّ "احتمال وجود صلة سببية لا يكفي لإثبات وقوع جريمة. وفي القضية الحالية، في ما يتعلق بالأخطاء، لا يمكن إثبات صلة سببية قطعيّة بالحادث". وبعد عقد من التنازع بين الخبراء، طلبت النيابة العامة محاكمة الخطوط الجوية الفرنسية لوحدها، لكنّ قضاة التحقيق أعلنوا في عام 2019 عدم قبول الدعوى. واستأنفت النيابة العامّة قرار قضاة التحقيق وطلبت هذه المرة محاكمة الشركتين. وفي عام 2021، وافقت غرفة الادّعاء على طلبها وأمرت بإجراء المحاكمة.
مشاركة :