مع قدوم «عيد الفطر» تتأجج الذكريات ويشتد الحنين لأيام خلت، حيث كانت البهجة والسعادة تعم «الفرجان» والبيوت، ضمن طقوس وعادات أصيلة، أفراح تتجدد ومظاهر لم تتغير إلى اليوم، وإن كانت تمارَس في قالب عصري، من حيث الديكورات والأواني والملابس والحناء والعطور والبخور، لكنها ظلت وفية لروحها الأصيلة، حيث التزاور وصلة الأرحام والبهجة التي تسود المجتمع وتزيده ترابطاً. ملابس جديدة خديجة الطنيجي تستحضر ذكريات وملامح الزمن الأول، وتتحدث عن العيد حديثاً وما طرأت عليه من تغييرات، مؤكدة أن العيد ما زال ينشر البهجة بالطريقة نفسها. فالعيد كان يسبقه تجهيز الملابس الجديدة بفترة طويلة، ويتجلى ذلك في ثوب واحد وشيلة للنساء، عندما كانت الخياطة يدوياً. وتتعاون النساء في خياطة ملابس الأطفال على ضوء «الفنر»، وتقتصر على لباس واحد لكل طفل، يرتديه خلال العيد ويحتفظ به للعيد الذي يليه، والذي كنا نطلق عليه «عيد الحج» أو «عيد الأضحى»، بينما كانت النساء يجهزن بعض المأكولات لصباح يوم العيد، مثل الخبيص والهريس، بينما يجهز ميسورو الحال، العيش واللحم بعد ذبح المواشي. فرحة «الفريج» وأضافت الطنيجي: كانت السعادة تعم بيوت «الفريج»، فالجميع ينخرطون في فرح وبهجة، حيث أطفال العائلة سعداء بملابسهم الجديدة، ومظاهر الزينة على وجوه البنات، من العناية بشعورهن إلى الحناء التي تزين أياديهن. والرجال يتوجهون إلى المصلى صباح العيد باكراً، ثم يجتمعون في البيت الكبير، وتتواصل الزيارات إلى ثالث أيام العيد، كما يستمتع الأطفال بالألعاب الشعبية التي يصنعونها بأيديهم، أو عبر «المريحانة» التي تثبت تحت شجرة كبيرة، فيما يتسابق الأطفال لشراء الحلويات من الدكان القديم. ومن مظاهر العيد قديماً «سباق الجِمال» والذي كان يستقطب السكان، موضحة أن فرحة العيد كانت ترتبط بالبساطة والعفوية، حيث يتم اللقاء بصديقات الطفولة، وتجمّع الأهل والأقارب في منزل العائلة، لتتلون الحياة ببهاء العيد، وكنا نخرج مع شروق الشمس، ولا نعود إلا بعد غروبها، منطلقين بزيارات إلى الأقارب لجمع «العيدية»، وكنا نتفاخر فيما بيننا ونتنافس في قيمة ما حصدناه من «عيدية»، لنصرفها على الحلويات ونحتفظ بالباقي. أخبار ذات صلة الأمم المتحدة تطالب بهدنة في السودان خلال «عيد الفطر» الحكام يؤدون صلاة عيد الفطر ويستقبلون المهنئين عطور وبخور لم تتغير عادات العيد الجميلة من حيث الطقوس والعادات والتقاليد والصور الذهنية الرائعة من تراحم وتزاور، إلا في إطار طريقة ممارستها، حيث اختلف إعداد سفرة العيد المتنوعة والتي تزخر بما لذ وطاب، وشكل الملابس العصرية المتنوعة والعطور والبخور التي تعطر البيت والملابس. وقالت الطنيجي: من العادات الجميلة التي مازلنا نحرص على تطبيقها بالطريقة القديمة نفسها، تعطير وتبخير ملابس النساء التقليدية في العيد بالدخون، بينما نبخّر كندورة الرجال بالعود الخشب، كما نطيّب البيوت بأجمل أنواع الدخون، ما يجعل هذه الصناعة تنشط في الشهر الكريم وخلال العيد، وطوال أيام السنة، كما تتزين النساء بنقوش الحناء العصرية والتراثية. بيت العائلة أوردت خديجة الطنيجي أن مظاهر وصور الاحتفاء بعيد الفطر المبارك في الماضي والحاضر في مختلف مناطق الدولة، متقاربة فيما بينها وأبرزها صلاة العيد وزيارة الأقارب والأصدقاء في مجموعات، والتجمع لتناول الطعام التقليدي، مثل الهريس والخبيص واللقيمات والعرسية والبلاليط. وكذلك التجمع في بيت العائلة، بينما تغيرت بعض المظاهر من حيث التجهيزات وديكورات المنازل والأثاث في وقتنا الحاضر، حيث بات التنافس على جعل البيوت في أجمل حُلة، بينما تزخر «فوالة» بأرقى الأنواع، إلى جانب المأكولات الشعبية التي لا يمكن الاستغناء عنها.
مشاركة :