تونس - أمر قاضي تحقيق تونسي فجر الخميس بسجن رئيس حركة النهضة الإسلامية المعارض راشد الغنوشي وهو احد ابرز المنتقدين للرئيس قيس سعيد للاشتباه في تآمره على أمن الدولة الداخلي والتحريض على تبديل هيئتها بعد ساعات من التحقيق معه وفق ما أكده عدد من محاميه. وأفاد المحامي مختار الجماعي في تصريح لاذاعة " جوهرة اف ام" الخاصة ان النيابة العامة فتحت ضد الغنوشي وعدد من قيادات جبهة الخلاص بحثا من أجل تبديل هيئة الدولة وحث السكان على مواجهة بعضهم البعض وفق الفصل 68 و72 من المجلة الجزائية. وأشار الى وجود عديد الخروقات في قرار سجن الغنوشي ومؤكدا حدوث خلافات بين القاضي ولسان الدفاع بشأن دوافع الاحتفاظ وانتقائية واضحة لادانة رئيس حركة النهضة. بدورها قالت المحامية منية بوعلي في تدوينة عبر صفحتها الرسمية على الفايسبوك ان قرار ادانة رئيس حركة النهضة "كان قرارا سياسيا وجائرا، لقد كان قرارا جاهزا... سجن الغنوشي كان بسبب تعبيره عن رأيه". ونشرت الصفحة الرسمية للغنوشي على فيسبوك تعليقا له بعد قرار حبسه قال فيه "اقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا.أنا مستبشر بالمستقبل..تونس حرة". واعتبرت جبهة الخلاص الوطني اليوم الخميس أن قرار سجن رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي يدل على "انهيار حالة حقوق الإنسان" في البلاد، داعيةً إلى إطلاق سراحه هو و"كافة المعتقلين السياسيين فورا". وقالت الجبهة في بيان بتوقيع رئيسها أحمد نجيب الشابي إن "إحالة أهم شخصية سياسية (الغنوشي) بحكم موقعها وحضورها في مقدمة المشهد السياسي التونسي لأكثر من أربعين سنة، بناء على رأي أدلى به بمناسبة ندوة فكرية حوارية نظمتها جبهة الخلاص، إنما يدل على انهيار حالة الحريات في البلاد والذي انتهى إلى تجريم حرية الرأي والتعبير والنشاط السياسي السلمي". واعتبرت الجبهة أن سجن الغنوشي "دليل قطعي على فشل السلطة القائمة في إعداد ملف قضائي جدي.. السلطة اضطرت إلى الالتجاء إلى المرسوم 54 سيء الصيت وإلى التأويل الفضفاض لأحكام القانون في مادة التآمر على أمن الدولة، ما يتعارض ومبادئ القانون الجنائي ويقوم دليلا قاطعا على انتفاء شروط المحاكمة العادلة". ودعت إلى "الإطلاق الفوري لسراح الغنوشي وكافة المعتقلين السياسيين"، محملةً "السلطة كل المسؤولية عما قد يصيبه من أذى وهو شيخ الثمانين الذي يعاني من أمراض مزمنة (ارتفاع ضغط الدم خاصة) يمكن أن تعرضه لحادث دماغي في ظروف السجن المقيتة والمشينة". وأعلن متحدث الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي الأربعاء أن عدد الموقوفين من قياديي "النهضة" بهذا الملف 7 أشخاص بتهم "الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب". وقامت قوات الأمن الاثنين قبل وقت وجيز من موعد الإفطار بمداهمة منزل رئيس النهضة واقتياده الى احد الجهات الأمنية للتحقيق معه وذلك بسبب تصريحه في اجتماع لجبهة الخلاص قال فيها ان "تونس من دون الإسلام السياسي أو اليسار هو مشروع حرب أهلية. هذا إجرام". واصفا انصار الرئيس قيس سعيد بالإرهابيين. وقرر قضاة التحقيق إطلاق سراح عدد من قيادات النهضة على غرار مستشاري الغنوشي محمد القوماني وبلقاسم حسن وكذلك قيادات إسلامية مثل محمد شنيبة وعبد الله الصخيري والموفق بالله الكعبي على ذمة القضية. وحظرت السلطات التونسية يوم الثلاثاء، اجتماعات في جميع مكاتب حزب النهضة الإسلامي المعارض وأغلقت الشرطة مقر ائتلاف جبهة الخلاص المعارضة في العاصمة فيما قال حزب النهضة إنه يخشى أن يكون القرار تمهيدا لحظره. ونددت النهضة في بيان الخميس بقرار سجن الغنوشي معتبرة انه سياسي بامتياز قائلة ان " أن مضمون مداخلة الأستاذ راشد الغنوشي محل التتبع العدلي ليس فيه أية دعوة للتحريض ولا يمس البتّة من السلم الأهلية وأن الاتهام تعمّد اجتزاء المداخلة لتبرير الإيقاف الظالم". وعبر كل من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وتركيا عن القلق من ايقاف الغنوشي غلق مقرات حركة النهضة. وقالت وزارة الخارجية الأميركية اليوم الأربعاء إن إلقاء القبض على الغنوشي وإغلاق مقرات الحزب وحظر اجتماعات جماعات معارضة يمثل تصعيدا مقلقا من قبل الحكومة التونسية. بدورها أعربت وزارة الخارجية التركية، الخميس، عن قلقها من حبس السلطات التونسية للغنوشي حيث ذكرت في بيان أن مثل هذه المواقف تجاه السياسيين الذين يمثلون شرائح مختلفة من المجتمع لن تفيد السلم الأهلي في تونس. وعبّرت عن إيمانها بنجاح عملية الانتقال الديمقراطي في تونس في حال تنفيذه على أساس توافقي واسع يشمل كافة شرائح المجتمع. وأكدت أن تركيا ستواصل كما فعلت إلى اليوم الإسهام في سلام وازدهار ورفاهية تونس الشقيقة والصديقة. وكان المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لويس ميغيل بوينو طالب الثلاثاء شدد على ان الاتحاد بانتظار صدور معطيات رسمية حول أسباب توقيف السلطات التونسية للغنوشي. وشدد وفق ما نشره موقع الاتحاد على "ضرورة احترام مبدأ التعددية السياسية وعلى أن هذه المبادئ تعد ركيزة أساسية في كل الديمقراطيات وهي أساس الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي". وردا على المواقف الخارجية اعتبرت الخارجية التونسية في بيان الاربعاء أن التصريحات والتعليقات الأخيرة لبعض شركائها "تشكل تدخلا مرفوضا في الشأن الداخلي للبلاد خاصة وأنها على دراية بحقائق الأوضاع". ولفتت الخارجية إلى أن بيانها يأتي "على إثر سلسلة التصريحات والبيانات التي تمّ نشرها مؤخرا من قبل بعض من شركاء تونس (لم تسمّهم)، التي تحترم بشكل تام مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى". وتابعت أنها "تذكّر الذين لم ’يعبّروا عن انشغالهم’ من نتائج مثل هذه التصريحات غير المسؤولة والخطيرة، بأن قوانين الجمهورية سارية على جميع المتقاضين على حد سواء ودون تمييز، مع توفير كافة الضمانات اللازمة، وأن العدالة تمارس برصانة دون تأثر بموجة التعليقات غير المقبولة". كما شددت، في المقابل، على أن مثل هذه التعليقات من شأنها "الانعكاس سلبا على جهود الدولة المكثّفة لتصحيح الوضع الاقتصادي والمالي الواقع تحت الضغط نتيجة سوء الحوكمة التي اتّسم بهما العقد الماضي، وما انجرّ عنهما من تداعيات لا يزال التونسيّون يتحمّلون تبعاتها". وأكدت الخارجية أهمية تنشيط الاقتصاد الوطني بأقصى ما هو متاح من إمكانيات، بما من شأنه تحقيق الاستفادة المثلى من الفرص الاقتصادية التي تزخر بها البلاد.
مشاركة :