تأتي توقعاتنا من نموذج ديناميكي للنظام الجديد Earth4All الذي يسمح لنا باستكشاف سيناريوهين للاقتصاد والسكان في هذا القرن. في السيناريو الأول، يستمر الاقتصاد العالمي في مسار مشابه للمسار المتبع خلال الـ50 عاما الماضية، حيث سيتحرر عديد من الدول الأكثر فقرا في نهاية المطاف من براثن الفقر المدقع، ويبلغ عدد سكان العالم ذروته عند 8.8 مليار نسمة في منتصف القرن قبل أن ينخفض إلى 7.3 مليار في 2100. في السيناريو الثاني، الذي نسميه "القفزة العملاقة"، يصل عدد سكان العالم إلى 8.5 مليار بحلول 2040 تقريبا وينخفض إلى ستة مليارات فقط بحلول نهاية القرن. وسيتطلب ذلك استثمارات غير مسبوقة في مجالات التخفيف من الفقر ورأس المال البشري إلى جانب تحولات غير عادية في السياسات بشأن الأمن الغذائي وأمن الطاقة وعدم المساواة والمساواة بين الجنسين، وحسب هذا المستقبل المحتمل سيتم القضاء على الفقر المدقع في غضون جيل واحد "بحلول 2060"، مع تأثير ملحوظ في الاتجاهات السكانية العالمية. غالبا ما تواجه التوقعات الديموغرافية السائدة صعوبات في ربط النمو السكاني بالتنمية الاقتصادية. ومع ذلك، فإننا نعلم أن التنمية الاقتصادية السريعة في الدول منخفضة الدخل لها تأثير كبير في معدلات الخصوبة. تنخفض معدلات الخصوبة مع حصول الفتيات على التعليم، ومع زيادة تمكين النساء اقتصاديا من خلال الحصول على عمل مدفوع الأجر ومع وجود رعاية صحية أفضل وأساليب تنظيم الأسرة. عندما قمنا بدمج هذه العوامل في توقعاتنا، تباطأ النمو السكاني بشكل كبير. لكن النتائج التي توصلنا إليها مشروطة إلى حد كبير، فمن أجل تحقيق القفزة العظيمة، يجب على الحكومات في الدول منخفضة الدخل أن تلتزم بشكل كامل بمتابعة التنمية الاقتصادية القائمة على الاستثمارات الكبيرة في التعليم بدلا من النمو الاقتصادي الذي يحركه فقط استخراج الموارد الطبيعية. إضافة إلى ذلك وفي حين أن نزع فتيل القنبلة السكانية قد يكون ضروريا لتقليل مخاطر الانهيار الحضاري في المستقبل، إلا أنه ليس كافيا. عندما درسنا العلاقة بين السكان وحدود الكوكب، وجدنا أنه - على عكس الأسطورة الشائعة - فإن حجم السكان ليس هو السبب الرئيس لخرق البشرية لهذه الحدود "ينعكس في مشكلات مثل تغير المناخ"، بل إن المحرك الرئيس لذلك هو استهلاك أغنى 10 في المائة - مجموعة تتسبب في تأثيرات مادية كبيرة جدا. إن المشكلة الكبيرة التي تواجه البشرية تتمثل في ترف الكربون واستهلاك المحيط الحيوي وليس السكان. إن الأماكن التي يرتفع فيها عدد السكان بشكل أسرع لها تأثيرات بيئية محدودة للغاية لكل شخص مقارنة بالدول التي وصل عدد سكانها إلى الذروة منذ عقود عدة. لو تم توزيع الموارد بشكل أكثر عدلا، لتمتع سكان العالم اليوم بظروف معيشية تتجاوز الحد الأدنى من المستوى المعيشي، حسب الأمم المتحدة، ودون الحاجة إلى تغييرات كبيرة في اتجاهات التنمية. يقدم تقرير الناس والكوكب نظرة متفائلة عن سكان العالم. تتحدى النتائج التي توصلنا إليها المفهوم الخاطئ الشائع بأن النمو السكاني هو السبب الرئيس لتجاوز حدود الكوكب، ففي واقع الأمر فإن الناس الأكثر ثراء على مستوى العالم هم من يقودوننا نحو الهاوية. لا يزال بإمكاننا من خلال التغيير الاقتصادي الممنهج توفير حياة جيدة للجميع ضمن حدود الكوكب. نأمل أن يؤدي تقريرنا إلى تشجيع صانعي السياسات على إعادة دراسة تأثير أنماط الاستهلاك وإعطاء الأولوية للتوزيع العادل على النمو الاقتصادي، وهذا سيعود بالفائدة على ذلك النمو. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكت، 2023
مشاركة :