إنه يوم الاستئناس بالفرح، كونهُ هبة ربانية وسُنة نبوية، تحمل الوعي الجمعي أكثر من كونه اجتماعيا فقط، بشموليته التكاملية في مبدأه الجميل في التجمع بعيداً عن الفردية والانعزالية، ذات طبيعة احتفالية، وكأن جموع المُسلمين ضيوفاً كراما على مائدة المودة وصلة الأرحام والتراحم بطقوس إيمانية ذات دلالات روحانية تستعيد فيه الأرواح حيوات سابقة على الخطية، أو احتفال ببهجة اليوم، والأنس، بالتزاور والأطعمة والشراب وأنواع الاحتفاء الجميل.. تختلف عاداتها من بلد إلى آخر، وقد عبر عنه أمير الشعراء أحمد شوقي في ديوانه (هلل في ذراك وكبرا)، منشداً: العيدُ هلّل في ذُراك وكبّرا وسعى إليك يزف تهنئة الورى وافى بعزك يا عزيز مُهنئا بدوام نعمتك العبادَ مُبشِّرا وتنتقل العادات في كل وطن للأجيال تتوارثها، فالأسر السُعودية تزرع الموروث الشعبي لأطفالها، ومنها حوامة العيد، التي تُعد تُراثاً قديماً، منذ ارتداء أطفال الحي الملابس التراثية المخصصة للعيد، مع زينة البنات بالحناء، حتى التجول بين بيوت الحي وأنحائها عقب صلاة العيد للحصول على العيدية، التي تتنوع بين النقود والحلوى. وفي مصر، أهل الولع بالاحتفالات ومظاهرها المتعددة المبهرة في كل مكان، والتي تبدأ من شُرفات المنازل إلى الساحات العامة ناشرين في كل زاوية الفرح والسرور والاحتفال والتضامن الاجتماعي وتقديم المساعدة لبعضهم بعضاً، فما بالك بخبز الخميرة، وخبز الرقاق، والهريس، والثريد والمضروبة، بشقيقتنا دولة الإمارات، وبالكليجة العراقية والحلوى الدمشقية إلى جانب الحلويات المختلفة، مثل الكعك والبرازق وطبق البولاني الأفغاني، والبقلاوة التركية وغيرها من الأطعمة بكل دولة تبتهج بعيدها. لنغتنم النفحة الربانية من رب العباد، بما تتجلى فيها أسمى معاني الرحمة والعفو، مستمرة في مدرسة العيد لا تنتهي بانقضاء أيام العيد ولياليه، بل تستمر مادامت الحياة وعلينا ألا ننسى الفقراء المتعففين بين الأهل والجيران والأصدقاء الغُرباء وغيرهم وعلينا تحري مواضع الزكاة والصدقات والبحث عن مستحقيها، وليحذر المسلم أن يتجاوز في يوم العيد أو فيما بعده، بما أمره الله به من حدود عليه ألا يهدم ما بناه في الشهر الفضيل، وليرسم البسمة على الوجه ونور الطاعة، فما أجمل صباح العِيد! وما أَسعد أَهلهُ، برحمةِ اللهِ وكرمه. وأخيراً: أجمل التهاني والتبريكات النابعة من القلب أهنئكم وأهنئ شعبي وأمتينا العربية والإسلامية بعيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات.
مشاركة :