توطين الوظائف في الخليج أمام وافدين بأعداد أقل وأكبر في الوقت نفسه

  • 4/26/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تُظهر الكويت والسعودية تصميما واضحا على التخلص من الوافدين ضمن إستراتيجية تقوم على توطين الوظائف. لكن المفارقة أن البلدين اللذين يتزعمان هذه السياسة يجدان نفسيْهما في حالة تناقض، فمن ناحية يتم التخلي عن الوافدين ومن ناحية أخرى يقع استيعاب نوعية جديدة منهم؛ إنها فترة قدوم الوافدين ورحيلهم في الوقت نفسه. وقررت الكويت التخلي عما يقارب ألفي معلم وافد إثر نهاية الموسم الدراسي في منتصف شهر يونيو المقبل وإعادتهم إلى أوطانهم. يحدث هذا بينما يُثير وصول الوافدين إلى الرياض أزمة نقص المساكن. وعززت الكويت برنامج التّكْويت المصمم لتقليص عدد العمال الأجانب الذين شكلوا في 2021 حوالي 70 في المئة من 4.5 مليون نسمة. ويدعو البرنامج إلى خفض أعداد المهاجرين بأكثر من النصف، وإخراج 1.5 مليون عامل من البلاد. وتنفي الحكومة استهداف أي جنسية، لكن المصريين هم من يتحملون أغلب الأعباء الناجمة عن هذه الخطة التي طُرحت سنة 2017 وقُدّمت مسودة قانون في أغسطس 2020 قبل اعتمادها قانونا بعد شهرين. وتسارعت عملية التكويت منذ ذلك الحين. وأعلنت وزارة الشؤون البلدية في أغسطس الماضي أنها ستخرج جميع الأجانب العاملين في نطاقها خلال سنة. وتقرر بالفعل تنفيذ خطط مماثلة لشركة النفط الوطنية الكويتية. لكن برنامج التكويت شهد نكسات؛ إذ سجّلت وزارة الصحة التي توظف 61 ألفا في الواقع زيادة عدد الوافدين من 33 ألفا في 2021 إلى أقل بقليل من 39 ألفا حسب الأرقام الصادرة عن وزير الصحة في البرلمان هذا العام. وازدادت وتيرة فصل المعلمين الأجانب منذ دخول قانون التكويت حيز التنفيذ. وذكرت وسائل إعلام محلية أن العملية ستشمل في يونيو المقبل 1815 مدرسا و209 رؤساء أقسام، وأن المصريين يشكّلون 80 في المئة من المتضررين. وتُقدّر النسبة لدى السوريين بأكثر من 10 في المائة. ويشمل العمال كذلك الوافدين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كالمغاربة والتونسيين واللبنانيين واليمنيين والعمانيين. ولا يمكن تحديد مدى استعداد الكويتيين لشغل الوظائف الجديدة ودرجة خبراتهم وتدريباتهم التعليمية. ويشير تقرير لموقع “عرب دايجست” إلى أن الضرر لا يقتصر على الوافدين الأجانب، وإنما يطال دولهم بصفة خاصة. وتكتسي تحويلاتهم المالية إلى أوطانهم أهمية بالغة بالنسبة إلى أسرهم واقتصاداتهم المحلية. ونمت التحويلات المالية من دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقدين الأولين من القرن من 26 مليار دولار إلى 118 مليار دولار. وبلغت نسبة التحويلات المالية في مصر من الناتج المحلي الإجمالي 7.8 في المئة سنة 2021، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 5.8 في المئة. ووصلت النسبة في لبنان، الذي يعاني من اقتصاد مدمر، إلى 21 في المئة سنة 2020. وشهدت تونس ارتفاعا في هذه النسبة إثر تدهور اقتصادها في الفترة الأخيرة، حيث بلغت حسب أحدث البيانات 6.5 في المئة في منتصف 2021. وكانت التحويلات المالية شريان الحياة بالنسبة إلى البلدان التي مزقتها الحروب مثل سوريا واليمن والسودان، وأصبحت مهددة الآن بعد تكثيف دول الخليج مساعيها لخفض عدد العمال الوافدين. ويعكس الوضع في السعودية التوجه الخليجي. وكانت السَّعْوَدة سياسة معلنة على مدى سنوات عديدة، لكنها اشتدت بالتزامن مع إصلاحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تقوم على توطين الوظائف. وأعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية في بداية الشهر الجاري عن توطين مجموعة جديدة من المهن والأنشطة في البلاد، وجعلها مقتصرة على السعوديين. وشمل القرار الجديد توطين مهن إدارة المشاريع، والمشتريات، والمبيعات، ومنافذ تقديم خدمات أنشطة الشحن ووسطاء الشحن، بالإضافة إلى منافذ أنشطة التزيين والخياطة النسائية. وفي مقابل توطين المهن المعهودة والتخلي عن الوافدين التقليديين وجدت المملكة نفسها قبلة لوافدين من نوع جديد، وهم العاملون في الشركات الدولية الكبرى التي اضطرت إلى نقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض استجابة لضغوط سعودية. ووجد الوافدون الجدد أنفسهم يواجهون نقصا في المساكن وفقا لبيانات شركة الاستشارات العقارية نايت فرانك. ويعني هذا أنهم يواجهون سوقا ضيقة وإيجارات باهظة الأثمان. وتشير تقارير إلى أن المملكة ضخت تريليون دولار لبناء مساكن في جميع أنحاء البلاد، لكن الطلب أصبح شديدا في الرياض. ويعود الفضل في جزء كبير من ذلك إلى تصميم الأمير محمد بن سلمان على تحويل العاصمة إلى قوة اقتصادية عالمية. وقال ولي العهد السعودي في “مبادرة مستقبل الاستثمار 2021” التي يطلق عليها اسم “دافوس في الصحراء” إنه يهدف إلى جعل الرياض أحد أكبر عشرة اقتصادات في العالم. وهي اليوم تحتل المرتبة 40 بين المدن الاقتصادية في جميع أنحاء العالم. وأكد هدفه الكامن في زيادة عدد سكانها من 7.5 مليون اليوم إلى حوالي 15 – 20 مليونا في عام 2030.

مشاركة :