عمّان - يستضيف الأردن الاثنين اجتماعا لوزراء خارجية المملكة الأردنية والسعودية والعراق ومصر مع وزير الخارجية السوري، في إطار تواصل المشاورات والمساعي الإقليمية الهادفة إلى طيّ صفحة عزلة سوريا وعودتها إلى الحضن العربي، خاصة بعد انتفاء أغلب العراقيل التي تحول دون ذلك. وأعلنت وزارة الخارجية الأردنية اليوم الأحد أن هذا "الاجتماع يأتي استكمالا للاجتماع التشاوري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن والعراق ومصر الذي استضافته المملكة العربية السعودية في جدة يوم 14 أبريل/نيسان 2023". وتابعت أنه يأتي "للبناء على الاتصالات التي قامت بها هذه الدول مع الحكومة السورية وفي سياق طروحاتها والمبادرة الأردنية للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية". وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان نشرته على صفحتها على فيسبوك أن "وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد يشارك في اجتماع لوزراء خارجية سوريا والسعودية والأردن ومصر والعراق، سيُعقد الاثنين في العاصمة الأردنية عمّان لمتابعة بحث عدد من القضايا التي تمّ طرحها خلال الاجتماعات والاتصالات التي جرت مؤخرا". وانتهى الاجتماع السابق بالتأكيد على أن "الحلّ السياسي هو الحلّ الوحيد للأزمة السوريّة" وشدد الوزراء على "أهمّية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة ووضع الآليّات اللازمة لهذا الدور وتكثيف التشاور بين الدول العربيّة بما يكفل نجاح هذه الجهود". وأشار بيان للخارجية السعودية إلى أن "الوزراء اتفقوا على أهمّية حلّ الأزمة الإنسانيّة وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سوريا وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريّين إلى مناطقهم وإنهاء معاناتهم وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم واتّخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السوريّة". ومنذ وقوع الزلزال الذي ضرب سوريا في فبراير/شباط الماضي تلقى بشار الأسد اتصالات من العديد من القادة العرب الذين كان لهم دور محوري في التخفيف من آثار المحنة عبر المساعدات التي تدفّقت على البلد، كما أدى الرئيس السوري زيارات إلى سلطنة عمان والإمارات، في أول جولة عربية له منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011. وإثر اندلاع الحرب الأهلية في سوريا قطعت دول عربية عدة خصوصا الخليجية منها علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق وأغلقت سفاراتها، كما علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا ووصف عدد من المسؤولين العرب القرار بـ"الخاطئ". وقدّمت دول خليجيّة أبرزها السعوديّة والإمارات وقطر دعما ماليًّا وعسكريًّا لفصائل المعارضة السوريّة قبل أن يتراجع الدعم تدريجيّا خلال السنوات الماضية. وتقود السعودية جهود عودة سوريا إلى الحضن العربي تحت مظلة مجلس التعاون وضمان عدم اعتراض قطر على عودة دمشق إلى الجامعة العربية إذا طُرح الموضوع على التصويت. واستقبل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله مؤخرا نظيره السوري فيصل المقداد وتم خلال اللقاء مناقشة "الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها وتحقّق المصالحة الوطنية وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي". وأكد المقداد أنه "من المستحيل عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية دون تسوية علاقاتها الثنائية مع دولها"، في وقت تتكثف فيه الجهود العربية لفك عزلة دمشق عن محيطها العربي. ووصف رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في تصريح سابق الحديث عن عودة سوريا إلى الجامعة العربيّة بـ"تكهّنات"، مشددا على أنّ أسباب تعليق عضويّة دمشق لا تزال قائمة بالنسبة إلى الدوحة. وكانت الإمارات أول دولة خليجية وعربية تعيد فتح سفارتها في العاصمة السورية في العام 2018 ثم استقبلت الأسد في أول زيارة خارجية له في مارس/آذار 2022 في خطوة على طريق عودة سوريا إلى الحضن العربي بعد أكثر من عقد من القطيعة. ولعبت أبوظبي قبل سنوات دورا بارزا في استئناف العلاقات العربية السورية وتعزز هذا المسار في الفترة الأخيرة مع اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران الخصمين الإقليميين بعد سبع سنوات من القطيعة. وساعدت المصالحة في تحريك العديد من الملفات يتصدّرها الملف السوري. ومع تحقيق القوات السورية لتقدم عسكري على حساب المعارضة بدعم روسي وإيراني قامت بعض الدول العربية بخطوات للتقارب مع سوريا على غرار عمان ومصر والسعودية وتونس، فيما تكثّفت مساعي إعادة العلاقات مع النظام السوري بعد الزلزال المدمر الذي هزّ سوريا. وعيّنت تونس الخميس سفيرا لدى دمشق منهية بذلك الشغور الدبلوماسي بعد انقطاع للعلاقات بين البلدين منذ بدء النزاع في سوريا. وكانت سوريا قد تحوّلت خلال العشرية الأخيرة في ظل عزلتها عربيا إلى ساحة مواجهة بين قوى عظمى متنافسة وكذلك إلى محور صراع بين القوى العربية والإقليمية المجاورة وقوى غربية تتقدمها الولايات المتحدة وهو ما هدد المصالح العربية.
مشاركة :