خلال الاجتماعات الأخيرة لقادة مجموعة الدول السبع، وأعضاء حلف شمال الأطلسي، كان واضحا في نظر الجميع أن العالم يواجه عددا كبيرا من حالات الطوارئ التي ليست كمثل أي شيء شهدناه منذ عقود من الزمن. فقد تصاعدت التوترات الدولية إلى مستويات تنذر بالخطر على خلفية انعدام الأمن الغذائي وأمن الطاقة على نحو متزايد، وانخفاض قيمة العملات، وأزمات الديون التي تلوح في الأفق، وجائحة مرض فيروس كورونا، كوفيد - 19 المستمرة حتى الآن، والتأثيرات متزايدة الحدة الناجمة عن تغير المناخ، والصراعات المسلحة. في السابق، كانت مجموعة العشرين، التي كانت تتولى رئاستها إندونيسيا هذا العام، عقدت منتدى معنيا بالتصدي للمشكلات المالية والاقتصادية، والآن يـدفع بها إلى أرض حساسة بالغة الخطورة، لكن لا يمكننا الانتظار حتى ذلك الوقت لمعالجة أزمات اليوم المتشابكة. ينبغي إطلاق عملية افتراضية على الإنترنت لبدء العمل نحو صياغة استجابة مشتركة. وفقا لبرنامج الغذاء العالمي، يعاني أكثر من 800 مليون شخص الآن الجوع المزمن، ويواجه ما يصل إلى 323 مليونا منهم خطر المجاعة. فقد ارتفعت أسعار الطاقة إلى عنان السماء، وتستمر جائحة مرض فيروس كورونا كوفيد - 19 في الانتشار بين سكان العالم الذين لم يتلقوا التطعيم الكافي، 16.5 في المائة فقط من سكان الدول منخفضة الدخل حصلوا على التطعيم كاملا. علاوة على ذلك، يعاني 60 في المائة من الدول منخفضة الدخل أزمات الديون، وتواجه المجتمعات في مختلف أنحاء العالم موجات الجفاف، والفيضانات، وحرائق الغابات، وغير ذلك من أعراض انهيار المناخ. في نيسان (أبريل)، حذر أنطونيو جوتيريش أمين عام الأمم المتحدة من أن العدد الكبير من الأزمات المتلاقية اليوم "قد يدفع ما يصل إلى 1.7 مليار إنسان -أكثر من خـمـس البشرية- إلى براثن الفقر، والعوز، والجوع على نطاق غير مشهود منذ عقود من الزمن. لكن رغم خطورة الوضع، فإننا لسنا عاجزين عن تغييره. لقد أطـلـقـت بالفعل بعض المبادرات متعددة الأطراف لمعالجة أزمات الديون، والطاقة، وانعدام الأمن الغذائي. لكن كي تكون فعالة، يجب أن تكون هذه الجهود منسقة وشاملة. الواقع أن مشكلاتنا مترابطة ومتشابكة إلى حد يصبح من المستحيل معه معالجتها بشكل مجزأ. تتمثل الأولوية العاجلة اليوم في ضمان الأسعار العادلة وتأمين الإمدادات عبر أسواق الغذاء والطاقة. يتطلب سد عجز تمويل برنامج الغذاء العالمي هذا العام ما لا يقل عن عشرة مليارات دولار. حتى الآن، استجابت المؤسسات الدولية وعديد من الحكومات لأزمة الغذاء بمبادرات مثل التحالف العالمي للأمن الغذائي، الذي أطـلـق هذا الربيع لتنسيق تمويل عمليات الإغاثة الإنسانية والاستثمارات في مرونة الأنظمة الغذائية. وقد صدقت أكثر من 80 دولة على خريطة الطريق من أجل نداء عمل الأمن الغذائي العالمي بقيادة الولايات المتحدة، كما انعقدت قمم مهمة ذات تركيز إقليمي مثل الحوار الوزاري المتوسطي بشأن أزمة الأمن الغذائي والمؤتمر الوزاري للاتحاد من أجل الأمن الغذائي العالمي. لكن حتى رغم أن من المعروف أن التجارة المفتوحة تشكل ضرورة حاسمة لاحتواء انعدام الأمن الغذائي، فإن أكثر من 20 دولة فرضت قيودا على الصادرات الغذائية "من خلال تراخيص التصدير، أو الضرائب، أو الحظر التام". وفي حين وافقت الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أخيرا على إعفاء مشتريات برنامج الأغذية العالمي الإنسانية من قيود التصدير، فإن هذا لن يكون كافيا. نحن في احتياج إلى الاستفادة الكاملة من معرفتنا بكيفية عمل سوق الغذاء العالمية في الأمدين القريب والبعيد، وفيما يتصل بكل من العرض والاحتياطيات. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.
مشاركة :