تسعى إيران للاستثمار في بعض الخلافات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بهدف تحقيق بعض المكاسب لكنها تتجاهل حقيقة مهمة وهو متانة وتاريخية العلاقات الإستراتيجية بين واشنطن والرياض. ورغم حديث القادة الايرانيين عن تغير المعادلة في المنطقة نتيجة الاتفاق السعودي الايراني لكن ذلك يبقى وفق مراقبين رهينا لتغير السياسات التصعيدية لطهران ومدى التزامها بامن الخليج ووقف الاعتداءات على المملكة العربية السعودية وهي شروط لا تزال الرياض تتطلع لتطبيقها وسط مخاوف من عدم احترام الجانب الإيراني لتعهداته. وأعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي السبت أن إيران والسعودية دولتان كبيرتان، معتبرا أن "عودة العلاقات بينهما ستغير المعادلات في المنطقة". وأوضح في مقابلة مع وكالة أنباء النظام السوري "سانا" نشرت فحواها على موقعها الإلكتروني، اليوم السبت "إيران والسعودية دولتان كبيرتان، وعودة العلاقات بينهما ستغير المعادلات في المنطقة وتنظمها". وأضاف أن "النقطة المهمة هي أنه في ذروة الخلاف بيننا وبين السعودية كان قائد الثورة الإيرانية علي خامنئي يؤكد دائماً أنه لا يجب أن يغيب عن الذهن أن العدو الرئيسي هو الولايات المتحدة وإسرائيل نحن نرفض ولا نقبل أن تعدّ السعودية عدوا لنا، أو نكون عدوا لها أبدا". وياتي تصريح رئيسي في اطار تخفيف اللهجة ضد الرياض بعد ان شن المسؤولون الايرانيون وحلفاؤهم في المنطقة انتقادات للمملكة بل وتورطوا في تنفيذ هجمات استهدفت مصالحها وأراضيها لكن في خضم عودة العلاقات بين البلدين وجهود انهاء العزلة عن دمشق حليفة طهران في منطقة الشرق الاوسط بدا خطاب القادة في ايران بتغير. وتسعى السعودية لفك عزلة سوريا من خلال تحركات كان أبرزها زيارة وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان الى دمشق ولقاء الرئيس السوري بشار الاسد وكذلك الجهود في الجامعة العربية لاعادة مقعد دمشق الذي ظل شاغرا اكثر من عقد من الزمن. ورأى الرئيس الإيراني أن "ما يحدث اليوم عالميا هو نوع من التحول إلى عالم جديد وقوى جديدة تتشكل ضد الأحادية الأميركية". وتابع "علاقات جديدة يشهدها العالم، منظمة شنغهاي للتعاون مثلاً ونحن أعضاء فيها، منظمة بريكس أيضا (الصين، روسيا ، الهند ، البرازيل وجنوب إفريقيا)، طاقات حقيقية تستخدمها هذه الدول وهذه المنظمات، كلها دلائل على نظام عالمي جديد ومختلف، بالمقابل القدرات الأميركية والغربية تضمحل باستمرار، دورهم في العالم كله انحدر وضعف وتراجع". ويسعى رئيسي للاستثمار في بعض الخلافات بين الرياض وواشنطن خاصة فيما يتعلق بازمة تخفيض انتاج النفط ضمن اوبك + وردود فعل الرياض بتعزيز العلاقات بين بكين وموسكو وهو ما اثار مخاوف ادارة جو بايدن وامكانية خسارة النفوذ في منطقة حيوية وإستراتيجية. وتوفد ادارة بايدن مسؤولين بارزين الى واشنطن في محاولة لتخفيف غضب الرياض ومنع توجهها شرقا والابقاء على العلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية. يشار أنه في 10 مارس الماضي، أعلنت السعودية وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة. وقبل أيام أعلنت إيران، استئناف العمل في عدد من بعثاتها الدبلوماسية لدى المملكة العربية السعودية في كل من الرياض وجدة، بعد إغلاق دام 7 سنوات.
مشاركة :