جهات مجهولة تعمل على تأجيج الخلافات العشائرية في تونسعاشت منطقة بئر الحفي بمحافظة سيدي بوزيد مساء الخميس صدامات دامية نتيجة جريمة قتل تطورت سريعا لتتحول إلى مواجهات بين البعض من شباب المنطقة ورجال الشرطة. ورأى مراقبون أن في تطور الأحداث محاولات متعمدة من أطراف مجهولة لإحداث فوضى واضطرابات.العرب وجدي بن مسعود [نُشر في 2017/06/24، العدد: 10673، ص(4)]أمن البلاد أولى تونس - أصيب ستة عناصر أمن أحدهم حالته خطيرة في أعمال عنف مساء الخميس بين قريتين في بئر الحفي من ولاية سيدي بوزيد (وسط)، وفق مصادر متطابقة. وأكدت مصادر أمنية أن خلافا حصل الخميس بين شابين في السوق الأسبوعية ببئر الحفي تحول إلى عنف بين قريتيهما بعدما قتل أحدهما الآخر طعنا بسكين. وأصدرت وزارة الداخلية بيانا، الجمعة، أكدت فيه أنه تم خلال تلك المواجهات رشق عناصر وسيارات الشرطة بالزجاجات الحارقة ما أدى إلى إصابة أربعة شرطيين بحروق واحتراق سيارة أمن. ووصفت الوزارة وضع أحد الشرطيين المصابين بـ”الخطير”، مضيفة أنه يرقد حاليا بقسم العناية المركزة في مستشفى الإصابات والحروق البليغة بولاية بن عروس (شمال شرق). وأعلنت الداخلية التونسية أن شرطيين آخرين أصيبا جراء رشقهما “بالمقذوفات الصلبة والحجارة”. وقال مصدر أمني مسؤول إن أفرادا من عرش (عشيرة) القتيل أحرقوا منازل على ملك أقارب القاتل ما استدعى تدخل الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المواجهات. ورشق عناصر من قبيلة القتيل الشرطة بالزجاجات الحارقة. وفي 10 يونيو الحالي، أصيب 78 شخصا في مواجهات بين قبيلتين تنازعتا على قطعة أرض في ولاية قبلي (جنوب). وأوضح مراد المحجوبي والي (محافظ) سيدي بوزيد، لوسائل إعلام محلية، بأن خلافا نشب بسوق المدينة بين شابين أحدهما من منطقة الفراشيش التابعة لحاسي الفريد بالقصرين والآخر من منطقة أولاد يوسف بسيدي بوزيد. وأسفرت تطورات الخلاف عن مواجهات ليلية بين عناصر الأمن والعشرات من الشباب الذين حاولوا اقتحام مركز الأمن بالمدينة باستعمال قنابل المولوتوف، وأحرقت مجموعة أخرى سيارة أمنية مما أدى إلى إصابة عدد من أعوان الشرطة بجروح. وتطرح تداعيات العملية تساؤلات حول محاولة توظيف الاحتقان الناتجة عن جريمة القتل واستغلالها لنشر الاضطرابات والفوضى بما يخدم أجندات أطراف معينة. وترجح مصادر مطلعة لـ”العرب” أن اتساع رقعة المواجهات ودفعها للاصطدام لاحقا بقوات الأمن تم الإعداد له وترتيبه من قبل بعض الجهات والأطراف من خلال شحن الأجواء وتحريك التعصب القبلي والعشائري. وتقول نفس المصادر إن عملية الاستفزاز المقصودة لقوات الأمن عبر إغلاق الطرقات ومهاجمة رجال الشرطة تؤكد “الدوافع المشبوهة” التي حاولت دفع الأحداث إلى أقصى درجاتها بهدف إحداث فراغ وانفلات أمنيين. وتلفت المصادر إلى أن محافظة سيدي بوزيد تعد مركزا لنشاط عدد كبير من لوبيات التهريب، فضلا عن العناصر المتشددة أو بعض الخلايا التكفيرية التي قد تحاول استغلال الحدث خدمة لأجندات معينة. وتكشف المصادر أن إجراءات رئيس الحكومة يوسف الشاهد المتعلقة خاصة بالحرب على الفساد ومكافحة التهريب، والتي أدت إلى إسقاط عدد من كبار المهربين والمتورطين في قضايا فساد، أضرت بمصالح البعض من مراكز النفوذ التي تحاول استغلال أحداث عادية لتوظيفها سياسيا في مسعى يهدف إلى الضغط على الحكومة. وقال شكري حمادة المتحدث باسم نقابة قوات الأمن الداخلي في تونس، في تصريح لـ”العرب”، إن “استغلال الاحتقان الحاصل نتيجة جريمة قتل لمهاجمة قوات الأمن يبين بوضوح خطورة مخطط يستهدف إحراق البلاد” من بعض الأطراف. وأضاف حمادة أن مسار الأحداث كشف محاولة استدراج قوات الشرطة ودفعها للرد باستخدام الرصاص للدفاع عن نفسها، لتبرير التصعيد وتحميل للمنظومة الأمنية “التي أصبحت تدفع لوحدها فاتورة الفوضى”. واستنكر حمادة صمت الأطراف السياسية الفاعلة وهيئات المجتمع المدني تجاه “جريمة الاستهداف المتعمد لأعوان الأمن ومحاولة إحراقهم أحياء” داخل سيارتهم، ما يكشف نوايا إجرامية مبيتة للأطراف التي تقف وراء حقيقة إشاعة الفوضى وتستفيد من غياب إرادة سياسية قوية لمواجهتها. ولفت شكري حمادة إلى أن عدم تمتع العناصر الأمنية بأي ضمانات قانونية خلال أدائهم لمهامهم تسبب في عدم القدرة على استعمال الوسائل المتاحة لديهم لضبط الأوضاع والدفاع عن النفس وحفظ الأمن، مذكرا بأن من واجب السلطات في مثل هذه الظروف مزيد تفعيل أحكام قانون الطوارئ الساري وتطبيق النصوص التشريعية لحفظ الاستقرار والأمن. وفي وقت سابق، اتهم مسؤولون حكوميون في تونس أطرافا سياسية ورجال أعمال بالوقوف وراء الاحتجاجات الشعبية التي عاشتها مناطق داخلية. وقال المسؤولون إن لدى الحكومة إثباتات مؤكدة وموثقة حول وجود أطراف تقف وراء تأجيج الوضع من بينها أطراف سياسية تستعد لخوض الانتخابات الرئاسية. وقال مبروك كورشيد وزير الدولة المكلف بالشؤون العقارية، في تصريح إعلامي سابق، إن “البعض من المشاركين في أعمال عنف وتخريب ومواجهات مع قوات الأمن جرت في ولاية تطاوين (جنوب) ينتمون إلى شبكات فساد كبرى”. وتم بموجب قانون الطوارئ المطبق منذ أكثر من عام ونصف العام إلقاء القبض على رجال أعمال ومسؤولين كبار في الأمن والجمارك بتهم تتعلق بالفساد وتبييض الأموال والتهريب والتآمر على أمن الدولة.
مشاركة :