رحلة جيرترود إلى جزيرة العرب

  • 5/8/2023
  • 23:47
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

جيرترود بيل مستكشفة وعالمة آثار بريطانية عملت في المنطقة العربية في مطلع القرن الـ20.. عملت أولا في العراق مستشارة للمندوب السامي ولعبت دورا مهما في رسم مستقبل العراق السياسي. وكان العراقيون يلقبونها بــ "الخاتون" في حين كان السياسيون يعدونها الملكة غير المتوجة على العراق كونها أشرفت على تأسيس مجلس الدولة وتنصيب فيصل بن الحسين ملكا على البلاد. وقد ولدت جيرترود Gertrude Bell لعائلة إنجليزية ثرية في عام 1868 وعرفت منذ طفولتها بأعمالها الشجاعة وشخصيتها الجريئة. تخصصت في علم الآثار وتعلمت اللغة العربية بعدة لهجات.. وفور تخرجها من الجامعة قامت برحلات عديدة إلى آسيا والشرق الأوسط حتى فترة قليلة من وفاتها 1926. وبعد انتهاء عملها في العراق أبلغت لندن برغبتها في استكشاف جزيرة العرب والكتابة عن عادات القبائل فيها ــ رغم تحذيرها من أن تلك المناطق لا تخضع لسيطرة بريطانيا ولا أي قوة استعمارية أخرى. وفي كانون الأول (ديسمبر) 1913 بدأت جيرترود مهمتها بقطع الصحراء السورية واستكشاف المنطقة الشمالية "من السعودية". وقد سجلت دهشتها من الطبيعة الفريدة للمنطقة وكتبت في مذكراتها أنها كثيرا ما اعتقدت أنها دخلت إلى كوكب آخر، وأنها تعيش أجواء ألف ليلة وليلة.. والطريف أنها كتبت هذا بعد أن هوجمت من قطاع طرق لم يروا أوروبيا من قبل فاعتقدوا أنها مصابة بالبرص ــوتعترف أنهم كانوا كرماء معها لمجرد أنها امرأة..! وحين وصلت إلى حائل استقرت فيها لدراسة المنطقة وعادات أهلها والتقطت صورا قيمة تعطينا فكرة جيدة عن تلك الحقبة.. وقـد سجلت بدقة العادات الاجتماعية للناس وأخذت صورا لا تزال محفوظة في المتحف البريطاني من بينها صور لرعاة يسحبون المياه من البئر، وأخرى لرجال يوقدون النار تحت خيمة كبيرة تصلب نسيجها من شدة البرد!! غير أن القوات المحلية تنبهت لكتاباتها الكثيرة، وتصويرها لكل شيء تقريبا، فأسرتها وعاملتها كجاسوسة ولم تطلق سراحها إلا بعد أن تعهدت بالعودة للعراق وعدم استمرارها "جـنوبا" ــ وهذا ما حدث فعلا.. ورغم أنها لم تكن جاسوسة، كانت المعلومات التي جمعتها والخرائط التي رسمتها مفيدة "للورنس العرب" وللسياسة البريطانية التي استغلتها لاحقا لتحريض القبائل العربية على السلطات العثمانية في جزيرة العرب. ولأن التاريخ لا يكرر نفسه في السعودية، لم يبق من رحلة جيرترود إلا صور فوتوغرافية نادرة تحكي ماضيا جميلا..!

مشاركة :