حيدر بن عبدالرضا اللواتي haiderdawood@hotmail.com كان لي لقاء عابر مع بعض الصناعيين العُمانيين في جلسة خاصة، وقد أصبحوا يتذمرون اليوم من الإجراءات التي تطال مؤسساتهم، في غياب مبدأ الثواب والعقاب في العمل اليومي؛ نتيجة لغياب التنسيق بين مؤسسات الدولة فيما يتعلق بحقوق العاملين من العُمانيين. وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ربما تفهم جيدًا ما يطلُبه المستثمر الصناعي وما يُواجهه من مصاعب ومتاعب في عمله اليومي، من عدم التزام بعض العمال بالقيام بالأعمال الموكولة إليهم، إلّا أنها لا تستطيع البت في تلك القضايا نتيجة وجود مؤسسات أخرى تهتم بقضايا العمل والعمّال؛ الأمر الذي يؤدي إلى تراجع المستثمرين عن التوجه نحو الصناعة بالصورة المطلوبة. فهل كل عُماني أو وافد منتجٌ في عمله؟ وهل الجميع يلتزمون بالإنتاجية والجودة المطلوبة في الأداء؟ طرح المستثمر الصناعي تلك الأسئلة عليَّ طالبًا مني الإجابة، وأن أكون مُحقًا في الطرح بكل حيادية وواقعية في هذه المسألة التي سوف تؤثر على الكثير من القطاعات الاقتصادية المنتجة الأخرى في حال غياب مبدأ الثواب والعقاب في العمل. ويؤكد المستثمر أن سؤاله لا يعني عدم تقديره للعنصر العُماني في العمل اليومي، ولكن شعور العامل العُماني بأنَّه محميٌ في جميع الحالات يعني عدم إكثراثه وتقديره للعمل المطلوب أداؤه، من حيث ساعات العمل المطلوبة منه، أو الالتزام بالإنتاجية الجيدة والجودة في الأداء. وكما هو معروف، فإنَّ الثواب والعقاب في العمل هما طريقتان شائعتان لتحفيز الموظفين في مكان العمل والإنتاج؛ حيث إن المكافأة تعني منح تعزيز إيجابي للعامل وتشجيعه على اتباع السلوك المرغوب في العمل، في حين أن العقوبة تعني وقف السلوك السلبي وغير المرغوب لدى العامل وفهمه بضرورة العناية بالعمل والإنتاج وإتقان الجودة في نفس الوقت. ووفقًا لبعض الدراسات، فقد تبيّن أن المكافأة تكون أكثر فاعلية من العقوبة في زيادة إنتاجية العمل، وهذا ما تقوم به الكثير من المؤسسات العُمانية لتوفير الجو الملائم للعمل، وعدم إفساح مجال للعامل الوطني لترك عمله، خاصة إذا كان منتجًا وملتزمًا في الإنتاجية وتطوير العمل. وهناك الكثير من المؤسسات والشركات في السلطنة وغيرها من الدول الأخرى وجدت وبمرور الوقت بأن المكافآت غالبًا ما تعزز السلوك الإيجابي وتحفّز على الإنتاجية والاستمرار في العمل، في حين أن العقوبة تؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية وانخفاض الإنتاجية على المدى الطويل. المؤسسات العُمانية تعمل على تحفيز العمال، وخاصة العُمانيين منهم، باعتبار أن تواجدهم في أي مؤسسة وطنية هو حق مشروع لهم أولًا قبل الآخرين، ولكن هذا لا يعني عدم التزامهم بما يجب القيام به في الوقت المناسب، أو عدم الاكثرات بأصول المؤسسات والالتزام بساعات العمل المطلوبة منهم للأداء اليومي؛ فغياب تلك الأمور يؤدي إلى خفض إنتاجية المؤسسات وعدم وصول المنتجات إلى الجهات المطلوبة في الوقت المناسب؛ الأمر الذي يؤدي إلى تراجع عمليات البيع والإيرادات، وبالتالي إلى تراجع الأرباح السنوية وربما تسجيل خسائر لتلك المؤسسات، وهو ما يؤدي أيضًا إلى تأثر إدخارات المساهمين الصغار الحاملين لأسهم تلك المؤسسات. وأدى تطور الأعمال في المؤسسات في عصر العولمة اليوم إلى تحقيق الكثير من المستويات وبصورة أعلى في إطار من المنافسة التجارية؛ سواءً في قطاعات الصناعة أو الخدمات أو غيرها؛ فالكل في العالم يعمل بمبدأ الثواب والعقاب في العمل اليومي. ويتم تعديل تلك المبادئ مع تغير سلوك العاملين؛ الأمر الذي يتطلب من القائمين على المؤسسات العُمانية اتباعها أيضًا، في حين أن غياب العمل بها سيؤدي إلى خسارة المؤسسات وبالتالي توقفها عن الانتاج وتسريح العاملين لديها من العمّال سواء أكانوا منتجين أو غير منتجين. المؤسسات تعيش اليوم من خلال التخطيط والتنظيم والإدارة الواعية، ويتأثر نجاحها بالأداء الفردي للعاملين لديها؛ الأمر الذي يتطلب تحفيز معنويات الأشخاص المُنتجين وعقاب السيئين منهم وفقًا لقوانين العمل، وهذا ما يؤدي إلى المنافسة في العملية الإنتاجية والتزام الجميع بالأداء والتطوير والجودة والصرامة في الإنتاج.
مشاركة :