غباء الذكاء الاصطناعي

  • 5/9/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في حقيقة الأمر أن الذكاء الاصطناعي لا ينطوي على بُعد واحد، ولكنه بيئة منضبطة بتقنية عالية، وتنظيم متقن ومبهر، وتضم قدرات متنوِّعة لتخزين وحفظ ومعالجة المعلومات عبر استخدام العديد من الإجراءات والخوارزميات والتقنيات الفاعلة التي تنظم دوران المدخلات والمخرجات وتنفذ الكثير من المهام المختلفة.. سألته معلومات عني فمنحني شهرة لا أستحقها وجعل مني عالم فيزياء معروفا ولي مساهمات عالمية.. طلبته يكتب لي قصة عن ابني الشقي فكتب، وغيرت الاسم فكتب نفس القصة والمحتوى مع تغير الاسم.. اليوم يستشعر الكثير أن طفرة تقنية قادمة قريبا سوف يكون لها الأثر في تغيير أنماط وسلوكيات واتجاهات علمية وثقافية وذاتية لمواكبة هذه الطفرة التي قد يجدها البعض تلامس بعض الترفيات والرفاهية العلمية التي تسهل كثيرا من الغايات والتفاعلات، وتلبي احتياجات بسيطة بسرعة وإتقان وهذا ما قد يعتقده البسطاء الذين لا يدركون ماهيته. لا يخلو اليوم مجال من أثر تقنيات الذكاء الاصطناعي كالأمن السيبراني والتسويق والبحث والكتابة والهندسة والتصنيع والطب خصوصاً مع ما لها من القدرة على التنبؤ وتحديد الأنماط والتوجهات مع التدفق الهائل للبيانات الضخمة مما جعلها مناسبةً للتنبؤ، والتقدير، والتحليل، والتخطيط، والتصميم، والتحسين، ووضع الحلول، والابتكار كل ذلك عبر دمج تعلم الآلة والمفاهيم السلوكية والمهارات الإدراكية الحسِّية، والربط بين الأفكار، والتحكم الحركي لإحداث تفاعل يحاكي القدرة البشرية وأعظم وأسرع وأتقن من ذلك في كل قطاع وموضوع وتخصص ومجال. اليوم تحيطنا تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تقوم على تحسين مخرجاتها، مهاراتها، وفائدتها عبر مجموعةٍ كبيرةٍ من البيانات، وتتألف غالبية تلك الأنظمة من برامج تعلم الآلة ذات خوارزمياتٍ سلوكيةٍ متقدمةٍ نستخدمها اليوم في تطبيقاتٍ تقنية عدّة. أثار ذلك زخما كثيفا من الخيارات والتشابكات، وجعل العقول في حيرة طاغية خصوصا في ظل جهل البعض بالغايات والمتطلبات، وكذلك عدم الوعي بحقيقة التقييم لهذا المستجد الذي فرض طغيانه على التعاملات في مجالات شتى. حالة من الانبهار والانشغال الذهني والجدلي حول مستجدات الذكاء الاصطناعي نشّط النقاشاتِ الفلسفيةَ المتعلِّقة بطبيعة العقل والذكاء البشري وإمكانية محاكاة الآلة له فتجلت التحدِّيات الفلسفية والتكنولوجية ذات الصلة فدل ذلك على تقديرِ مدى روعة العقول كما تهاوت بعض الظنون على النفوس حول المخاوف المرتبطة بمستقبَل الذكاء الاصطناعي، وهل سيظل مُسخَّرًا لخدمة البشرية أم سيصير سببًا في تدميرها. في حقيقة الأمر أن الذكاء الاصطناعي لا ينطوي على بُعد واحد، ولكنه بيئة منضبطة بتقنية عالية، وتنظيم متقن ومبهر، وتضم قدرات متنوِّعة لتخزين وحفظ ومعالجة المعلومات عبر استخدام العديد من الإجراءات والخوارزميات والتقنيات الفاعلة التي تنظم دوران المدخلات والمخرجات وتنفذ الكثير من المهام المختلفة. ومؤكد أن هناك هدفين أساسيين للذكاء الاصطناعي أولهما تقني تتكفل به الأجهزة والحواسيب لإنجاز مهام مفيدة ينجزها العقل مع توظِّيف طُرق غير التي يستخدمها العقل تمامًا. والثاني علمي من خلال استخدام مفاهيم الذكاء الاصطناعي ونماذجه للمساعدة في الإجابة عن متطلبات الإنسان الاستفهامية والبحثية والمعلوماتية. الواقع يقودنا إلى ارتباك في الوعي بشأن مواكبة هذه المستجدات وعدم معرفتنا بالطرق الجديرة للتعاطي مع مستجد تطبيقات الذكاء الاصطناعي الذي صُنع ليسهّل على الإنسان كثيرا من أموره وشؤونه ومتطلباته الحياتية في كافة المجالات التي يمكنه الاستفادة منها، والتعامل مع هذه المستجدات طبيعي أن يقع مداه بين القبول والرفض، والمد والجزر، والإقدام والتلكؤ، والعلم والجهل. الإشكالية العظمى تكمن في تناقل وإشهار كثير من المؤثرين لهذا المستجد بأسلوب الترغيب والتبسيط والتأكيد على منافعه بسرعة، ومن يتابع في وسائل التواصل سيجد أن هناك توجها إشهاريا متسرعا في نشر وترويج كل تطبيق مستحدث لهذه الخاصية. هذا الاندفاع التسويقي والترويجي سواء كان مقصودا أو غير مقصود هو يخدم ويصب في مصلحة الشركات المطورة لهذه التقنية، ويجعل هذ التنافس المحموم ينعكس على تكثيف إنتاج مزيد من هذه التطبيقات بمختلف مستوياتها وسيختلط الرديء بالجيد، والغث بالسمين، والنافع والمضر. نحن في حالة تشخيصية متأنية نترقب خلالها حالات القبول أو الرفض للدول والجهات والمؤسسات والأفراد فمثل هذه التقنية تحمل في أغوارها خطورة كبيرة قد تؤثر على الحياة الطبيعية والتفاعلية والعلمية والأمنية وهي أهمها. فكرة التعاطي مع هذا المستجد لمعرفة ماهيته قد تكون مقبولة لمن يدرك ويستطيع الفصل والفرز والتفريق بين النافع والمضر.. هذه التقنية مثلا قد تفيد صد هجمات أمنية تقنية ولكنها في نفس الحال قد تبتكر أساليب هجوم واختراقات متطورة.. في أحد التطبيقات نشرت وسيلة إعلامية منع نمط من الأسئلة والمحادثات التي تطلب طلبات مؤذية، حيث طلب أحدهم فكرة تنفيذ جريمة لا يستطيع الأمن كشفها وهذا اتجاه جدير بالتعامل معه بحذر فما يخدمك قد يضرك وما تدافع به قد يهاجمك الآخر به وآفة التقنية هي التقنية كما رأينا في برامج الحماية تطورت برمجتها ولكن هناك من طور الفيروسات وهكذا. ويبقى القول: دوما تسحرنا المستجدات وتجعلنا في حالة من ارتياب والجدل الذاتي لذلك يتوجب علينا كأفراد أن نتنبه إلى مثل هذه التقنية ألا تكون بديلا عن قدراتنا ومشاعرنا مهما كان الأمر، كما علينا ألا نرمي همتنا وطموحنا وقدراتنا ونضعها في معتقل الذكاء المصطنع وهو في حقيقته مملوء بالغباء الفعلي ولا نعتقد أنه سيحل محل عقولنا بالقدر الذي نتمعن فيها ونتجلى بها. هذه التطبيقات يجب أن تعيننا على مزيد من الذكاء والفعل الإيجابي، وليس التذاكي وإهمال أنفسنا وقدراتنا العقلية. فدعوه لا يقودنا إلى الغباء.

مشاركة :