تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس متأثرة بارتفاع مفاجئ في مخزونات النفط الأمريكية أثار مخاوف من ضعف الطلب، لتنهي بذلك موجة صعود استمرت ثلاثة مخاوف من ضعف الطلب. وانخفض خام برنت 1.38 دولار، أو 1.8 في المائة، إلى 76.06 دولار للبرميل، كما تراجع خام غرب تكساس الوسيط 1.48 دولار، أو 2 في المائة، إلى 72.23 دولار. وفي إشارة محتملة إلى ضعف الطلب، ارتفعت مخزونات الخام الأمريكية بنحو ثلاثة ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في الخامس من مايو، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة. وكان محللون استطلعت آراؤهم قد توقعوا انخفاض المخزونات 900 ألف برميل يوميا، وفقا لـ"رويترز"، وتضافر الارتفاع المفاجئ للمخزونات الأمريكية مع تراجع واردات الخام وانخفاض نمو الصادرات الصينية في أبريل في تأجيج مخاوف الطلب العالمي على النفط. ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إن بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي لشهر أبريل سيكون لها تأثير واسع في أسعار النفط الخام، مشيرين إلى أن تقرير الوظائف الأمريكي الإيجابي في الأسبوع الماضي سيزيد من تهدئة رهانات البنك الفيدرالي على خفض سعر الفائدة على المدى القريب. وذكروا أن أنباء عن تباطؤ نمو الصادرات الصينية الإجمالية في أبريل يكبح المكاسب بينما تراجعت الواردات، ما أدى إلى زعزعة ثقة السوق في الطلب، مع قرار الولايات المتحدة بإلغاء البيع المفروض سابقا لنحو 140 مليون برميل والبدء في شراء الخام في وقت لاحق من هذا العام لإعادة ملء المخزن الاستراتيجي إلى وقف تدهور الأسعار. وفي هذا الإطار، يقول هيوريوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة إن العودة المرتقبة لملء الاحتياطي النفطي الأمريكي تعزز الطلب على النفط الخام كما بثت معنويات إيجابية في السوق، لافتا إلى تأكيد شركة "تي دي سيكورتيز" أن سعر النفط الحالي مناسب للولايات المتحدة لبدء إعادة تعبئة احتياطيها النفطي الاستراتيجي، ما يدعم توقعات ارتفاع أسعار النفط الخام رغم نمو رياح الركود الاقتصادي المعاكسة. وأشار إلى أن التجار يراقبون من كثب الأخبار حول موعد إعادة ملء الاحتياطيات الأمريكية التي تقف بالفعل عند أدنى مستوى لها منذ أربعة عقود، لافتا إلى تراجع أسعار النفط الخام بنحو 10 في المائة هذا العام حيث تفوق تأثير المخاوف بشأن التشديد النقدي للاحتياطي الفيدرالي واحتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة ونال من قوة السوق. ويرى، سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة أن بيانات الطلب ما زالت ملتبسة خاصة ما يتعلق بوتيرة تعافي الطلب الصيني رغم انتعاش حركة السفر واقتراب موسم القيادة في الولايات المتحدة ـ إذ دفع ذلك بنك "أوف أمريكا" بخفض توقعاته لخام برنت وسط توقعات أضعف للطلب العالمي كما ترددت أنباء عن قناعة بعض أعضاء أوبك بعدم الحاجة إلى تعميق تخفيضات الإنتاج بعد القيود التي بدأت هذا الشهر. ولفت إلى تقارير دولية ترى أنه في حالة الجمع بين إعادة تعبئة احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي واستمرار سياسة أوبك في خفض الانتاج وربما إضافة تخفيضات جديدة قد تدفع هذه العوامل معا أسعار النفط الخام قريبا إلى مستوى 90 دولارا للبرميل. أما مارتن جراف مدير شركة "إنرجي شتايرمارك" النمساوية للطاقة فيقول إن أسعار النفط الخام شهدت بداية صعودية في هذا الأسبوع بسبب تداعيات حرائق الغابات في كندا التي أدت إلى تعطيل الإمدادات النفطية بالتوازي مع تخطيط وزارة الطاقة الأمريكية إلى البدء في إعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي لكن في المقابل أعلن معهد البترول الأمريكي زيادة مفاجئة في المخزونات ما أدى إلى انخفاض الأسعار. وتوقعت الأسواق سابقا حدوث سحب من المخزونات وسط استمرار تقلبات الاسعار عقب ذلك حيث ينتظر المتداولون قراءة مؤشر أسعار المستهلك لشهر أبريل وستعطي دون شك مؤشرا على سياسة سعر الفائدة الأمريكية من جانب البنك الفيدرالي. ولفت إلى توقعات دولية تشير إلى أنه إذا ظل التضخم مرتفعا بعناد فإن ذلك سيعني مزيدا من الزيادات في الأسعار وهو ما يؤدي بدوره إلى الضغط على الطلب العالمي على النفط كما سيدفع الدولار الأمريكي للارتفاع ما يجعل النفط أكثر تكلفة مقابل العملات الأخرى. بدورها، تقول ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام إن أسعار النفط الخام عانت موجة هبوطية حادة في الربع الأول من العام الجاري لكن آفاق ومعنويات السوق ما زالت قوية وثابتة حيث يتمسك المحللون والبنوك بتوقعات ارتفاع أسعار النفط الخام في نهاية العام الجاري، مشيرة إلى أن بنك "جولدمان ساكس" على سبيل المثال يرجح أن يصل سعر خام برنت إلى 95 دولارا في ديسمبر المقبل ويرتفع إلى 100 دولار للبرميل العام المقبل. وذكرت أن المشاعر الهبوطية والخوف من ركود كبير يسيطران بشكل واسع على المضاربين لكن القطاع الأكبر من المحللين يدعم رؤية تقوم على أن أساسيات سوق النفط الخام جيدة وتشير إلى ارتفاع الأسعار في المدى القريب، مشيرة إلى أن المخاوف بشأن الطلب في حالة ركود محتمل وتجدد المخاوف من مزيد من الانهيارات المصرفية أدت إلى انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها منذ ديسمبر 2021 في منتصف الأسبوع الماضي. من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 76.31 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 76.54 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول انخفاض عقب ارتفاعات سابقة وإن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 78.58 دولار للبرميل.