غزة - صعدت إسرائيل من غاراتها في قطاع غزة بعد حديث عن تعثر المفاوضات غير المباشرة بينها وبين الفصائل الفلسطينية برعاية من مصر وقطر والامم المتحدة من اجل تحقيق تهدئة وسط مخاوف من توسع دائرة العنف. وقُتِل ثلاثة فلسطينيّين فجر الخميس بينهم قياديّ في سرايا القدس، الجناح المسلّح لحركة الجهاد الإسلامي، في غارة جوّية إسرائيليّة جنوب غزّة، ليرتفع بذلك إلى 25 قتيلًا على الأقلّ عدد الفلسطينيّين الذين قضوا منذ الثلاثاء جرّاء غارات إسرائيليّة. وقالت سرايا القدس في بيان إنّها "تنعى شهيدها القائد علي غالي عضو المجلس العسكري ومسؤول الوحدة الصاروخيّة في سرايا القدس الذي ارتقى في عمليّة اغتيال صهيونيّة غادرة فجر اليوم برفقة عدد من الشهداء الأبرار". وأكّد مصدر طبّي في غزّة مقتل غالي واثنين آخرين في غارة استهدفت شقّة سكنيّة في مدينة خان يونس وأسفرت عن إصابة آخرين. من جانبه، أكّد الجيش الإسرائيلي في بيان استهداف غالي في "عمليّة مشتركة لجيش الدفاع وجهاز الشاباك". وقال "شكّل علي غالي شخصيّة بارزة في التنظيم، وكان مسؤولا عن إدارة الوحدة الصاروخيّة، ولعب دورا مهما في توجيه وتنفيذ عمليّات إطلاق الصواريخ صوب إسرائيل بما في ذلك الرشقات الصاروخيّة الأخيرة". وشدّدت حركة الجهاد الإسلامي في بيان على أنّ "الاغتيالات الإسرائيليّة لن تمرّ مرور الكرام"، مضيفة أنّ "كلّ الخيارات مطروحة على طاولة المقاومة". وهذه أسوأ جولة عنف بين الجانبين منذ أشهر. والأربعاء، أُطلِقَ مزيد من الصواريخ من غزّة. وأكدت كتائب القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أنّ "المقاومة الفلسطينيّة تُواصِل ضرب المدن" الإسرائيلية. وبدا ذلك ردًّا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي كان صرّح قبل بضع دقائق "لا نزال في وسط الحملة" على الجهاد الإسلامي. من جهته قال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش "قلق جدا" ويودّ التأكّد "من عدم حصول تصعيد" إضافي. ودانت ألمانيا بـ"شدة" الهجمات الصاروخية الفلسطينية "العشوائية" ضد إسرائيل. ومنذ إطلاق أولى الصواريخ بعيد ظهر الأربعاء، دوت صفارات الإنذار في المناطق الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة وصولا إلى بئر السبع شرقا وتل أبيب شمالا. وقبل إطلاق الدفعة الأخيرة من الصواريخ، تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت عن "أكثر من 400" صاروخ أطلِقَت من غزة على إسرائيل، اعتُرض عدد كبير منها. وقال نتانياهو "لم يُصَب أي مدني إسرائيلي حتى الآن"، داعيا سكان المناطق المتاخمة لغزة إلى ملازمة الملاجئ، علما بأن بعض الصواريخ أحدث أضرارا مادية. في وقت سابق، تجددت الغارات الإسرائيلية على أهداف عدة خصوصا لحركة الجهاد الإسلامي في غزة، رغم تصريحات مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين عن جهود تبذلها القاهرة توصلا إلى اتفاق لوقف النار بين الجانبين. والأربعاء، أكدت بيانات متلاحقة لوزارة الصحة في غزة مقتل 22 شخصا في قصف جوي إسرائيلي على القطاع بينهم خمسة أطفال إضافة إلى ما لا يقل عن 50 إصابة. من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أنه "يقصف البنية التحتية لإطلاق الصواريخ لمنظمة الجهاد الإسلامي الإرهابية" في غزة، مشيرا إلى أن الضربات تستهدف مواقع في "الأجزاء الشمالية والجنوبية" من القطاع. وقال في بيان منفصل إنه "استهدف أكثر من 40 قاذفة صواريخ وقذيفة هاون تابعة لحركة الجهاد الإسلامي" مؤكدا مواصلته "العمل لحفظ أمن المدنيين الإسرائيليين". وأعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل سبعة أشخاص في الغارات الجوية الأربعاء ليضافوا إلى 15 فلسطينيا قضوا الثلاثاء في قصف إسرائيلي استهدف خصوصا ثلاثة قادة عسكريين في حركة الجهاد. وبحسب الجيش، طال القصف أشخاصا "كانوا في طريقهم إلى موقع إطلاق صواريخ في مدينة خان يونس" جنوب غزة. ثأر الأحرار وفي بيان، أطلقت الغرفة المشتركة لفصائل "المقاومة" الفلسطينية على العملية اسم "ثأر الأحرار"، مؤكدة أنها "رد على جريمة اغتيال قادة سرايا القدس" الثلاثاء. من جانبه، قال عبداللطيف القانوع المتحدث باسم حركة حماس المسيطرة على القطاع إن الضربات "جزء من عملية الرد على المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني". وأشار طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية إلى وجود اتصالات من أجل التهدئة. وقال النونو "تلقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس... اتصالات من الأخوة في مصر وقطر والأمم المتحدة بحث خلالها العدوان على قطاع غزة خلال الساعات الأخيرة وسبل التعامل معه". من جهته، أكد مصدر مصري "إجراء اتصالات عدة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي". وقال "دعت مصر إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين بشكل فوري". وأكد مصدران متطابقان في الجهاد الإسلامي وحماس لفرانس برس أن مصر أجرت اتصالات "مكثفة ومثمنة" مع الحركتين "وأبلغتنا أنها أجرت اتصالات مع الجانب الإسرائيلي وطلبت وقفا فوريا لإطلاق النار والعودة للهدوء. وحتى الآن لا يوجد اتفاق للتهدئة". من جانبه صرح مسؤول إسرائيلي فضل عدم كشف هويته بأن جهودا مصرية تبذل توصلا إلى اتفاق لوقف النار، مضيفا "سنجري تقييما للأوضاع بناء على الأفعال على أرض الواقع وليس على البيانات". وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في تصريحات متلفزة "تواصلت معنا مصر بخصوص التهدئة، هذا يأتي من جانب الجهاد الإسلامي، أعتقد أن السبب الذي يدفع الجهاد الى توسُّل التهدئة واضح". وفي اتصال مع نظيره الإسرائيلي تساحي هنغبي، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان ضرورة وقف التصعيد ومنع مزيد من الخسائر في الأرواح، وأشار إلى جهود الوساطة المصرية في تأمين وقف للنار، حسب بيان للبيت الأبيض. تصعيد وفي مستشفى الشفاء في غزة، وصل جثمان الطفلة ليان مدوخ (10 سنوات). ووضع جثمانها الذي لف بغطاء أبيض تلطخ بالدماء على حمّالة وتجمع حوله مواطنون كان أحدهم يبكي بحرقة. من جانبها، نعت كتائب "الشهيد أبو علي مصطفى"، الجناح العسكري لتنظيم الجبهة الشعبية الفلسطينية، أربعة من نشطائها. وذكرت الكتائب أسماء الأربعة وهم محمد أبو طعيمة وعلاء أبو طعيمة وأيمن صيدم وسمير عبدالعزيز. في غزة، أغلقت المتاجر أبوابها وبدت الشوارع شبه خالية. وقال منذر عبدالله "نحن قلقون ونعيش في توتر. ما حصل أمس مباغت... مجزرة غير متوقعة". في مدينة عسقلان قال الإسرائيلي شاحر بطبل (25 عاما) "مر يومان على نجاحهم (الفصائل الفلسطينية) في تعطيل روتين حياتنا وسلامتنا". أضاف "لدي مشاعر مختلطة... نواجه كثيرا من التصعيد الذي يجعل حياتنا متوترة ويزيد من ذلك عندما تطلق الصواريخ نحونا". هدأت الجبهة بين إسرائيل وغزة بعدما شهدت الأسبوع الماضي قصفا متبادلا أوقع قتيلا وخمسة جرحى في الجانب الفلسطيني وثلاثة جرحى في الجانب الإسرائيلي. وجاء بعد وفاة القيادي في حركة الجهاد خضر عدنان (45 عاماً) في سجن إسرائيلي نتيجة إضراب عن الطعام استمر نحو ثلاثة أشهر. وفي آب/أغسطس 2022، أدت اشتباكات مسلحة استمرت ثلاثة أيام بين إسرائيل والجهاد الإسلامي إلى مقتل 49 فلسطينيا، بينهم 12 من أعضاء الجهاد، وفقا للحركة، وما لا يقلّ عن 19 طفلا، وفق الأمم المتحدة. ومنذ مطلع كانون الثاني/يناير، قُتل أكثر من 125 فلسطينيا و19 إسرائيليا وأوكرانية وإيطالي في مواجهات وعمليات عسكرية وهجمات، حسب حصيلة تستند إلى مصادر رسمية إسرائيلية وفلسطينية. وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني، أما من الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى مدنيون بينهم قصّر وثلاثة أفراد من عرب إسرائيل. يأتي تجدد القصف بعد ساعات على قتل الجيش الإسرائيلي شابين فلسطينيين اتهمهما بإطلاق النار على جنوده في الضفة الغربية المحتلة، على ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي. وتحتل إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967.
مشاركة :