الإمارات وفرنسا.. شراكة راسخة ومستقبل واعد

  • 5/12/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مرحلة جديدة من التطور الشامل تشهدها حالياً العلاقات الإماراتية الفرنسية، مدفوعة برغبة مؤكدة لدى قيادتي البلدين في تعميق أوجه الشراكة الاستراتيجية بينهما في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية. وفي عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حققت العلاقات الإماراتية الفرنسية قفزة نوعية غير مسبوقة في ظل علاقة الصداقة القوية التي تجمع سموه بالرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون الذي يعتبر الإمارات حليفاً استراتيجياً لفرنسا في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يضع أساساً متيناً لمستقبل واعد في العلاقات بين البلدين. تعاون بعد شهرين من توليه رئاسة الدولة، وتحديداً في منتصف يوليو الماضي، زار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فرنسا في أول زيارة رسمية إلى الخارج بعد توليه الرئاسة، وخلالها وقعت الإمارات وفرنسا اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة حول التعاون في مجال الطاقة. وتهدف اتفاقية الشراكة الاستراتيجية إلى تحديد المشاريع الاستثمارية المشتركة في الإمارات أو فرنسا أو أي مكان آخر في العالم في مجالات الهيدروجين أو الطاقات المتجددة. وتعمل الاتفاقية على إنشاء إطار عمل مستقر طويل الأجل للتعاون بين الإمارات وفرنسا لتمهيد الطريق لعقود صناعية جديدة، وتحديد مشاريع الاستثمار المشتركة المستقبلية، وتشمل إنشاء صندوق ثنائي لتمويل المشاريع الخضراء. وعكست التصريحات المتبادلة لقيادتي الإمارات وفرنسا عمق العلاقات بين البلدين الحليفين فقد كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تدوينة على «تويتر» قائلاً: «فرنسا صديق وحليف استراتيجي لدولة الإمارات.. تميزت علاقاتنا التاريخية بالمواقف الثابتة والتعاون المثمر في العديد من المجالات، ماضون في تعزيز هذه العلاقات نحو آفاق أكثر تنوعاً ونمواً وازدهاراً». وكتب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في تغريدة عبر «تويتر»: «إن الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع دولة الإمارات ستسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين أكثر من أي وقت مضى». وكان البيان الإماراتي - الفرنسي المشترك الصادر في أعقاب زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى فرنسا، قد شدد على رغبة البلدين في مواصلة توسيع الشراكة الاقتصادية المتميزة بين البلدين، وذلك بناءً على الشراكة الاستثمارية الواعدة التي تم إطلاقها في ديسمبر 2021. كما شدد البيان المشترك على التزام الإمارات وفرنسا بصفتهما عضوين مؤسسين في التحالف الأمني الدولي منذ عام 2017، بمكافحة التطرف والجريمة العابرة للحدود، من خلال تبادل الخبرات ومواصلة تعزيز الجهود المشتركة مع بقية الدول الأعضاء. 12 اتفاقية وشهدت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى فرنسا، توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتنمية آفاقها في مختلف المجالات، من بينها خطاب نوايا بشأن منح الإذن لأفراد عائلات موظفي البعثات الدبلوماسية ووزارة الخارجية والتعاون الدولي لمزاولة العمل، وإعلان مشترك للتعاون بين الإمارات وفرنسا في مجال التعليم العالي، ومذكرة تفاهم بين وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ومجموعة أفنور للتعاون في مجال التقييس، ومذكرة تفاهم بين مكتب المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي والحكومة الفرنسية في مجال العمل المناخي. إلى جانب مذكرة تفاهم للتعاون بين معهد «باستير» ومركز أبوظبي للصحة العامة، وعقد تأسيس شركة «أن تي إنيرجيز» بين شركة تكنيب وشركة الإنشاءات البترولية الوطنية. وفي السياق نفسه، أعلنت شركة توتال إنرجيز الفرنسية توسعة تحالفها الاستراتيجي مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وتفقد مجالات جديدة منها إمداد فرنسا بوقود الديزل من الإمارات. وحظي قطاع الفضاء بنصيب كبير من مذكرات التفاهم الموقعة بين الإمارات وفرنسا خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى فرنسا، ومنها مذكرة تفاهم بين مركز محمد بن راشد للفضاء والمركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا حول تعاونهما في استكشاف القمر، وخطاب نوايا حول رصد الأرض بين مركز محمد بن راشد للفضاء والمركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية، وخطاب نوايا بشأن أنشطة رحلات الفضاء البشرية بين مركز محمد بن راشد للفضاء والمركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية. كما شهد العام الأول من رئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إطلاق مجلس الأعمال الإماراتي – الفرنسي الذي يهدف إلى فتح آفاق جديدة ورفع مستوى التعاون الثنائي في عدد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، ويُعتبر المجلس أحد أبرز القنوات المهمة لتوسيع التعاون البناء بين مجتمعات الأعمال في البلدين. مبادرة تعاون ثلاثية في فبراير الماضي، أسست الإمارات وفرنسا والهند مبادرة تعاون ثلاثي بينهم، ووضعت الدول الثلاث خريطة طريق لبدء تنفيذ المبادرة التي ستكون بمثابة منتدى لتعزيز ورسم وتنفيذ مشاريع التعاون في مجالات عدة، منها الطاقة، مع التركيز على الطاقة الشمسية والنووية، وكذلك مكافحة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي، لا سيما في منطقة المحيط الهندي. ومن المقرر أن تتحول المبادرة إلى منصة لتوسيع التعاون بين الوكالات الإنمائية في البلدان الثلاثة، في مجال المشاريع المستدامة، إضافة إلى تنظيم مجموعة من الفعاليات الثلاثية المشتركة في إطار رئاسة الهند لمجموعة العشرين، واستضافة الإمارات لمؤتمر الأطراف «كوب 28» خلال العام الجاري. وفي سياق المبادرة، تعمل الدول الثلاث على استكشاف إمكانية العمل مع رابطة حافة المحيط الهندي (IORA) لمتابعة مشاريع محددة وقابلة للتنفيذ بشأن الطاقة النظيفة، والبيئة، والتنوع البيولوجي. واتفقت الإمارات وفرنسا على توسيع تعاونها من خلال مبادرات مثل، تحالف القرم من أجل المناخ بقيادة الإمارات، وشراكة المتنزهات في المحيطين الهندي والهادئ بقيادة كل من الهند وفرنسا. مباحثات شهد العام الأول من رئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، العديد من المباحثات والمشاورات بين الإمارات وفرنسا، وفي إطار التشاور المستمر بين البلدين، بحث سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، مع وزيرة خارجية فرنسا، كاثرين كولونا، تعزيز الشراكة الاستراتيجية وتنمية آفاق التعاون في مختلف المجالات بين البلدين، وذلك خلال اللقاء الذي عقد بينهما في أبوظبي في فبراير الماضي. وخلال المباحثات، أكدت الإمارات وفرنسا استمرار التشاور والتنسيق الثنائي تجاه مختلف القضايا والملفات، وذلك من منطلق عمق العلاقات الإماراتية الفرنسية، وحرص قيادتي البلدين على تعزيز شراكتهما الاستراتيجية وتنمية آفاق التعاون في مختلف المجالات، بما يدعم أهدافهما التنموية ورؤيتهما لتحقيق الازدهار الاقتصادي المستدام. تحالف مؤثر وأوضح السفير ‬السيد أمين شلبي، مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية‮ أن الإمارات وفرنسا يمثلان محوراً وتحالفاً استراتيجياً مؤثراً في مسار العلاقات الإقليمية والدولية، وتجمعهما العديد من المواقف المتقاربة ووجهات النظر المتشابهة تجاه مختلف القضايا والملفات، وهو ما جعل الفرنسيون ينظرون إلى الإمارات باعتبارها شريكاً استراتيجياً مهماً في منطقة الشرق الأوسط.‬‬‬‬‬ وقال الدبلوماسي المصري لـ «الاتحاد» إن الزيارة الحالية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى فرنسا تأتي في إطار جهوده المستمرة لمد جسور التعاون والشراكة مع مختلف دول العالم، ومن بينها فرنسا، وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي، إضافة إلى التصدي إلى التحديات القائمة، ومعالجة الملفات الشائكة، إقليمياً ودولياً. وأشار مساعد وزير الخارجية المصري إلى أن المتابع لسياسة دولة الإمارات العربية خلال العام الأول من رئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يلمس تحركات نشطة ومهمة لبناء علاقات متعددة المجالات مع القوى الإقليمية والدولية. وتابع: زيارة صاحب السمو رئيس الدولة الحالية تنطوي على أهمية كبيرة، كونها في توقيت مهم، وترسخ مكانة ودور الإمارات في العلاقات الإقليمية والدولية. وذكر شلبي أن الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين الإمارات وفرنسا لا تتوقف على الجوانب السياسية والاقتصادية فحسب، وإنما تمتد لتشمل مختلف المجالات، لا سيما المجالات الثقافية والتعليمية والتكنولوجية، إضافة إلى التعاون المهم بين البلدين في مجال العمل المناخي. صداقة علاقات صداقة قوية جمعت صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهرت معالمها بشكل واضح في سلسلة اللقاءات التي جمعت بين الرئيسين منذ وصول الرئيس الفرنسي إلى سدة الحكم في عام 2017. وجاءت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى فرنسا في منتصف يوليو الماضي، تتويجاً لتعاون مشترك وصداقة قوية جمعته بالرئيس الفرنسي، فقد كانت الزيارة الثانية لسموه إلى باريس خلال 10 شهور بعد الزيارة التي أجراها في منتصف سبتمبر2021. ويُعد اللقاء الذي جرى في منتصف يوليو الماضي بين سموه والرئيس الفرنسي هو الرابع خلال الفترة نفسها، بعد لقائهما خلال زيارتين أجراهما ماكرون للإمارات، إحداهما في 3 ديسمبر 2021، والأخرى في 15 مايو 2022 لتقديم التعازي في وفاة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله. وكان اللقاء الذي جرى في الثالث من ديسمبر 2021 بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس ماكرون من أبرز اللقاءات الثنائية التي جمعت بين الصديقين قبل أن يتولى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة الدولة في 14 مايو الماضي، وجاء هذا اللقاء خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى الإمارات، وخلالها تم التوقيع على 13 اتفاق تعاون ومذكرة تفاهم بين البلدين. ووقتها، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تغريدة على «تويتر»: «سعدت باستقبال صديقي إيمانويل ماكرون، أجرينا مباحثات بناءة حول علاقات البلدين، وشهدنا توقيع اتفاقيات في العديد من المجالات، في إطار شراكتهما الاستراتيجية تمضي الإمارات وفرنسا نحو تعميق مصالحهما المشتركة، وترسيخ أسس السلام والاستقرار في المنطقة والعالم». وكانت الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط يزورها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بعد انتخابه رئيساً لفرنسا، وجاءت هذه الزيارة خلال يومي 8 و9 نوفمبر 2017، وخلالها شهد ماكرون افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، كما تم إطلاق عدد من المشاريع وتوقيع العديد من الاتفاقيات تعزيزاً لعلاقات التعاون والشراكة بين البلدين في مختلف المجالات. وجاءت زيارة ماكرون الأولى إلى الإمارات بعد أشهر قليلة من زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى فرنسا في يونيو 2017. كما قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة إلى فرنسا في 21 نوفمبر 2018 وقد صدر في ختامها بيان مشترك جددت فيه الإمارات وفرنسا التزامهما بتعزيز شراكتهما الاستراتيجية، ورغبتهما في تهيئة مناخ مزدهر ومستقر ومواصلة المشاورات بينهما. عناصر القوة أوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لوباتشيفسكي الروسية، الدكتور عمرو الديب، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات تحتل مكانة مهمة للغاية في السياسة الخارجية الفرنسية، والأمر نفسه، تحتل فرنسا مكانة مهمة في السياسة الخارجية الإماراتية، ومن هنا شهدت العاصمة الفرنسية باريس أول زيارة خارجية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بعد توليه رئاسة الدولة. وقال الخبير في العلاقات الدولية إن الزيارة التي أجراها صاحب السمو رئيس الدولة إلى فرنسا خلال يوليو الماضي مثلت لحظة مهمة للشراكة التاريخية التي تربط بين الإمارات وفرنسا، وهذا الاختيار لا يمكن اعتباره فقط مؤشراً على الصداقة القوية بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فحسب، بل يعكس أيضاً الإمكانات التي يراها سموه في مستقبل هذا التعاون الثنائي، لسببين مهمين، الأول اعتماد السياسة الخارجية الإماراتية على التنوع في العلاقات الخارجية وتعدد شركاؤها الاستراتيجيين في الشرق والغرب، والسبب الثاني أن الإمارات تؤمن بالقدرات الفرنسية الكبيرة. وأشار الدكتور الديب إلى أن التعاون الإماراتي الفرنسي له أهمية كبيرة للجمهورية الفرنسية لما تمتلكه الإمارات من عناصر القوة الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط، فالإمارات تمثل قوة عملاقة، كما أن الزيارة تأتي في وقت يمر به العالم بالعديد من الأحداث التاريخية. مواقف متقاربة أوضح المحلل السياسي الجزائري، والخبير في الشأن الفرنسي، توفيق قويدر، في تصريح لـ«الاتحاد» أن الصداقة التي تربط صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، انعكست بشكل إيجابي على تطور العلاقات الثنائية والاستراتيجية بين الإمارات وفرنسا، ويكفي الإشارة هنا إلى أن الرئيس الفرنسي كان أول زعيم غربي يزور الإمارات في مايو 2022 لتقديم واجب التعازي في وفاة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. وأشار المحلل السياسي الجزائري المقيم في فرنسا إلى أن هناك اتساقاً كبيراً في رؤية البلدين لكثير من الملفات، مثل أمن الطاقة، فيما يحرص البلدان على دعم الجهود الدولية المبذولة لمعالجة مختلف القضايا بشكل سلمي بعيداً عن النزاعات والتوترات. وقال الخبير في الشأن الفرنسي إن هناك تطوراً لافتاً تشهده العلاقات الإماراتية الفرنسية مع تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة الدولة، وفي ظل التقدير الكبير من قبل فرنسا للإمارات باعتبارها حليفاً موثوقاً فيه بالنسبة لأوروبا بصفة عامة، وباريس بصفة خاصة.

مشاركة :