احتفاء بالتمازج المعرفي بين العلم والأدب في العمل البحثي - د.فوزية أبو خالد

  • 2/18/2016
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

هذه كلمة قصيرة وإضافة طويلة على المستهل الذي كتبت به أحد أحلامي وهي تتحول من شرارة صغيرة إلى غابة ضوء شاسعة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في هذه الكلمة الراكضة التي أود أن أستهل بها هذا اللقاء المبارك لمناقشة أطروحة الطالبة تهاني حمودالشمري بعنوانها المستفز للمخيال الاجتماعي صورة المرأة بالمجتمع السعودي من خلال العمل الروائي النسوي/ الأعمال الروائية البحريات والوارفة نموذجا تطبيقيا..، لابد أن أنوه على عجل بمشروعية تعدد أساليب حضور المشرف على الأطروحة بحسب أنظمة الجامعات وموقف المشرف ورغبة الطالب. فهناك جامعات لا تطلب حضور المشرف لاجتماع المناقشة وهناك جامعات تترك الحرية للطالب والمشرف، وهناك من المشرفين من يحضر كمراقب فقط وهناك من يختار مثلي أن يستهل اللقاء، وإن عز عليه بعده وتعذر حضوره، بكلمة قصيرة أو إضاءة خاطفة في حق الطالب وفي حق العمل الذي استغرق إنتاجه عمرا من التحديات الصغيرة والصراعات المبطنة وأمل النصر المشترك في تحقيق التوازن بين معادلة الإشراف العلمي الموضوعي وبين حرية الفكر واستقلالية الطالب. وهذا يقودني مباشرة إلى النقطة الأولى لهذه الكلمة وهي تجربة الإشراف على أطروحة الطالبة تهاني الشمري. فقد تميزت التجربة بأجمل عنصرين من عناصر التعليم الأكاديمي المعاصر وهما التعليم بالبحث والاكتشاف والتعليم بالمشاركة. فخلف محيا تهاني الحيي السموح شخصية حالمة وحليمة في نفس الوقت. فهي صبية تحلم بعمل بحثي بكر وهي مستعدة لذلك بحلم وصبر لا ينفد. وهي في هذا وإن كانت ككل روح باحثة تستنكف الانقياد الاستسلامي والطاعة العمياء للمشرف الا أنها ككل طالب علم جاد لاتستكبر على التعلم والقبول على نقد الذات وليس فقط تقبل النقد لعملها. النقطة الثانية هي موضوع الأطروحة على المستوى النظري وعلى المستوى الميداني للبحث، فهذه الأطروحة تشرع بابا ظل باستثناءات قليلة مواربا في بحث سيسيولوجيا الأدب السعودي وفي بحث صورة المرأة بالمجتمع السعودي. فهي تنتخب عينة ميدانية من العمل الروائي النسوي لتكتشف صورة المرأة بالمجتمع السعودي التي عانت بحثيا من غياب فادح بسبب قصر النظر (بفتح القاف) إلى صورة النساء على زاوية تشريحية أي من زاوية الجسد وليس من زاوية التجسد الاجتماعي للصورة. وعلى رغم وجود عدد من بحوث النقد النسوي في مجال دراسات الأدب فقلما توجد دراسات توظف التنظير النسوي في الدراسات الاجتماعية. وقد شكل توظيف النقد النسوي الاجتماعي والنقد الأدبي النسوي أحد التحديات المنهجية للأطروحة. تحد آخر من تحديات هذه الأطروحة يتمثل في انحراف هذه الدراسة عن سابق عمد وإصرار وبعناد مشترك بين الطالبة والمشرفة عن استشراء الأساليب الكمية في فحص تربة الواقع الاجتماعي. فمع الاعتراف بأهمية الدراسات الاجتماعية الرقمية الا أنه لا يمكن باسم الموضوعية الميكانيكية أن تنعدم المغامرات البحثية الجادة للبحث النوعي. فعملية تفكيك الواقع الاجتماعي المركب الذي يرسم صورة المرأة بالأبيض والأسود أو بأطياف اللون أو باللالون لا يفي دائما للقيام بها، الاكتفاء بمعرفة أعداد النساء المتعلمات أو المعنفات أو الناجزات أو المطلقات. وهنا تأتي أهمية رد الاعتبار للتحليل الكيفي في الدراسات الاجتماعية، ولهذا كان إدخال تجربة الروائية أميمة الخميس ببعدها الإلهامي والمعاشي وليس فقط عملها الروائي في صلب منهج الأطروحة إضافة استكشافية في تحليل الواقع الاجتماعي الذي تمخضت عنه وتفاعلت معه الصورة المتعددة للمرأة بالمجتمع السعودي. وهي على كل حال صورة حيوية تخالف تلك الصورة النمطية الكسيرة التي رسمها الاستشراق والإعلام الغربي وساهمنا فيها عن المرأة العربية المسلمة عموما وعن المرأة السعودية خاصة. ولهذا اقترحت على تهاني عندما رأيتها قد كتبت كلمة «النهاية» في خاتمة رسالتها العلمية أن تستبدلها وتكتب كلمة «البداية»، ولا أدري ان كانت قد فعلت. تحية للدكتور طارق الريس والزميلات والزملاء وليس أخيرا وقفة اعتزاز بسعادة الدكتور طارق الريس عميد جامعة الملك سعود للدراسات العليا على حسه المسؤول تجاه هذه المناقشة بروح أكاديمية شفافة، وقد كان قدوة لتعامل حيوي يخالف عادة التحجر والتعسف الإداري المتبع غالبا في المواقع العليا، والشكر موصول للدكتورة مجيدة الناجم على أسلوب التيسير الذي تدير به القسم وشكرا جزيلا للدكتور عبدالمحسن السيف على روحه الرعائية في التعامل القيادي. أما الدكتورة سعاد المانع الرائدة السعودية في تخصص النقد النسوي فقراءتها ستكون إضافة نوعية على هذه الأطروحة. وكذلك تقدير عميق للزميل الدكتور عمر عبدالجبار بسعة أفقه وعلميته العالية مع شغفه الأدبي بما كان مكسبي هذا العام ولعمر يأتي. ويبقى دعاء حار للدكتورة السخية لطيفة العبداللطيف على تساند النساء ومساهمتها الغالية في الوقوف معنويا وإداريا لمناقشة هذه الأطروحة. شكرا للمبدعة أميمة الخميس على تعاونها اللامحدود مع الباحثة وكم أنا فخورة بأن ذات القامة الشاهقة والجديلة الطويلة والحبر البحري كانت يوما طالبتي في مقرر بعنوان علم اجتماع الأدب بقسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود. وشكرا لوالدة الطالبة تهاني تحديدا فقد كانت (السيدة عبرة الشمري) القائد القوي الأمين ذات الهمة التي تعهدت تهاني بالحب والحنان والحزم منذ كانت طفلة صغيرة لتصل اليوم إلى هذه المنصة. وبالتوفيق نكتب كلمة....... البداية ملاحظة غير ختامية تحية لزميلاتي بقسم الدراسات الاجتماعية أ.د. آمال عبدالرحيم، أ.د. هناء أمين أ.د. هدى حجازي أ.د. نجوى شرقاوي أ.د. فاتن عامر، أ.د. مرضية برديسي، أ.د. هيا المسلم وكل من صانني في غيابي مثل مايفعل في حضوري وحضر بروح مفعمة بالفضول المعرفي. وشكرا لطالبات الأمس اللواتي صرن زميلات اليوم محاضرات مشرئبات منتهى المحارب، وضحى الملاحي، أفنان الروابعة، عبير السفيران، سناء العتيبي، تهاني الجهني ولرندة المليفي تحية خاصة.الوفاء لزميلات العمر د.الجازي الشبيكي، د. عزيزة النعيم وأ. سلوى الفاضل ممن كن حاضرات كل بأسلوبها المميز وإن لم يحضرن. أما أ. أشواق المانع فكانت نافذة مضيئة وباقة شمس فُتحت لي لأطل على هذا الاجتماع العلمي المنعقد لمناقشة هذه الأطروحة. فقد طوعت التكنولوجيا ببساطة لتكون أجنحة معرفية تكيد لبعد الرحيل بحضور الفكر. لماذا نتقرفص وباستطاعتنا نطير هذا سؤال أوجهه لكل من لا يزال يخشى كسر الجدار الرابع للفصول الجامعية ويخاف من التحليق في فضاءات الكترونية وفضاءات من حرية الفكر... مع الأمل في مرات قادمة أن يتجاوز الدعم التقني والفني بالجامعة حيرته وتردده في هذا المجال فقد أصبح التواصل العلمي الإلكتروني جزءا عضويا من تركيبة العمل الاكاديمي لمد الجسور بين الكوادر الأكاديمية داخل الجامعات وخارجها، للتدريس ولعقد المؤتمرات وللجان المناقشة العلمية المسماة عادة بـ(Viva) مقترح تحويل الأطروحة إلى كتاب بقي أن أقترح على تهاني أن تحرص على طباعة هذه الرسالة لتكون كتابا ليس فقط ليسجل لها السبق كواحدة من أوائل دراسات علم اجتماع الأدب في التحليل الروائي السعودي من منظور نقدي نسوي ولكن أيضا لأن عملها يستحق أن يضاف إلى المكتبة العربية في هذا المجال من مجالات التحليل الاجتماعي للأدب. نداء للجامعة وهي مناسبة على أن نتمنى على جامعة الملك سعود أن تعمل على طباعة طيف من الدراسات الرائدة في مجالها العلمي أوفي موضوعها التحليلي ككتب تثري الساحة الثقافية خاصة في مجال الإنتاج العلمي لكلية الآداب. فبدل أن تظل تلك البحوث حبيسة رف الرسائل العلمية بمكتبة الجامعة لاتمتد لها يد الا فيما ندر، تخرج مثل هذه الأعمال إلى الناس عامة وتصبح ضوءا متداولا لكل عين تعشق النور. مقالات أخرى للكاتب صورة مع أوباما الطفولة في مهب الشتاء.. والضمير في مهب الحروب لقاء محمد بن سلمان ولي ولي العهد في الإكونمست احتفاء بمرحلة مهمة من عمر الوطن الموقف من إيران رؤية نقدية

مشاركة :