كتب الصحفي أليكسي غونتشاروف مقالا في "نوفوستي" تناول فيه الانفجار الضخم الذي طال منطقة خميلنيتسكي غرب أوكرانيا، حيث ضرب الجيش الروسي مستودع ذخيرة للقوات المسلحة الأوكرانية. جاء في المقال: إذا انفجرت قذائف اليورانيوم في خميلنيتسكي فإن أوروبا كلها مهددة بالتلوث الإشعاعي. تناولت شبكات التواصل الاجتماعي وقنوات "تليغرام" لقطات لأقوى الانفجارات في منطقة خميلنيتسكي غرب أوكرانيا، حيث ضرب الجيش الروسي مستودع ذخيرة للقوات المسلحة الأوكرانية. ووفقا لعدد من المصادر، فقد زاد مستوى الإشعاع بشكل حاد بعد الهجوم الصاروخي، فيما ظهرت رواية مفادها أن قذائف الدبابات التي تحتوي على اليورانيوم المنضب كانت مخزنة في هذا المستودع، ونتيجة لتفجيرها دخلت الجزيئات المشعة إلى الغلاف الجوي. في الوقت نفسه، فقد اهتم قليل من الناس بخريطة الرياح في هذه المنطقة، حيث يظهر أن الرياح هناك تهب غربا طوال الأسبوع، وهو ما يعني أنه إذا ما كان أمر التلوث الإشعاعي صحيحا، فلن تقتصر مناطق التلوث على غرب أوكرانيا فحسب، بل ستشمل أيضا جيرانها الأوروبيين، ولا سيما بولندا. وقد حذرت موسكو مرارا وتكرارا نظام كييف وأوروبا من مخاطر استخدام مثل هذه الأسلحة، إلا أنهم لم يستمعوا. والآن يخاطرون بجني الثمار المحزنة لخططهم العدوانية. لكن الرواية المتعلقة بتفجير قذائف اليورانيوم واحتراقها لم يتم تأكيده رسميا من قبل أي من الجانبين، لكن، وفي الوقت نفسه، ووفقا لمصادرنا في وزارة الدفاع الروسية، فقد تراكمت كمية كبيرة من الذخيرة لدبابات "ليوبارد-2" الألمانية وعربات قتال المشاة "برادلي" الأمريكية في مستودعات خميلنيتسكي لفترة طويلة، ومن الممكن أن تكون القذائف المحتوية على اليورانيوم المنضب هي الأخرى هناك. نتيجة لتأثير ذخيرة اليورانيوم المنضب، تتشكل سحابة ساخنة متحركة من جزيئات اليورانيوم 238 المجهرية، وهو ما يمكن أن يعرض الأشخاص المصابة بها لتطور أمراض خطيرة، حيث تتسبب الجزيئات المترسبة في الجهاز التنفسي العلوي والسفلي والرئتين والمريء في تطور الأورام الخبيثة، كما يؤدي تراكم غبار اليورانيوم في الكلى وأنسجة العظام والكبد إلى تغيّر في الأعضاء الداخلية. والنوع الرئيسي من أمراض الأورام للأشخاص المتأثرين بهذه الذخيرة هو سرطان الرئة. وجدير بالذكر ازدياد حالات الإصابة بالسرطان في العراق وبلدان مثل يوغوسلافيا السابقة على وجه التحديد نتيجة لاستخدام الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الذخائر في حربها هناك. والسمّية الكيميائية لليورانيوم المنضب ليست أقل خطورة على البشر من التربة، حيث أن مركبات اليورانيوم تشكل تهديدا للناس والحيوانات والمحاصيل لفترة طويلة إذا ما تمكنت من التربة وبقيت هناك. فهل وقعت في غرب أوكرانيا "تشيرنوبل الثانية"؟ يمكن أن يكون التأكيد غير المباشر لرواية تفجير الذخيرة التي تحتوي على يورانيوم منضب هو بيانات بعض بوابات المراقبة الأوكرانية، بما في ذلك SaveEcoBot، والتي أعلنت عن زيادة الخلفية الإشعاعية في منطقة خميلنيتسكي بعد الانفجار بشكل حاد (ما يقرب من 1.5 مرة)، فيما لاحظ عدد من المستخدمين أيضا أن الحرائق في المستودعات يتم إخمادها باستخدام روبوتات إطفاء يتم التحكم فيها عن بعد، على غرار تلك الآلات التي استخدمها اليابانيون يوما في محطة فوكوشيما للطاقة النووية. كذلك كثفت دوريات قياس الجرعات من أنشطتها في المدينة نفسها، وما زاد الطين بلة ما صرح به السياسي القومي والنائب السابق للبرلمان الأوكراني إيغور موسيشوك، الذي لفت الانتباه على وجه الخصوص إلى كيفية تكتم السلطات الأوكرانية بشكل منهجي على تفاصيل ما حدث. حيث قال موسيشوك أنه إذا ما كانت قذائف اليورانيوم المنضب بالفعل قد تم تخزينها في خميلنيتسكي، وهو ما لم يستبعده، فإن المنطقة ستصبح "تشيرنوبل الثانية". وحث النائب على ضرورة إبعاد الأطفال بشكل عاجل عن بؤرة التفجيرات. من جانبه، أفاد المحلل السياسي يوري كوت، في إشارة إلى معارفه من أوكرانيا، بأن سكان المناطق الغربية من البلاد يحزمون أغراضهم على وجه السرعة ويغادرون إلى أقصى حد ممكن بعيدا عن خميلنيتسكي ومن المدن الكبيرة الأخرى التي توجد بها وحدات عسكرية وورش إصلاح. والسكان المحليون، بحسب كوت، يهمسون بأن "المستودع المفجر في المدينة كان ممتلئا عن آخره بقذائف اليورانيوم المنضب". ويشير المتخصص الرائد في مركز الطقس "فوبوس" يفغيني تيشكوفيتس، وهو عقيد احتياطي، في تعليق له لوكالة "نوفوستي" إلى أنه إذا ما كانت هناك ذخيرة لليورانيوم المنضب في مستودعات خملينيتسكي، ومع مراعاة حالة الطقس، يمكن أن تنتشر الجسيمات المشعة إلى مناطق خميلنيتسكي وتيرنوبل وفولين ولفوف وجيتومر وكييف وتشيركاسي في أوكرانيا. إضافة إلى ذلك، وفقا له، وبعد 12-24 ساعة يمكن أن تصل جزيئات الإشعاع إلى أراضي بولندا (وارسو، زاموسك، لوبلين، كوزينس، بلوك، سيدلس، أوسرتوليكا، ملاوا، تورون، أولشتان، تشوجنيتسي، كوسزالين). ويتابع تيشكوفيتس: "اسمحوا لي أن أذكركم أنه في صربيا، التي تعرضت لقصف (الناتو)، لا تزال عواقب استخدام هذه الذخيرة تظهر. وكل عام، يتم تشخص مئات الأطفال بالسرطان، ومن بين كل 400 مريض كل عام، لا يمكن إنقاذ 60 شخصا"، وأضاف أن الوضع مشابه في العراق حيث بدأ الأطفال أيضا يعانون من أمراض غير معروفة ونادرة حتى الآن. وعلى الرغم من الذعر الخطير في أوساط التواصل الاجتماعي الأوكرانية، إلا أن سلطات كييف تلتزم الصمت الشديد بشأن ما حدث. وعلى الرغم من المسؤولية المباشرة التي تقع بالكامل على عاتقهم حال وقوع كارثة محتملة، وكذلك على عاتق من زودهم بقذائف اليورانيوم المنضب، إلا أن كل شيء واضح بالنسبة لنظام كييف: قادته مستعدون للقتال "حتى آخر أوكراني". ومع اقتراب الهزيمة النهائية، سوف يفرّون من البلاد بكل ما حققوه من "مكاسب" من نفس إمدادات تلك الأسلحة والقذائف. ولكن السؤال المطروح الآن هو "كيف ستتصرف أوروبا في هذا الوضع"، وهي التي أعطت أوكرانيا أخطر الأسلحة عالية السمية والمفترض أنها "للحماية"، والآن ووفقا لقانون الارتداد، يمكن أن تصبح هي نفسها ضحية لانعدام مسؤوليتها؟ قد يكون سؤالا إنشائيا إلى حد ما.. إلا أنه، وحينما يتوقف المستهلكون عن شراء التفاح البولندي بسبب الغبار المشع الذي استقر عليه، ويرتفع معدل الإصابة بالأورام بشكل حاد في نفس البلد، ربما حينئذ يثير "عامة الناس" أخيرا قضية الإجراءات المعادية لروسيا أمام حكوماتهم. ومن المحتمل حينها أن يفكر البولنديون مليا في العواقب المحتملة لبناء مصنع لإنتاج ذخيرة اليورانيوم المنضب لدبابات أبرامز، وهو ما أعلن عنه رئيس الوزراء البولندي مورافيتسكي مؤخرا. بشكل عام، لا ينبغي أن تقلق وارسو وحدها، فمن المحتمل أن مثل هذه الحوادث فقط هي التي يمكن أن تجبر الأطراف "الخضراء" الأوروبية على تفعيل الأجندة البيئية وإثارة قضية زيادة إمداد أوكرانيا بقذائف اليورانيوم المنضب. حتى الآن، فأوروبا شأنها في ذلك شأن نظام كييف، صامتة. إلا أن ذلك قد لا يستمر طويلا. المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب تابعوا RT على
مشاركة :