الوثاق ـ عنيزة يبقى حب التراث عالقاً في نفوس الكثير من معاصري الجيل السابق، ولم يندثر هذا الارث الذي تعايش معه ابائنا واجدادنا، بالرغم من الطفرات الاقتصادية والثقافية والعمرانية التي مرت بها بلادنا، وتبقى العلاقة العاطفية حاضرة بقوة لدى من استهواه إعادة أصالة الماضي لواجهة الحاضر، ولغرس المبادئ والتقاليد والبساطة التي كانوا عليها في ذلك الحين للأجيال القادمة، هي رسالة للأبناء، وواجهة حضارية وسياحية للمحافظة بحسب رأي أحد هواة التراث بمحافظة عنيزة ومتبني فكرة إعادة تأهيل أحد المنازل “القديمة” ليكون مزاراً سياحياً بمنطقة القصيم، دون أن يكون لذلك تخطيط مسبق، ويتحول أسمه لـ “بيت الصالحي التراثي” و يروي فهد الصالحي “للوثاق” فكرة بداية إعادة تأهيل هذا المنزل وترميمه، ويقول: “الفكرة كانت حاضرة لدي من فترة بعيدة، لحبي وعشقي للحياة التي كنا عليها قبل الطفرة الاقتصادية التي تشهدها مملكتنا الحبيبة، وما لحقه من تطور هائل وفي وقت قياسي للبنى التحتية والمباني والشوارع واتساع المدن، فالجيل الحالي أو الاجيال القادمة هم بحاجة لمعرفة التراث والأصالة التي كان عليها ابائنا واجدادنا قبل اكتشاف النفط، لم أكن في بداية الأمر أتوقع أن يتحول هذا المنزل لمزار سياحي في المنطقة، وكانت الفكرة عندما اشتريت المنزل بـ250 ألف ريال سعودي ليكون “استراحة” لي وللعائلة وبقية الزملاء بعد ترميمه، غير أن الاقبال الهائل الذي وجدته من بعض الاقارب والاصدقاء، لزيارة المنزل بشكل دائم، لإعجابهم بالتصميم والمقتنيات القديمة التي يصعب أن توجد في ماكن أخر” وأضاف: “مع ازدياد حجم الزوار يوماً بعد أخر، ومطالبة الكثير من سكان المحافظة أن يكون هذا المنزل التراثي مزاراً سياحي في المنطقة، قررت فتح الابواب لكل من اراد اكتشاف حياة الماضي بكافة جوانبها مع الشرح المفصل” وشدد الصالحي أن هدفه من هذا المنزل بعيد عن الجوانب المادية، مؤكداً أنه لم يكن ينوي أن تكون الزيارة برسوم دخول كما هو الحال لبعض المواقع السياحية، وقال: ” لم يكن في الحسبان أن يكون هذا المشروع استثماري، والهدف من ذلك خدمة الوطن، والمنطقة، وكل هذا قليل بحق “عنيزة” فهي قدمة لنا الكثير، ولابد من المحافظة على العادات والتقاليد. وعن المسميات القديمة لأرجاء المنزل، والتكاليف والمدة الزمنية التي استغرقها وقت التنفيذ لإعادة تأهيل هذا المنزل “الطيني” للواجهة من جديد، يقول الصالحي: “كان تركيزي منصب في البداية على أعمال الترميم للمنزل الذي يحتوي على ثلاث غرف في الطابق الأرضي هي “المجلس” وهو مكان تجمع الرجال في المنزل، و “المعشاء” مكان تقديم الطعام، في المقابل هناك “القبه” وتسمى حالياً “الصالة” وهذي غالباً ما تكون لجلوس النساء، بالإضافة للمطبخ، و “الخلوة” وهذي غرفة تكون تحت الأرض، شبيهه بـ “القبو” وتكون دافئة في فصل الشتاء بينما تصبح باردة في فصل الصيف، كما يوجد “الليوان” وهذا هو فناء المنزل الوحيد، وفي الطابق الثاني هناك ثلاث غرف تسمى “الروشن” وهي خاصة بالنوم، بينما هناك “طاية” و “منفوح” وتسمى الان سطح المنزل، و”المنفوح” مخصص للنوم في فصل الصيف وينام فيه أغلب افراد الاسرة، أما المدة الزمنية فلم تتجاوز عام، بفضل الخبرة التي امتلكها في المساكن الطينية، والتكاليف في مجملها تجاوزت المليون ريال” ولم يخفِ الصالحي سعادته وهو يستقبل الاتصالات من المدارس والمؤسسات الحكومية والخاصة لطب زيارة هذا المنزل، وكان دئماً يرحب بالجميع، إذ عين في هذا المنزل شخص مسئول عن الحجوزات وأخر يهتم في ضيافة الزوار، الذين يتوافدون من الساعة السادسة صباحاً وحتى العاشرة مساءً، ويخصص للزيارة الرسمية من ساعتين لثلاث ساعات وخصوصاً عندما تكون زيارة نسائية من المدارس أو أحد الجمعيات الخيرية، كما يقدم الصالحي لضيوفه القهوة والشاي والتمر القصيمي على مدار الساعة، وذلك داخل “القهوة” ويسمى حالياً المجلس، إذ يجتمع بشكل يومي جميع اصدقائه وبعض كبار السن في هذا المجلس، ويتخلل ذلك مأدبة عشاء في المناسبات يتم طهيها على طريقة الأجداد، وغالباً ما تكون “جريش” أو “قرصان” أو “مطازيز” أو “كبسة”. لكنه لم يكتفي بهذا وحسب، بل بحث عن السيارات القديمة أو ما تسمى “الكلاسيكية” واشترى “باص” و “فورد” موديل 1961 ليكمل الصورة الحقيقية التي لم يشاهدها الكثير منا، ويعيد الزمن للوراء، ويكون هذا المسكن الطيني، من المعالم السياحية بمحافظة عنيزة. أخبار ذات صلة
مشاركة :