بعد صلاة الجمعة وقف أبو خميس أمام المصلين وقال يا جماعة الخير يوم الخميس المقبل زواج خميس من جمعة ابنة عمه والله يحييكم جميعا. رددوا بصوت واحد «الله يعينك باليسر». على مضض قدم العريس من المدينة التي يعمل بها. ما له نفس كونه معجبا بفتاة متمدنة ومثقفة وتحضر معه بعض اللقاءات الدورية في جمع من النخبة مطلع فترة الحداثة المشوهة ويرغب الاقتران بها. كان يردد مع صديقه سائق الشاحنة (ما لي هوى ما اشتهي ما ريد، ما لي هوى فالهوى كله). أفهمه السائق المخضرم (أبوخفسة) أن عليه احترام رغبة والده. وتقدير التزام عمه بكلمته طيلة سنوات دراسته في الخارج وعودته بالشهادة العالية. قال خميس: أخاف أن أظلمها وأشعر أنها أختي. ردّ عليه أبو خفسة (الخيرة فيما اختار الله. وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم). تسامعت القرى بخبر الزواج وتداعى الأصدقاء والمحبون والشعراء من القرى المجاورة. ثلاث ليال والزير يحن والدفوف يتردد صداها في جنبات الوادي. والشاعر الفطن قرأ ملامح خميس فقال في اللعب (لي صاحب كان من قدام ولعون ولعون، واليوم لو كان يتعب خاطره ما اتعب آنا). قضى العروسان ليالي محدودة ثم انطلقا إلى المدينة. كانت جمعة لبقة وبما أنها حصلت على الشهادة الابتدائية صممت على إتمام دراستها. وبما أن ابن عمها شفّه هيّن فيها فقد اعتنت بمشروعها الدراسي حتى أتمت ثانوية معهد المعلمات. كان خميس مشغولا طيلة الوقت بضرورة تقديمها إلى مجتمعه المثقف إلا أنها رفضت التعايش مع هذا المجتمع وعادت إلى منزل أبيها وتعينت معلمة. فقدت القرية الثقة في خميس المثقف. وكان كلما خرج عليهم على التلفزيون ينطلق رذاذ من بين شفاه عدة ويلتصق بالشاشة. علمي وسلامتكم.
مشاركة :