أُعلن فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية يوم الأحد، ليواصل البقاء في المنصب الأعلى في البلاد لمدة خمس سنوات أخرى. وأعيد انتخاب أردوغان بعد حصوله على 52.14 في المائة من الأصوات في جولة الإعادة وفقا للنتائج الأولية، حسبما قال رئيس المجلس الأعلى للانتخابات أحمد ينر للصحفيين في العاصمة أنقرة في وقت متأخر من الأحد. وقال ينر إن منافسه كمال كيليجدار أوغلو، 74 عاما، حصل على 47.86 في المائة من الأصوات، مضيفا أنه تم فتح 196744 صندوق اقتراع، أو ما يعادل 99.43 في المائة من اجمالي الصناديق. --سباق محموم ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن أردوغان قوله لمؤيديه المبتهجين من فوق حافلة في منطقته في اسطنبول "لقد أكملنا الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لصالح أمتنا". وأدى الفشل في تحقيق فائز صريح في الجولة الأولى في 14 مايو إلى دخول البلاد في جولة إعادة رئاسية هي الأولى على الإطلاق. وواجه أردوغان البالغ من العمر 69 عاما، والذي لم يخسر أبدا انتخابات ويوجد في السلطة منذ عام 2003، هذه المرة معارضة موحدة وقوية أكثر من أي وقت مضى. وتعهد كيليجدار أوغلو، المدعوم من تكتل من أحزاب معارضة، بإعادة تركيا إلى ديمقراطية برلمانية ذات ضوابط وتوازنات قوية. وكان أداء أردوغان أفضل مما توقعته استطلاعات الرأي، حيث حصل على 49.52 في المائة من الأصوات بينما حصل كيليجدار أوغلو على 44.88 في المائة في الجولة الأولى في 14 مايو. وفي الأسبوعين الماضيين، ركز المرشحان على جذب الأصوات القومية في حملتيهما. وتعهد كلاهما بمعالجة المشاكل المتعلقة بقضايا اللاجئين، وتعهدا بالقضاء على الإرهاب حيث أظهرت نتائج جولة 14 مايو زيادة في الدعم للأحزاب القومية. وكان أردوغان يعد بـ "قرن تركي" جديد إذا أعيد انتخابه، كما شدد على أن رئاسته تعد شرطا للتناغم بين مؤسسات الدولة ولاستقرار البلاد في ضوء حصول تحالفه على الأغلبية في مجلس النواب. --سياسة اقتصادية مثيرة للجدل شدد الرئيس في مناسبات عدة قبل الانتخابات على أنه سيواصل سياسته غير التقليدية المتمثلة في خفض أسعار الفائدة لمكافحة التضخم المرتفع إذا أعيد انتخابه. وعلى الرغم من ارتفاع معدل التضخم السنوي في تركيا إلى أعلى مستوى له في 24 عاما في أكتوبر الماضي بعد ارتفاعه لمدة 17 شهرا، يصر أردوغان على أن خفض أسعار الفائدة هي الطريقة الصحيحة لانتشال البلاد من المشاكل الاقتصادية الحالية، مثل الانخفاض الحاد في قيمة العملة التركية الليرة وارتفاع تكاليف المعيشة. وتفاقمت هذه المشاكل بعد الزلازل المدمرة التي ضربت جنوب البلاد في أوائل فبراير، والتي أودت بحياة أكثر من 50 ألف شخص وتركت عشرات الآلاف من الأشخاص بلا مأوى. وعلى الرغم من ارتفاع معدل التضخم والصعوبات التي تواجه الأسر، يعتقد بعض الخبراء أن الآفاق الاقتصادية على المدى الطويل في تركيا واعدة. وكتب بلال باجيس، الخبير الاقتصادي والباحث بجامعة سابانجي باسطنبول، في مقال نُشر الأسبوع الماضي في ((صباح ديلي))، "الشركات التركية تزدهر. وعلى الرغم من التضخم وتقلبات أسعار الصرف، نما الاقتصاد بنسبة 11.4 بالمائة في عام 2021 وحقق نموا بنسبة 5.6 بالمائة أخرى في عام 2022". وأضاف أن "تركيا أنشأت اقتصادا أكثر مرونة واستقلالية" تحت قيادة أردوغان. --سياسة أجنبية حازمة وبالإضافة إلى التمسك بسياسته الاقتصادية، رجح الخبراء أن يحافظ أردوغان على سياسته الخارجية الحازمة بينما ينخرط في عملية توازن دقيقة بين الغرب والشرق. وتحت قيادته، عززت تركيا حضورها في الشؤون الإقليمية على الرغم من الخلافات مع الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الغربيين بشأن قضايا مثل الصراع في سوريا والتقارب مع روسيا. ومنذ العام الماضي، حققت أنقرة أيضا مصالحات تاريخية مع منافسين رئيسيين، إسرائيل والمملكة العربية السعودية. وقد عززت هذه التحركات زخم المصالحة في الشرق الأوسط، مما أسهم في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة المضطربة. وقال باتو كوسكون، محلل المخاطر السياسية المستقل المقيم في أنقرة، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة أجرتها معه الأخيرة مؤخرا: "فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، لا أتوقع تحولا كبيرا عن السياسة الخارجية السابقة قبل بدء الدورة الانتخابية". وبحسب كوسكون، فإن إحدى أولويات الدبلوماسية التركية بعد إعادة انتخاب أردوغان ستكون الضغط من أجل المصالحة مع جارتها سوريا بعد أكثر من عقد من العلاقات المجمدة. وقال محللون إن أنقرة ستواصل في المستقبل الحفاظ على علاقات سياسية ومالية وثيقة مع روسيا على الرغم من انتقادات حلفائها الغربيين. وأكد كوسكون على أنه "من غير المرجح أن يتغير موقف تركيا بشأن روسيا. ستستمر تركيا في التعامل مع موسكو و (فلاديمير) بوتين على الصعيدين المالي والسياسي والاستراتيجي". وشاطره الرأي كريم هاس، محلل الشؤون الروسية والأوروبية المقيم في موسكو، بشأن العلاقات مع روسيا، مؤكدا أن موسكو، التي تخضع لعقوبات غربية، تحتاج إلى "أنبوب تنفس" اقتصادي عبر تركيا، وهي دولة ذات أهمية حيوية بالنسبة للمصالح الروسية. وأضاف أن التوازن التركي ظهر في الصراع بين روسيا وأوكرانيا. فقط برزت أنقرة كوسيط بين الطرفين، حيث سهلت تبادل الأسرى ومبادرة حبوب البحر الأسود ومحادثات السلام في بداية الصراع.
مشاركة :