النقد الرياضي نشاط فكري يعمل على تحليل وتفسير وشرح وتمييز المعطيات الحاضرة ومن ثم الحكم عليها ويمكن القول إنه التمييز بين الجيد والرديء والسلبي والإيجابي والواقع والمفترض وقد يتجه البعض إلى أنه إظهار الانتقاص والعيوب ويقتصر على ذلك وهذا يخل بآلية الفحص والدقة ويؤدي إلى التجهيل وعدم القدرة على التفريق وقصور النظر عن بقع الضوء ونقاط العتمة أمامنا وهنا سيتحول إلى ناقم وليس ناقدا. ولا شك أن استنباط بعض الرؤى، واستنتاج أفكار متفاوتة، واستخلاص عناصر المفروض وتبيان سمات المرفوض وظيفة رئيسة لتعزيز النقد الرياضي العادل، وفي واقع الأمر فإن مجال الإعلام الرياضي بمناشطه وحراكه وتداوله وصخبه يتحمل الثقل المركزي في تقديمه للحياة الرياضية بصفة كبيرة لأنه المسار الوحيد الذي يقود إلى استيعاب الحدث الرياضي بأدواته المتخصصة والتي يمارسها المنتمون لهذا المجال على افتراض المهنية، والموضوعية، والشمولية، والموثوقية، والمصداقية وفي ظل حتمية المصير بين الإعلام الرياضي والحراك الرياضي ومتغيراته ومستجداته المتسارعة فإن النقد الرياضي يرتبط بشكل عضوي بتجويد المحتوى الرياضي المرئي والمنشور والمسموع والمقروء لإحداث التقييم والتقويم المناسبين. وخلال الموسم الرياضي تكثر البرامج الرياضية التي تركز على جلب وجمع عدد من النقد الرياضيين من الإعلاميين أو المنتسبين في القطاع الرياضي سابقا أو حاليا أو القانونيين وغيرهم لكي يقدموا وجبات نقدية مفترضة تعلق على الأحداث والمستجدات الرياضية اليومية. وتتراوح وتتباين وتتفاوت تلك البرامج في عدة أمور منها الشكل والمضمون والاتجاه ونوعية الضيوف وأساليب التقديم وأهداف البرنامج ثم يحدث نوعا من التنافس المتوقع في كسب المتلقي، وجذب المشاهد للحصول على متابعة ومشاهدات أكثر لأجل الظفر بالإعلانات والرعايات. ويختلف النقاد في تلك البرامج فهم يتشكلون من فئات مختلفة فهناك المبتدئون سواء كانوا كبارا أو صغارا فهم الذين لم يدرسوا النقد ولم يتمرسوا في العمل النقدي فيكون طرحهم بسيطا وسطحيا لأنه يقوم على الاختيار الانتقائي للأراء وتشابك الأفكار وتجدهم ينغمسون في الحديث الإنشائي، والحكايات العابرة، والتعليقات الطائشة، وترديد الساخر من القول. ومنهم المتعصبون الذين يتلبسون بالتحيز والميول ليقودهم طرحهم إلى إظهار العيوب فيمن يكرهونه ويكرسون النقائص فيه، وإبراز الخصال المميزة فيمن يميلون له ويتغافلون عن الأخطاء، ويكون لديهم ثبات صلب مستمر ولا يتغيرون مهما كانت النتائج. ومنهم المزاجيون وهم نوع من المتعصبيين الذين ليس لديهم ثبات فكري، بل يتقلبون في أطروحاتهم بحسب الهوى والانتصار للذات فيظهرون بالنقص ما يخالف اتجاهاتهم حتى لو كان صحيحا، ويعززون ما يوافق غاياتهم وميولهم حتى لو كان خطأ. ثم الموضوعيون وهم من يطبق القواعد العامة وأدوات النقد المعروفة فيحكّمون عقولهم وثقافتهم وذوقهم ولا يستسلمون لميولهم الخاصة ولا يتقلب منهم أحد، وهؤلاء قد يكونون قلة في الوسط الرياضي لكنهم هم من يثري المشهد النقدي. يعتقد البعض أن النقد هو أن تحكي أكثر ولا يهتمون بحضور المعطيات لدرجة قبول البعض بالحكم على الغائب، أو غير المعروف بل ويجد بعضهم أن الخبرة الصحفية والإعلامية المهنية يمكن أن تصنع ناقدا محترفا وفيلسوفا ناضجا وهذا في مجمله خطأ كبيرا حيث الملاحظ في كثير من الأطروحات هي أحاديث تعليق على مجريات الأحداث الرياضية ويقل النشاط النقدي المنهجي وقد يعود السبب أحيانا إلى طبيعة بعض البرامج وغاياتها وأهدافها وعدم مبالاتها بالحضور النقدي الرصين لدرجة أن بعض مقدمين البرامج أن الطرح الواعي والمحتوى الراشد والنقد الهادف لا يأتي بمتابعين ولا مشاهدين، وأن الخروج عن المألوف يحصد الإشهار والانتشار. مما صنع انطباعا سلبيا لدى المتلقي على إثر هذه السيادة العقلية المتمايلة فيبقى الكثير غير راضين عن اللغة والمفردات والأفكار الغريبة المطروحة والكلام المجرور. حينما تريد أن تعرف الصورة النمطية الحالية للناقد الرياضي ستجد أن الكثير لا يفرق بينه وبين المشجع الذي تتحكم ميوله في آرائه. علينا أن نبتعد عن تسطيح قيمة النقد بأدوات المعرفة والوعي المعروفة ، وندرك جليا أن النقد الرياضي يسهم في تحسين جودة العمل الرياضي وتقديم الاثراء اللازم للحالات المعنية بالنقد ، ويعزز الشفافية والمصداقية، ويحفز على تكريس المنافسة الصحية. ويبقى القول: تبقى المعضلة في فلسفة النقد الرياضي أننا نصور أحكامنا النقدية على مجريات الأحداث دون الاستناد إلى المعطيات بعين بصيرة بل قد نجد ما يغرينا على الظن بأن فكرتنا متاحة مادمنا نعبّر عنها دون تردد وحساب لشعورنا أنه كاف بحد ذاته لإشباع حاجاتنا العاطفية لذا فعلينا أن نستشعر بمسؤولية وأمانة حقيقة وقيمة النقد الرياضي فإنه يساعد في تطوير الرياضة ومتطلباته وتحسين مستواها، ويساهم في تعزيز الثقافة الرياضية وإثراء المعرفة الرياضية لدى الجمهور.
مشاركة :