لا بد أن نعرف أن هناك فَرقًا شاسعًا بين النقد وجَلْد الذات.. بين نقد من أجل التصحيح ونقد ينتهي للتجريح.. بين ناقد يهدف للعلاج وآخر يزيد من الداء.. فشتان بين هذا وذاك. منذ أشهر ونحن نتغنى ليل نهار بأهمية دعم المنتخب السعودي، والوقوف خلفه، وأن هذا واجب وطني؛ لا بد أن نمارسه، وأن نؤجل الحديث إلى ما بعد مشاركتنا في كأس العالم؛ إذ يأتي وقت التصحيح. ولكن – للأسف - مع أول كبوة للمنتخب بدأت سهام النقد تنطلق من كل جانب، ونسينا أننا ما زلنا في خضم البطولة، وأن منتخبنا لا يزال لديه مباراتان مهمتان، لا تقلان أهمية عن المباراة الأولى.. وبدأ البعض في تشويه كل شيء.. لاعبين وجهازًا فنيًّا وإداريًّا وبرنامج إعداد.. وبدأنا عملية جَلْد الذات في كل اتجاه، وكأن هذه الخسارة نهاية كرة القدم السعودية، ونحن الذين كنا بالأمس نمتدح كل ذلك.. بداية من التعاقد مع المدرب، إلى البرنامج الإعدادي، وصولاً لنتائج المباريات الودية، وقبلها اختيارات اللاعبين.. وفجأة اختفى كل ذلك. لا أقول اليوم إنه لا يحق لنا النقد، ولا أقول لا نغضب؛ بل علينا أن نمارس هذا، ولكن تلك الممارسة لا بد أن تكون مسؤولة في إطار المصلحة العامة؛ فنحن نتحدث عن منتخب وطني، لا يزال في قلب المشاركة؛ ويحتاج إلى أن نقف معه، ونؤازره في كل حالاته ونتائجه.. وإذا أردنا النقد فعلينا أن نختار الطريقة المناسبة التي تُسهم في تعزيز الثقة، وعلاج ما يمكن علاجه لتصحيح الأخطاء بعيدًا عن التجريح وإلقاء التهم يمينًا ويسارًا تحت بند الوطنية أو الشفافية أو المصداقية، وغيرها من المصطلحات. لا أشك لوهلة أن جميع اللاعبين يبحثون عن صناعة مجد لهم في هذا المحفل، ويبذلون الجهد من أجل مشاركة مشرفة لوطنهم؛ فليس هناك تعمد ولا تقصير، ولكنه حظ وتوفيق من الله. عندما أشاهد قيادتنا تهتم بالرياضة فكرًا وصناعة واقتصادًا وثقافة، وأرى الدعم اللامحدود من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لشباب هذا الوطن ورياضته، فعلينا أن نعلم أن الرياضة ليست كرة قدم، ومشروع التغيير لا يزال في بداياته؛ ويحتاج لدورته؛ ليكتمل عقده.. ويكفي أننا اليوم خطونا خطواتنا الأولى نحو صناعة رياضية مختلفة في كل قطاعاتها وألعابها، منها كرة القدم؛ لذا علينا اليوم أن نكون أكثر تفاؤلاً، وأكثر حكمة، وأوسع نظرة؛ فليس من الحكمة أن "نبكي على اللبن المسكوب"، بل علينا أن نشمر سواعدنا نحو مستقبل مأمول، نجتهد قولاً وعملاً لتحقيقه في ظل دعم لم تحظَ به الرياضة منذ عقود من الزمن، وفي مرحلة يقف فيها وطني على أعتاب مرحلة جديدة، تصنع بتحول ورؤية بقيادة شاب ملهم، يسابق الزمن، طموحه عنان السماء؛ لتكون السعودية أولاً في كل شأن.
مشاركة :