منذ 1992م البداية التاريخية للسلسلة الدرامية السعودية الشهيرة طاش ما طاش وحتى 2016 مع سيلفي2 الجزء الثاني من العمل المكمل لهذه السلسلة، تغير كل شيء إلا المشاهد السعودي، تجده وبكل صراحة على نفس الرتم منذ ولادة طاش!. فرغم فقر السعودية درامياً، إلا أن عودة هذه الحياة ولو لفترة مؤقتة مع النجم ناصر القصبي وزملائه النجوم، بثت مزيداً من الوعي الدرامي والاستفادة من الدراما في النقد وتغيير أنماط الحياة أحياناً، ولكن من متابعتي المستمرة وجدت أن المشاهد السعودي يتعامل مع هذه الأعمال عاطفياً ولفترة مؤقتة، والأطرف من ذلك أنه بإمكانه أن يحصر السلبيات ويصرح بها، قبل توقفه عند الإيجابيات. فرغم تطور وسائل تفاعل المشاهد مع الدراما كفن راقٍ ومهم، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، إلا أنك تفاجأ بأن التفكير لم يتغير منذ أكثر من عشرين عاماً، عندما كانت الوسائل محدودة كرسالة على الفاكس لإحدى الصحف من مشاهد ونقده لطاش وغيره من الأعمال المحلية خصوصاً. من حق المشاهد أن يلبس لباس الناقد الفني، وتشاهد الكثيرين يحللون الأمور بمقاييس متنوعة، ويتدخلون في كثير من الأحيان فنياً، كاستمرارية لتحوله قبل رمضان المبارك من النقد الرياضي إلى النقد الفني كمتابعة موسمية لما يحدث، فالبعض يعتبر مثلاً أنه حقق نجاحاً كبيراً بتتبع حساب لممثل سعودي شارك بدور عن التسامح ونبذ الطائفية في سيلفي2، وقدم دوراً تمثيلياً مميزاً، فهنا نحن أمام نجاح للعمل الدرامي وليس إسقاطاً عليه كما يفكر هذا المشاهد وغيره، فتغيير قناعة هذا الممثل ومشاركته بعمل وطني هام، هي بالعنوان العريض، تراجع شجاع ومهم عن أي أفكار أو تغريدات تناولها هذا الممثل تحت تأثير الطائفية التي ابتلينا بها مؤخراً بشكل تم استغلاله لمحاولة قتل وطن وليس فقط ضد طائفة معينة. وأنا هنا أختلف مع النجم القطري غانم السليطي عندما تحدث ببرنامج الشريان الرمضاني، وانتقد بطريقة دبلوماسية سيلفي لأنه دخل بموضوع الطائفية، فإذا لم يكن للدراما دور حيوي وهام بمعالجة وفتح جراح المشاكل والهموم داخل المجتمع، فلن تكون مؤثرة وستكون منسية وبدون قيمة. الدراما السعودية في تجاوزها المحظورات تجاوزت ما يعرف بالخط الأحمر، ونجحت منذ سنوات في استشراف المستقبل، ولكن لأنها تقدم عبر وجبات فقيرة ومحدودة لم تساهم بتوعية المشاهد ورفع ذائقته الفنية، فالبعض لا يفرق بين رأيه في انتقاد لاعب أو حكم وبين آداء فكرة مهمة لممثل قدير، وهذه معاناة الكثير من نجومنا بالدراما مع المشاهدين، وتفاجأت أنها زادت بشكل مرعب خلال هذا العام، وهذا يجعلنا نطالب بتكثيف الأعمال الدرامية السعودية ودعمها، لكي يكون هناك مناخ وحراك يساهم في التوعية وإيصال الأفكار ومن ثم انعكاس ذلك طبيعي على المجتمع.
مشاركة :