«النقد الدولي»: دول «التعاون» قادرة على الحدّ من تأثير تراجع النفط في النمو

  • 2/23/2016
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

أكدت وزارة المالية أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تمر بمرحلة تحوّل مهمة في اتجاه تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل. ونبّهت الوزارة خلال فعاليات المنتدى الأول للمالية العامة والنمو في الدول العربية، الذي انطلق في أبوظبي، أمس، إلى أن الاندماج والتكامل مع الاقتصاد العالمي، يجب أن يأتي في إطار فهمٍ متعمّق للهياكل الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، بما لها من خصوصيّة. بدوره، رأى صندوق النقد الدولي أن دول مجلس التعاون الخليجي في وضع يمكّنها من التكيف والحد من تأثير تراجع النفط في النمو، لافتاً إلى أن اقتصادات دول الشرق الأوسط تحتاج إلى تعزيز الأطر المالية، وإعادة هندسة نظم ضريبية، لتقليل الاعتماد على النفط، وزيادة مصادر إيرادات غير نفطية. إنجازات إماراتية ضريبة القيمة المضافة قال وزير الشؤون المالية العّماني درويش بن إسماعيل البلوشي، إن هناك اتفاقاً مبدئياً لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في دول مجلس التعاون الخليجي، بحلول عام 2018، لافتاً إلى أنه لاتزال هناك دراسات في هذا الصدد.وأوضح أنه قد تكون هناك تعديلات حتى حلول عام 2018، إلا إن الـ5% هي النسبة التي نعمل عليها حالياً. وتفصيلاً، أشار وزير الدولة للشؤون المالية عبيد حميد الطاير، في كلمة افتتح بها أعمال المنتدى الأول للمالية العامة والنمو في الدول العربية، إلى ما حققته الإمارات من إنجازات مهمة في مجال تعزيز المالية العامة، وزيادة كفاءة الإنفاق والتخطيط المالي، خصوصاً في اعتمادها نهجاً يدعم تنافسية الدولة ومؤسساتها، ما يعزز النمو المستدام. وأضاف أن الإمارات تبنت مجموعة سياسات وإجراءات، مثل تبني إطار المالية العامة متوسط المدى، والميزانية الصفرية، وتحرير أسعار الوقود، إضافة إلى إعداد مجموعة مشروعات قوانين تصب في هذا الاتجاه. أوضح الطاير أن نظرة على محاور المنتدى، تبرز بوضوح مدى أهميّة القضايا المطروحة من منظور استراتيجي، مؤكداً أهميّة وجود سياسات أو حلول اقتصاديّة مبنيّة على نماذج تناسب الهياكل الاقتصادية لدول المنطقة على وجه التحديد، للقناعة بعدم وجود حل واحد يناسب الجميع، لافتاً إلى أن المتغيرات الاقتصادية لا تعمل بمعزل عن المتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية، ولذلك، لابد من الفهم العميق لقضايا المنطقة الاقتصادية على هذا الأساس، كما لابد من تطوير نماذج اقتصادية جديدة، حسب هذه الرؤية. وأفاد بأن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تمر بمرحلة تحوّل مهمة في اتجاه تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، مشدداً على أهمية عدم ربط المدى الاستراتيجي للتحوّل بمتغيّر طارئ، إذ مرّت المنطقة بدورات متعاقبة من انخفاض أسعار النفط وارتفاعه، أثبتت فيها اقتصادات المنطقة مرونتها وسلامة أسسها. وتابع الطاير: نؤكد أهميّة الالتزام بالمعايير الدولية، وتبنّي أفضل الممارسات، لتحقيق مزيد من الاندماج والتكامل مع الاقتصاد العالمي، إلا أننا نؤمن أنه يجب أن يأتي في إطار فهمٍ متعمّق للهياكل الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة بما لها من خصوصيّة، وذلك لتطوير سياسات ملائمة تعزز التنافسية ولا تحد منها، وتراعي المفهوم النسبي للعدالة عند مختلف المجتمعات، ولا تُدْخِلُ الدول في تعقيدات الالتزام بتعريفات لم تحظَ للآن بإجماع نظري أو عملي، إذ لاتزال الفروقات واضحةً في الاقتصادات المتقدّمة والناشئة والنامية على حدٍّ سواء. ضرائب وإيرادات من جانبها، قالت المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، إن المنتدى يأتي في وقت حاسم لهذه المنطقة وللعديد من الدول، التي أعلت من أهمية القضايا المالية لتأتي في سلم أولوياتها، مشيرة إلى أن ملف الضرائب أصبح الأكثر أهمية على أجندتها المالية. وأَضافت أن التحدي الذي يواجه الحكومات هو القدرة على توليد الإيرادات الحكومية المرتفعة، بما يسمح لها بتلبية الاحتياجات، وتوفير السلع والخدمات، لافتة إلى أن هناك العديد من الدول بحاجة ملحّة إلى مصادر لتوليد إيرادات. وتابعت: أصبح على الدول المصدرة للنفط، على سبيل المثال، التعايش والتكيف مع واقع جديد، بسبب تراجعات أسعار النفط، ولذلك، فإنها تحتاج إلى توليد إيرادات من مصادر أخرى، وكذلك الحال بالنسبة للاقتصادات النامية التي تحتاج إلى عائدات محلية كعنصر مهم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، أما الاقتصادات المتقدمة، خصوصاً في أوروبا، فإنها تحتاج إلى العائدات المالية المرتفعة لتعزيز الانتعاش الاقتصادي والاستقرار المالي. وذكرت لاغارد أن العنصر الثاني المهم لتحقيق ايرادات، يأتي من الضرائب الدولية، إذ يتعين على الحكومات تعبئة الموارد من الاقتصاد المعولم، بمعنى الوصول إلى نظام ضريبي يضمن مساهمة الشركات متعددة الجنسية، والأفراد الأثرياء، بحصة ضريبية عادلة للخزانة العامة لتحقيق الصالح العام. وأكدت أن توفير مصادر إضافية للإيرادات، من شأنه أن يمنح الحكومات مرونة أكثر وقدرة على الإنفاق على البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم، لافتة إلى أن إيجاد مصادر مضمونة للإيرادات يساعد على تجنب التقلبات في الإنفاق العام، ويحمي السياسة النقدية من التقلبات الدورية. وأكدت لاغارد أهمية هذا الأمر، خصوصاً للدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط، التي تضررت بشدة جراء الهبوط الأخير في الأسعار، كاشفة أن تلك الدول فقدت أكثر من 340 مليار دولار من عائدات النفط، ما يشكل نحو 20% من ناتجها المحلي الإجمالي مجتمعة. ورأت أن هناك عوامل العرض والطلب، التي ترجح أن تظل أسعار النفط منخفضة لفترة ممتدة، ما يعني أن جميع البلدان المصدرة للنفط ستضطر إلى ضبط الإنفاق وتخفيضه، وزيادة الإيرادات. ولفتت إلى أن احتياجات التكيف المالي تختلف من بلد إلى آخر، إلا أنه يمكن القول إن دول مجلس التعاون الخليجي في وضع يمكّنها من التكيف والحد من تأثير تراجع النفط على النمو، مشيرة إلى أن اقتصادات دول الشرق الأوسط تحتاج إلى تعزيز الأطر المالية، وإعادة هندسة نظم ضريبية لتقليل الاعتماد على النفط وزيادة مصادر إيرادات غير نفطية. وأكدت أن من شأن ذلك تعزيز النمو، وتوفير فرص عمل، والمساعدة على الحفاظ على القدرة في تحمل الديون وتعزيز الصمود. تحديات كبيرة بدوره، أكد المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، في كلمه أمام المنتدى أهمية المضي في الإصلاحات في ما يخص السياسات المالية بالدول العربية. وقال: تواجه الاقتصادات العربية تحديات كبيرة، ففضلاً عن تواصل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتراجع توقعات وآفاق النمو، تأتي التطورات الداخلية والإقليمية، وانخفاض الأسعار العالمية للنفط والسلع الأساسية، لتزيد من التحديات، في الوقت الذي تحتاج فيه منطقتنا العربية، كما تعلمون، لرفع معدلات النمو إلى نحو 5 إلى 6% سنوياً، كي تتمكن من تحقيق خفض ملموس لمعدلات البطالة، لاسيما في أوساط الشباب. المركزي: تراجع الودائع الحكومة لا يؤثر في سيولة البنوك قلل مساعد محافظ المصرف المركزي لشؤون السياسة النقديّة والاستقرار المالي، سيف بن هادف الشامسي، من تأثير تراجع رصيد الودائع الحكومية في ودائع البنوك أو سيولتها، مؤكداً أنها لا تشكل سوى نسبة بسيطة من إجمالي الودائع المصرفية. وأضاف في تصريحات صحافية على هامش المنتدى، أن المهم هو ودائع القطاع الخاص التي تشهد زيادة مطردة. وأوضح الشامسي أن مستويات السيولة في القطاع المصرفي الإماراتي مريحة، مشيراً إلى أن الرصيد الحالي لشهادات الإيداع يعكس توافراً جيداً للسيولة. وأكد أن المصرف المركزي يحرص على تنويع استثماراته على أسس استراتيجية مدروسة لضمان جودتها العالية، كاشفاً عن أن ممتلكاته من السبائك الذهبية تبلغ حالياً نحو 7.5 أطنان. وأشار إلى أن قيام المصرف المركزي بتكوين أصول من الذهب مجدداً في هذه المرحلة، جاء في إطار سياساته لتنويع استثماراته، والاستفادة من الانخفاض القياسي في أسعار الذهب خلال العام الماضي. وذكر أن الدولار يستحوذ على الحصة الكبرى من الاستثمارات الأجنبية للمصرف المركزي، مشدداً على التزام الإمارات بسياسة ربط سعر الصرف للدرهم بالدولار، التي استفاد الاقتصاد الوطني منها بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية. وتوقع الشامسي أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة على الدولار في الولايات المتحدة خلال مارس المقبل، مؤكداً عدم وجود أي تغييرات في ما يخص السياسة النقدية التي يتبعها المركزي. وقال إن المركزي يعكف حالياً على وضع حزمة متكاملة من الأنظمة للرقابة المصرفية وإدارة السيولة وإدارة المخاطر في البنوك العاملة بالدولة، بما يتماشى مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية. وسائل زيادة الإيرادات قال وكيل وزارة المالية المساعد لشؤون العلاقات المالية الدولية خالد البستاني، في تصريحات صحافية على هامش المنتدى، إن منطقة الشرق الأوسط تواجه تحديات على رأسها تراجع أسعار النفط بالنسبة للدول المصدرة والمستوردة، لافتاً إلى أن الإمارات عمدت إلى تنويع مصادر الدخل بها، وتقليل الاعتماد على النفط. وأضاف أن الإمارات قامت بالعديد من السياسات المالية، التي تضمن تنويع مصادر الدخل لكن المرحلة المقبلة، تتطلب ابتكارات جديدة في هذا الصدد. وأوضح أن هناك العديد من الوسائل التي يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار، عند وضع برامج الإصلاح المالي، منها ما ذكرته مديرة صندوق النقد الدولي، والمتثمل في ضبط النفقات وزيادة الإيرادات، لافتاً إلى أن إحدى وسائل زيادة الإيرادات تطوير الأنظمة الضريبية. وشدد على أهمية وجود تنسيق جماعي عند دراسة أي نظم ضريبية.

مشاركة :